منوعات

الأربعاء - 13 مارس 2024 - الساعة 12:15 ص بتوقيت اليمن ،،،

وكالات


آيتان نقرأها والكثير منا لا يعرف أن هذه الآيات من سورة "العلق" في القرآن الكريم، نزلت بعد موقف عظيم حصل في قلب مكة وأمام كعبتها المعظمة، موقف كان أبطالهُ ملائكه العذاب ومعهم خندق مهيب من نار لحماية رسول اللهﷺ ..

قصة هذه الآيات الكريمة والموقف بالتفصيل كالتالي:

‏كثير من المسلمين يقرأ قول الله تعالى في سورة العلق "فليدع ناديه*سندع الزبانية* كلا لا تطعه واسجد واقترب"، دون درايه لقصة تلك الأيات التي شهدت عليها مكة المكرمة وقريش بأكملها وذكرها الله في قرآنه الكريم ، هذه القصة من المعجزات التي خصها الله لنبيه فما قصتها ؟

‏في أروقة مكة المكرمه وتحديدًا بعد بعثة محمد ﷺ، كانت الاجواء ضبابيه على قلوب المشركين ، وتستحوذ على قلوبهم عشرات الافكار ومئات الطرق للتخلص من الرسول الذي جائهم لتغيير نمط حياتهم ولدعوتهم للطريق الحق والتخلص من معتقداتهم الشركيه الجاهلة..

‏قريش كانت مشتته ومنقسمه ومابين ظنهم بأنهم متحدين جميعًا على عداء رسول الله، يتفاجئون بإسلام واحدًا تلو الاخر من خيرة رجالهم ودون جدوى مهما فعلوا، تارةً يُسلم حمزة وتارةً يسلم عمر وبني هاشم جميعها في صف فلذة كبدهم محمد، فماذا تفعل قريش؟ بالتأكيد جُن جنونها..

‏وعندما نتحدث عن مشركين قريش فيجب علينا أن نتوقف قليلًا ونذكر رمز الشرك وقلب الكفر الاكبر وأكبر اعداء الاسلام عمرو بن هشام الذي نعرفه بأسم (أبو جهل) ، أبو جهل حارب النبيّ ﷺ بكافة الطرق العدائيه والظالمه فلم يكتفي بتعذيب من اسلموا أو قىْْل بعضهم كما فعل في آل ياسر..

‏أراد رسول الله الصلاة عند الكعبه فهي ليست مُلك لقريش ولا لفلان او علان، بل هي لله تعالى ولكل من جاء البيت ملبيًا، أبو جهل عندما علم ان رسول الله يريد الصلاة عند الكعبة فكرَ بأمرٍ لو فعله سيهين من قدر رسول الله أمام الناس ويظهره بمظهر ضعف امام اتباعه وامام كل من يفكر بإتباعه.

‏قال أبو جهل للنبي ﷺ بنبرة تملأها الحقد العظيم: يا محمد إذا سجدت عند الكعبة، فسوف أدوس على رأسك.

أبو جهل قال هذه الكلمات وهو يعلم أن رسول الله لن يطيعهُ وسيسجد عند الكعبه لأن النبيّ يعلم أن معه ربٌ عزيز ذو انتقام حماهُ من شرهم وسيحميه..

‏وفي اليوم الموعود خرج رسول الله للصلاة عند الكعبة وسط أنظار جميع أهل مكه فالمشركين كانوا يعلمون أن ابا جهل توعده والمسلمين يعلمون أن الله سينصر نبيه ، فأقترب النبيّ من الكعبة فرآه أبا جهل فخرج مسرعًا من مجلسه نحو النبيّ فوقف أمامه وقال له: يامُحمد ألم أنهك عن هذا؟

‏فأغلظ له رسول الله وأخذ يحذره من عذاب الله إن لم يبتعد عن طريقه، وبكل كِبر صرخ أبو جهل على النبيّ وقال له يا محمد، بِأَي شَيء تُهددنِي؟ أَما والله إِني لأَكثر هَذا الوادي ناديا، بمعنى أكثر أهل مكة من المناصرين لي، فتجاهله نبيناﷺ خير البشر وأشجعهم وتوجه لموضع صلاته أمام الكعبه.

‏فقال أبو جهل لكل من حوله ولكل من يسمعه (واللاتِ والعُزة لاطأنَ على رقبتهِ، ولأعفرنَ وجههُ بالتراب) ، وبدأ الرسول بالصلاة وأبو جهل ينتظر لحظة سجودهُ حتى يفعل الامر الذي وعد به ، وسجد رسول الله فذهب أبو جهل وهو يجري ناحية رأس رسول الله الشريف..

‏فعندما اقترب أبو جهل من الرسول ﷺ ، وقف صامتًا ساكنًا لا يتحرك، ثم بدأ بالرجوع سريعًا وهو يرتجفُ خوفًا، دون أن يفي بما وعد ودون أي تفسير منطقي للحاضرين، فقالت له قريش: يا أبا جهل ها هو مُحمد لمَ لمْ تدس على رأسه، وتراجعت؟ الجميع أصبح يريد تفسير لما حدث أين وعدك لماذا لم تفي به!

‏قال أبو جهل: لو رأيتم ما رأيته لبكيتم دماً.
قالوا: وما رأيتَ يا أبا جهل؟؟
قال: إن بيني وبينه خندقاً عظيم من نار وهولاً، وأجنحة.
قال رسول الله صلى عليه وسلم: " لو فعل بمعنى لو اقترب لأخذته الملائكة عياناً "..

‏ابن عباس يقول لو كان فعلَ واقترب (لَاخْتَطَفَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا) وفي رواية أخرى (لأخذت الملائكه تتخطفه إلى يوم القيامه) ، أبو جهل رآى ملائكه العذاب واسمهم ( الزبانيه ) وحفروا له الخندق العظيم الذي كان من نار وأرسلهم الله لحماية رسوله وحبيبه محمد..

‏فنزلت هذه الآيات العظيمة التي يقول فيها الله تعالى ( فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ} أي: فلينادي على قومه وعشيرته ليستنصر بهم، {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} ، أي سندعوا ملائكة العذاب لحماية الرسول ﷺ ، حتى يعلم العالمين من يغلب حزب أبو جهل ؟ أم حزب الله ورسوله ..

‏مصادر القصة
- السيرة النبوية لابن هشام

- الطبري تاريخ الرسل والملوك