مجتمع مدني

الثلاثاء - 21 أكتوبر 2025 - الساعة 10:40 م بتوقيت اليمن ،،،

السفير/ أحمد جابر



مرَّ عامٌ على رحيل الاخ والصديق العزيز العميد نصر شايف سعيد ، غير أن ذكراه ما زالت نابضةً في القلوب، حاضرةً في الذاكرة بكل ما حمله من نُبلٍ وإنسانيةٍ وصدقٍ نادر، عامٌ مضى وكأنّ رحيله كان بالأمس القريب، فما زال وجهه الهادئ وصوته المفعم بالسكينة يلوح في الذاكرة كصوتٍ لا يُنسى.

أتذكّره يوم زرته في المستشفى العسكري بالقاهرة، يقاوم المرض بابتسامةٍ صامدة وإيمانٍ عميق بقضاء الله وقدره، قال لي بصوتٍ خافتٍ ومفعمٍ باليقين: “قد تكون هذه الزيارة الأخيرة يا صديقي.” كانت تلك الجملة كخنجرٍ ناعمٍ ترك أثره في القلب، لكنها في الوقت ذاته كانت عنوانًا لرضا رجلٍ مؤمنٍ اختار أن يواجه مصيره بثباتٍ نادر وشجاعةٍ لا تُوصَف.

كان نصر شايف رجلًا مختلفًا في كل شيء، صادقًا في عمله، نزيهًا في مواقفه، ناعمًا في حضوره، وقويًا في مبادئه، لم يكن يطلب الأضواء ولا يسعى خلف المناصب، بل آمن أن العطاء الحقيقي هو ما يُقدَّم بصمتٍ وإخلاص، كان مدرسةً في الوفاء، وقدوةً في التواضع، ومرآةً تعكس أسمى معاني الإنسانية.

في حياته، كان زميلًا صادقًا وصديقًا لا يتكرّر، يجمع من حوله بالمحبة ويمنح الجميع من وقته وكلماته ما يزرع فيهم الطمأنينة، كان يملك قدرة فريدة على احتواء الآخرين، وتخفيف آلامهم بكلمةٍ طيبة أو ابتسامةٍ حانية. ترك أثره في كل من عرفه، وأصبح اسمه مرادفًا للصدق والنقاء.

رحيله لم يكن خسارةً لشخصٍ فحسب، بل خسارةً لقيمةٍ إنسانيةٍ وأخلاقيةٍ نادرةٍ في زمنٍ يزدحم بالتغيّرات والمصالح، ومع مرور الأيام، يزداد حضور نصر شايف قوةً في الوجدان، وكأنّ الزمن يُعيده إلينا كلما استذكرنا موقفًا نبيلاً أو كلمةً حكيمة قالها في يومٍ من الأيام.

وفي الذكرى الأولى لرحيله، نستعيد سيرته العطرة بكل فخرٍ واعتزاز، ونستمد منها الدروس في الوفاء والعمل الصادق، سيظل نصر شايف رمزًا للخلق الرفيع والإنسانية المتوهجة، وواحدًا من أولئك الذين لا يغيبون وإن غاب جسدهم.

رحم الله العميد نصر شايف، وأسكنه فسيح جناته، وجزاه عن زملائه ومحبيه خير الجزاء. سيبقى اسمه خالدًا في الذاكرة، وحضوره شاهدًا على أن بعض الرجال لا يموتون، بل يعيشون في قلوب من أحبّوهم إلى الأبد.

السفير/ أحمد جابر
نيابةً عن زملاء وأصدقاء الفقيد الراحل العميد نصر شايف سعيد