أخبار اليمن

السبت - 02 أغسطس 2025 - الساعة 09:19 م بتوقيت اليمن ،،،

يعقوب السفياني


في كل دول العالم اللي تعيش أزمات اقتصادية، تلعب المجموعات التجارية الكبرى دورًا محوريًا في امتصاص الصدمات لا في تعميقها. وفي اليمن، تظل مجموعة هائل سعيد أنعم وشركاه العمود الفقري للأمن الغذائي، كونها تسيطر على النسبة الأكبر من واردات القمح والدقيق والزيوت والحليب، وهو ما يجعل خطابها للسوق والناس أشد تأثيرًا من أي جهة أخرى.

البيان الأخير للمجموعة – مهما كانت دوافعه – حمل رسالة سلبية في توقيت شديد الحساسية. فبينما يسعى البنك المركزي والحكومة لخلق حالة ثقة تدعم استقرار العملة، جاء هذا البيان ليُشعر الشارع بأن الأسعار ستظل في يد التجار، وأن أي تحسن في سعر الصرف لن ينعكس على معيشة الناس. مثل هذه الرسائل، حتى لو كانت بحسن نية، تكفي لإرباك السوق وفتح الباب أمام موجة جديدة من المضاربة على العملة.

لا أحد ينكر أن التكاليف المرتفعة والمخاطر اللوجستية هي تحديات حقيقية، وأن القطاع الخاص ليس مؤسسة خيرية (مع أنه يتصرف كذلك أحيانًا عند الاستيراد). لكن هذه المعطيات تحتاج إلى معالجة مسؤولة في صياغة المواقف العامة. فالمستهلك اليمني الذي يعاني يوميًا من التضخم وانهيار الخدمات، ينتظر من الكيانات الكبرى أن تكون عامل توازن وطمأنة، لا أن تُطلق بيانات توحي بالعجز الكامل أمام الناس.

كما أن الحديث عن التزام باقي التجار بخفض الأسعار يفقد معناه إذا لم تبدأ المجموعة الأكبر بنفسها، فالغالبية العظمى من السلع الأساسية تأتي عبر شركاتها، ولا يمكن لسوق مشتت أن يفرض واقعًا مغايرًا في ظل هيمنتها. وعليه، فإن أي مبادرة للتخفيف عن المواطنين تبدأ من قناعة وقرارات هذه المجموعة أولًا.

إن بلدنا اليوم في مرحلة دقيقة جدًا؛ استعادة الثقة بالعملة مرتبطة بشكل وثيق بسلوك كبار الفاعلين في الاقتصاد. والمطلوب من مجموعة بحجم وتأثير هائل سعيد ليس الدفاع عن مصالحها فحسب، بل توظيف قوتها السوقية لحماية الاستقرار وتهدئة المزاج العام، لأن كلمة واحدة منها يمكن أن ترفع سقف التوقعات أو تهدم ما يُبنى منذ شهور.

#يعقوب_السفياني