عرب وعالم

الجمعة - 15 سبتمبر 2023 - الساعة 05:31 ص بتوقيت اليمن ،،،

وكالات


صدمت أوساط كويتية مدافعة عن الحرّيات وحقوق المرأة بموافقة وزير التربية والتعليم العالي الجديد عادل المانع على إلغاء الشّعب المختلطة في الجامعة الكويتية، معتبرة ذلك تنازلا غير مقبول لقوى التشدّد الديني واسترضاء لتلك الجهات الممثلة بقوّة في البرلمان، وذلك ضمن محاولات الحكومة تهدئة الإجواء استعدادا للدورة البرلمانية الجديدة.

ولم يمض على تعيين عادل المانع في منصب وزير للتربية سوى أقل من أسبوعين، ما جعل المعترضين على قراره بشأن منع الاختلاط في الجامعات يقولون إن مثل تلك الخطوة التي يصفونها بالردّة الكبيرة في الوضع الاجتماعي والحقوقي بالبلاد كانت ضمن الأهداف الرئيسية لاختياره للمنصب وعلى رأس تلك الأهداف التهدئة مع النواب، خصوصا وأن سلفه حمد العدواني لم يكن طيّعا أمام المطالب النيابية وتمسّك ببرنامجه الإصلاحي ما اضطرّه إلى الاستقالة في الأخير.

ونقل النائب محمد هايف الأربعاء عن الوزير المانع موافقته على إلغاء الشّعب المختلطة في الجامعة وإعادة التسجيل فيها مجددا.

وينتمي هايف إلى التيار السلفي القوي في الكويت والممثل باستمرار في البرلمانات المتعاقبة بما فيها البرلمان الحالي. وهو معروف بمواقفه المناهضة للتمكين للمرأة. وسبق له أن اعترض بشدّة على عمل الكويتيات في القوات المسلحة.

ولطالما مثّل التعليم بمختلف مراحله موضع ضغوط استثنائية من قبل الإسلاميين في الكويت، ما جعل العديد من وزراء التربية يدخلون في سجالات وصراعات حادّة مع تلك القوى التي كثيرا ما اتّخذت من مجلس الأمة (البرلمان) منصة للضغط عليهم.

وجاءت خطوة إلغاء الاختلاط في الجامعة الكويتية متضاربة مع قرار للمحكمة الدستورية كان قد أصدرته سنة 2015 وفسرت من خلاله قانون منع الاختلاط على أساس أنّه يعني فقط توفير مقاعد للإناث وأخرى للذكور في القاعات الدراسية التي تضمهما معا.

وتأكيدا لقرار الموافقة الحكومية على إلغاء الشعب الجامعية المختلطة، قال فايز الظفيري نائب مدير جامعة الكويت “إن الجامعة ملتزمة بتطبيق قانون منع الاختلاط، ونعمل على ألا يكون الاختلاط في شعبها الدراسية إلا في حال توافر حاجة استثنائية وفعلية لذلك”. وأضاف الظفيري متحدّثا لصحيفة القبس المحلّية “إن الأصل في الشّعب الدراسية في الجامعة هو انفصال الإناث عن الذكور إلاّ إذا اقتضت الضرورة عكس ذلك”، مؤكدا “التزام الجامعة بمراجعة الشّعب الدراسية وإلغاء المشتركة منها التي لا حاجة فعلية إليها”.

ورجّح نشطاء كويتيون أنّ لا تكون خطوة منع الاختلاط في الجامعات هي الأخيرة في باب التراجع عن مكتسبات المرأة والحريات عموما. وقالوا إنّ تلك الخطوة تعدّ بالنسبة للإسلاميين مجرّد فتح منفذ صغير في جدار الممانعة الشعبية والرسمية لأفكارهم وبرامجهم.

ولفت هؤلاء إلى أن الخطوة القادمة ستتعلّق بلباس الطالبات، حيث بدأت بعض المؤسسات التعليمية الرسمية بتعميم لوائح تلزم الطالبة المحجبة وغير المحجبة بارتداء زي مدرسي طويل.

وذهب بعض المعترضين إلى التنديد بتوقيت القرار الجديد، معتبرين أن الإعلان عنه قبل ثلاثة أيام على بداية الفصل الدراسي الجديد كان يهدف إلى فرضه كأمر واقع وحرمان الرافضين له من إمكانية التحرّك لإلغائه.

وقالت شيخة الجاسم، أستاذة الفلسفة في جامعة الكويت، إنّ ما حدث أمر مؤسف، لأن التفسير الذي يراه النائب محمد هايف لقرار المحكمة الدستورية يختلف تماما عن تفسير المحكمة لمنع الاختلاط، مشيرة إلى أن دوام الجامعة يبدأ الأحد المقبل وجميع الجداول والمقررات تم الانتهاء منها.

وأشارت إلى أن تنفيذ ما صرح به النائب يعني أن نبدأ من جديد في إعادة التسجيل وإلغاء شعب وبالتالي خلق إشكالية، لأن أعداد الإناث أضعاف أعداد الذكور فربما تجد في شعبة واحدة 40 طالبة مقابل 5 طلاب، فكيف يتم الفصل وما تأثير ذلك في تأخير تخرج الطلاب.

ولفتت إلى أن تدخل النواب بهذا الشكل وميول بعض الوزراء الذين نراهم اليوم، يقودننا إلى مشاكل كثيرة، وهو من سوء حظ الطلاب والعملية التعليمية.

وأعرب عدد من أولياء أمور الطلبة عن تخوفاتهم من خطوة وزارة التربية من زاوية أنها تتضمّن تسييسا للعملية التعليمية من شأنه أن يحوّل المنابر الدراسية إلى ساحة أخرى لمعارك السياسيين التي لا تنتهي.

وفي أولى ردود الفعل العملية على إلغاء الشعب المختلطة، أعلنت جمعية طلبة كلية الحقوق نيتها رفع دعوى قضائية مستعجلة أمام المحكمة الإدارية لوقف تنفيذ القرار، داعية المتضرّرين منه إلى الانضمام لرفع الدعوى القضائية.

ومن جهتها نفذت قائمة “المتحدون” الطلابية وقفة احتجاجية أمام مبنى الإدارة الجامعية صباح الخميس اعتراضا على تنفيذ القرار.

وعلّقت الكاتبة الصحفية الكويتية إقبال الأحمد على القرار بأنه انتكاسة كبيرة للحريات بالكويت، وقالت في حسابها على منصة إكس “شكرا حكومة للوراء سر. هذا هو التضامن، وشبيك لبيك، وقراراتنا بين يديك”، في إشارة إلى تنازلات الحكومة للتيار الإسلامي المتشدّد.

ومن جانبه علّق الإعلامي الكويتي علي الفضالة بسخرية على قرار منع الاختلاط في الجامعات، داعيا إلى منع الاختلاط في مجمّع الوزارات أيضا، قائلا في حسابه على منصة إكس إنّه يجب عمل وزارتين في كل مجال، واحدة للنساء وأخرى للرجال، ومتسائلا هل هناك جهاز أكاديمي وإداري كاف لهذا الفصل، ومؤكّدا قوله “إذا الوزير وافق معناه أنّه خائف على نفسه وليس الكويت”.