أخبار وتقارير

الجمعة - 09 يونيو 2023 - الساعة 01:30 ص بتوقيت اليمن ،،،

عدن حرة / خاص


بعد 29 عاما من حرب اجتياح الجيش اليمني الشمالي للجنوب في 1994 وفرض أمر واقع بالحديد والنار فيه"احتلال"، وقتل وتشريد أبناءه ونهب وتدمير ممتلكاته، وطمس هويته، وتسريح وإقصاء مواطنيه، وسلب حقوقهم وثرواتهم، وبعد 12 عاما على انتشار العشوائية والفوضى وانتهاء النظام والفراغ القانوني الكبير الذي تعيشه البلاد منذ 2011، وبعد 8 سنوات من الحرب الحوثية التي أنهت كل ما تبقى من مقومات الدولة والجمهورية في اليمن، ما زالت النخب اليمنية تدور حول حلقة مفرغة اسمها "الوحدة".

وبصورة مقززة ومقيتة، ما زالت هذه الوحدة مصدرا للعراك الإعلامي وللجدل البيزنطي بين أولئك الذي يعرفون بأنهم النخب اليمنية وكوادرها ومسؤوليها، وكأن الوحدة كانت مصدرا لرخاء وازدهار اليمن للتشبت بها، كذلك الحال مع فك الارتباط وما إذا كان ملاذا آمنا لتحقيق الاستقرار والنماء.

تعيش البلد منذ 12 عاما أوضاعا مآساوية تضاعفت وتفاقمت كارثيتها منذ 2015، أنهارت بنيتها التحتية واقتصادها، ومجتمعها وثقافتها، ومعها انحطت أخلاق الكثير من مواطنيها ومسؤوليها ورعاتها، مات الالاف وتشرد مئات الالاف، وبات أكثر من ثلثي الشعب مهددين بالجوع والفقر والبطالة، خدمات معدومة، رواتب مقطوعة، تعليم منهار، صحة متدهورة، أنين الشعب يسمعه كل من به صمم، وآلامهم وصيحاتهم خرقت آذان العالم، وأوجاعهم اخترقت جدار الصمت الدولي، أهتز العالم بها، وتفاعلت دول ومكاتب ومنظمات وشخصيات معها، في الوقت الذي تتجاهله حكوماتهم ورئاستهم ومسؤوليهم في الداخل، بل وبدلا من تضميد جراح شعبها، ذهبت للمتاجرة بمعاناته لصالح حسابات شخصية ضيقة، وتنكب في جدال بيزنطي عقيم.

مشهد صادم، ومفارقة عجيبة، في اليمن الذي لم يتبقى منه اليوم شيئا يذكر ، سوى في الأوراق الرسمية والهويات الثبوتية التي هي الأخرى لم يعد لها قيمة في المطلق.

شعب مطحون يكابد تقاعس رئاسته وحكومته ومسؤوليه، وانتهازيتهم وأنانيتهم واستغلالهم لويلاته ومتاجرتهم بمعاناته، فقد ثقته كليا بهؤلاء المحسوبين بأنهم رعاته وحكامه وأولياء أمره، فلقد أوكل أمره كله لله وحده فقط، سائلا إياه أن يبتلي المتلذذين بآلامه المنتفعين من معاناته المتاجرين بأوجاعه في الدنيا قبل الآخرة.

وأمام كل هذا، نجد هؤلاء المتصدرين للمشهد السياسي والإعلامي في اليمن، يزيدون من ويلات ومآسي الشعب بعراك وجدل عقيم سخيف، يشغلون به أنفسهم المريضة وعقولهم الخاوية إلا من التكسب والإثراء غير المشروع، حول الوحدة، والتهليل بديباجة بيان مشترك أدرجت فيه أزمة اليمن على استحياء، وأكدت في ثناياه على وحدة واستقرار اليمن، في الوقت الذي يعيش فيه اليمن منذ 8 سنوات انفصالا كامل الأركان نفذه الحوثيين، وعجز "هؤلاء" عن ردعه أو حتى مقاومته في الشمال، ويصبون كل جهدهم لفرضها في الجنوب المحرر، في مشهد غير سوي ولا يستقيم من زاوية "منفرجة".

يقول الصحفي خالد سلمان على تويتر: "تنح سياسة وطبل إستراتيجية من يعتقد إن الخرائط وتقاسم المصالح والحصص ، تُرسم ويتم الكشف عنها في البيانات الختامية التقليدية المعلنة،وأمام لمعات عدسات الكاميرات وشاشات التلفزة".

وأضاف: "من الحربين العالميتين وحروب البلقان وتفكيك الإتحاد السوفيتي ، ومابينهم من صراعات إقليمية وعرقية ودينية وأثنية وحتى حرب اليمن ، الخرائط وإعادة تشكيل الدول ، تتم بين الكبار في الغرف المغلقة ، وبملفات مختومة بالشمع الأحمر ومكتوب عليها سري جداً ممنوع الإطلاع ، جراء الإشارة للوحدة في بيان خليجي إمريكي الرياض ، قُلنا نذكِّر فقط بهذه الحقيقة ،كي نفسد ونكدر صفو إحتفالات شلة الإخوان وفرقة حسب الله".

من جانبه، يقول القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي أحمد عمر بن فريد على تويتر: "والله .. اننا حينما نقرأ لمثل هذه الشخصيات التي تسمي نفسها ب" النخب " لا نشعر بالرثاء لحالهم فقط، وإنما بالغثيان من هذا المستوى الهابط من المناكفات التي أقل ما يقال عنها بأنها "صبيانية" .. " حمقاء" .. و" غير حصيفة ". وبما انك وزير إعلام.. ! كان يفترض بك ان تتذكر ،وتفهم ان "مجلس القيادة الرئاسي" الذي تتأمر أنت بأمره يتواجد فيه ثلاثة من القيادات الجنوبية الذين ينتمون للمجلس الإنتقالي الجنوبي الذي يدعو علنا إلى فك إرتباط الجنوب بهذه الوحدة التي لم يعد لها وجود أصلا إلا في مثل هذه البيانات التي تحتفي بها !".

وتابع: "استغرب لهؤلاء الذين كلما قراوا بيان لقمة في الصين أو في الهند أو حتى في المريخ، إلا وفتشوا عن عبارات تؤكد على دعم مايسمى ب"الوحدة" !! هؤلاء لم يعد يعنيهم حال بلادهم، ولا حال شعبهم وهو يتجرع الويلات تحت حكم مليشيات كهنوتية متخلفة تذيقه الويلات كل يوم ، ولا يهمهم من أين يكتبون احتفائاتهم بهذه البيانات ،ولا يفكرون حتى في مستقبلهم السياسي الذي هو اليوم أشبه ما يكون بريشة صغيرة تتلاعب بها الرياح.. ! هؤلاء .. لا يملكون من صفات القيادة شيء ،ولا علاقة لهم بأي معنى من معاني المسؤولية الحقيقية.. بات الجنوب وأهله وقضيته العادلة هي شغلهم الشاغل حتى لو لم يعد يحاربون به الجنوب إلا بمثل هذه البيانات...".

منذ الانقلاب الحوثي في 2014، أصدرت الأمم المتحدة والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي عشرات البيانات والقرارات المؤيدة للشرعية ودعمها والملزمة بإنهاء الانقلاب وتسليم السلاح وعودة الحوثيين إلى معقلهم في صعدة، علاوة على عشرات البيانات المشتركة من عدة دول عربية وأجنبية، كل تلك البيانات مجتمعة لم تحرك ساكنا ولم تتمكن من ردع الحوثي وإيقاف تمدده شمالا وتهريبه للسلاح، ولا حتى استطاعت من منع الدعم الذي يصله من دول إقليمية ودولية، فما جدوى تلك البيانات إذا كانت لا تساوي حتى ثمن الحبر الذي كتبت به؟!!!