منوعات

الخميس - 11 مايو 2023 - الساعة 12:38 ص بتوقيت اليمن ،،،

راضية القيزاني


يدفع الخوف من تبعات الطلاق في تونس، خصوصا في وجود الأطفال، عددا من الرجال إلى إقامة علاقات خارج إطار الزواج، وسواء كانت هذه العلاقات واقعية أو افتراضية فإنها تندرج في إطار الخيانة الزوجية.

ويدفع الجو المشحون داخل البيوت الأزواج عادة إلى هجر زوجاتهم والارتماء في أحضان نساء أخريات يرحنهم من عناء الشجار المتواصل والطلبات التي لا تنتهي لزوجاتهم، وفق ما أكده عدد منهم لـ”العرب”.

وقال أحمد (اسم مستعار)، البالغ من العمر 58 عاما والحاصل على التقاعد المبكر، إنه بحكم وجوده بالبيت دائما فإنه لم يعد يحتمل العيش مع زوجته الثرثارة وكثيرة الطلبات، والتي لا تعينه على الإنفاق على الأسرة وعلى الأولاد.

وأضاف أنه يقيم الآن علاقة مع امرأة أخرى مثقفة ومتفهمة ويعيش معها لحظات من السعادة لا يجدها مع زوجته.

ورغم أن علاقته بها لا تتعدى الخروج في فسحة وشرب فنجان قهوة، إلا أنه دائما ما يشعر براحة البال والسعادة معها.

وأكد أحمد أنه يريد الطلاق، لكن لا يستطيع الدخول في دوامته بحكم وجود أولاده الثلاثة. وأشار إلى كونهم لم يعودوا أطفالا، إلا أنه مازال يشعر تجاههم بنوع من الخوف يعيقه على طلب الطلاق وتشتيت الأسرة.

وقال الدكتور أحمد الأبيض، المختص في علم النفس، إن الخوف من الطلاق يدفع الرجال إلى إقامة علاقات خارج الزواج، وذلك بسبب القوانين التي تبدو ظاهريا تدافع عن المرأة، لكنها في حقيقة الأمر تدمر الأسرة.

وأوضح لـ”العرب” أن القوانين الأوروبية تجيز للمرأة الحصول على نصف ثروة الرجل في حال الطلاق.

وكذلك في تونس، فإن عددا من الرجال يرون أن القوانين في صالح المرأة وليست في صالحهم، لذلك يتجنبون الطلاق خوفا من الإنفاق على زوجاتهم وأبنائهم بعد الطلاق، أو حتى نكاية في زوجاتهم وحرمانا لهن من حقوقهن.

كما أن الخيانة يمكن، حسب الأبيض، أن تكون انعكاسا لمراهقة متأخرة لدى بعض الرجال، أو لانتظارات من الزوجة لم تأت فتدخل أخرى وتملأ الفراغ.

وأشار برهان (60 عاما)، صاحب مؤسسة طباعة، إلى أنه على علاقة مع إحدى العاملات لديه منذ ما يزيد عن سبعة أعوام، وقال لـ”العرب” إن زواجه من أجنبية لم يكن ناجحا وفي ذات الوقت ليس من السهل عليه طلاقها. ورغم أن والده وأبناءه على علم بهذه العلاقة إلا أنهم لم يباركوها وظلوا لسنوات يرفضونها، لذلك لم يستطع الحديث مع زوجته عن الطلاق.

ورغم أن زوجته على قدر من الجمال، إلا أن ذلك لم يشفع لها لديه، وبمرور السنوات انطفأ بريقها لديه وفضل أن يكون مع أخرى.

وقال الدكتور هشام الشريف، المختص في علم الجنس والموثق الأسري، إنّ من أهم الأسباب المؤدية إلى ارتكاب فعل الخيانة الزوجية هي التي لها خلفيات جنسية، بمعنى انعدام الإشباع الجنسي والعاطفي بين الطرفين، وخاصة المرأة المعروفة في تكوينها السيكولوجي بحساسيتها الزائدة عن الرجل، وهو ما يجعلها تشعر وتخضع دوما لتأنيب الضمير الذي ينغّص حياتها إن قامت بخيانة زوجها.

وفي تعريفه للخيانة الزوجية، قال الشريف إنها عبارة عن سلوك يتوخاه الفرد سواء كان رجلا أو امرأة تجاه شريك حياته، يتمثل في إقامة علاقة جنسية جسدية أو حتى في إقامة علاقة عاطفية افتراضية دونما حدوث اتصال جنسي، وهو ما اتفّق عليه العرف والعادات والتقاليد الاجتماعية.

وفي شرحه للأسباب المؤديّة إلى الخيانة الزوجية بين الشريكين، اعتبر أن العديد من الأزواج يعيشون إهمالا وحرمانا عاطفيا وجنسيا من قبل شريكاتهم في الحياة الزوجية، التي تصبح تفتقر إلى الحوار والإصغاء لهموم النصف الآخر، وهو ما يؤدي بهم إلى ما لا تحمد عقباه ألا وهو الخيانة الزوجية.

وقال الدكتور الشريف إن المفهوم الاجتماعي للخيانة الزوجية قد تغير وتطوّر خلال السنوات الأخيرة في تونس، خاصة بعد منح حيّز هامش أكبر للحريّة بمفهومها السلبي، حيث تضاعف مثلا حجم المتابعين للقنوات والمواقع الإباحية التي تم فتح عدد كبير منها، وهو ما يمثّل سببا من أسباب الخيانة.

ويرى الشريف أن المرأة لها قدرة أكبر من الرجل على اكتشاف الخيانة الزوجية، وذلك يعود إلى الحساسية المفرطة للمرأة والحدس الذي تملكه. وفي المقابل تعد تونس من أكثر البلدان العربية تسامحا مع الخيانة الزوجية.

ويرى الخبراء أن الخيانة ليست موقفا فرديا ذا تعريف واضح، فمفهوم الخيانة يختلف بين الأشخاص سواء كانوا متزوجين أو غير متزوجين.

وقال الخبراء إن الخيانة ظاهرة اجتماعية سلبية موجودة في مختلف المجتمعات الإنسانية، ولكنها تختلف من مجتمع إلى آخر حسب النظم والسنن الأخلاقية المفروضة.. وتنشأ لوجود خلل ما في العلاقة الطبيعية التي تربط بين الأزواج بسبب بعض السلبيات أو التأثير الخارجي للثقافات والحضارات، فيؤدي ذلك إلى زعزعة النظام الأسري وتفككه نتيجة للصراع القائم بين الزوجين.

وتحدث بعض المشكلات الزوجية حالة من الحزن والانهيار بنفس القدر الذي تحدثه الخيانة الزوجية، مما يقوض أساس الزواج نفسه. ومع ذلك، عندما يعتزم الأزواج بصدق على التعافي من آثار هذه المشكلة، يمكن لمعظم العلاقات الزوجية أن تستمر، بل في بعض الحالات تصبح الكثير من العلاقات أكثر تماسكا على أساس راسخ من الحب والمودة.

وشدد الخبراء على ضرورة بحث الرجل أو المرأة ممن يتعرض للخيانة الزوجية عن مكامن النقص والخلل والتقصير التي أدّت إلى اتجاه الشريك للخيانة.

ومن الناحية القانونية، قال خبراء في القانون إنه لا وجود لأي عبارة في النص القانوني اسمها الخيانة الزوجية، وبالتالي فإن القانون الجزائي التونسي لا يعترف بمفهوم الخيانة ولا يعاقب عليها لأنها أشمل بمفهومها لغة من مفهوم الاتصال الجنسي.

وأضافوا أن الخيانة الزوجية قد تكون خيانة بالعين وقد تكون خيانة بالقلب أو بالعاطفة وقد تكون أيضا خيانة معنوية، مشيرين إلى أنّها كلها تندرج ضمن أنواع وأصناف من الخيانات التي قد يرفضها العرف بين الأزواج، وقد ترفضها الأخلاق والشرائع والنواميس والعادات الاجتماعية.

فمن تحتسي قهوة مع رجل في منتصف الليل وهي متزوجة تعتبر في نظر المجتمع قد خانت شرف زوجها، والزوج الذي يقضي أسبوعا مع امرأة وهو متزوج دون أن يمارس معها الجنس قد يعتبر خان زوجته في نظر الأخلاق والعرف. وبناء على هذا شدّد الخبراء على أنّ القانون الجزائي بوصفه قانونا دقيقا يعاقب على أفعال واضحة لم يشأ المشرّع من خلاله أن يدخل في هذه المتاهات ليفكّر أين تبدأ الخيانة الزوجية وأين تنتهي، بل اكتفى فقط بفعل وحيد وهو الاتصال الجنسي.