أخبار وتقارير

الجمعة - 03 مارس 2023 - الساعة 08:35 م بتوقيت اليمن ،،،

محمد الثريا


قبل مدة ليست بالقصيرة؛ وفي نقاش ودي مع صديق ـ يشغل منصبا قياديا بالإنتقالي ـ كنت قد أخبرته بأن أفضل خطوة سياسية يمكن للإنتقالي صنعها في الوقت الراهن، وحق التباهي بها لاحقا كمكسب سياسي حقيقي هو التمكن من تغيير النظرة السائدة للمجتمع الدولي تجاه القضية الجنوبية،

من خلال النجاح بإقناع الخارج في النظر إليها كقضية سياسية وليست حقوقية، وتناولها كملف رئيسي منفصل وليس ثانوي متصل؛ كما أوضحت له بأن لاقيمة لكل تلك اللقاءات مع السفراء الأجانب، والسير كليا في فلك الراعي الاقليمي طالما لم يتم إنجاز تلك الخطوة .


كان ذلك ـ في نظري ـ هو الرهان الحقيقي بشأن المستقبل السياسي للإنتقالي بعيدا عن تيجان الانتصارات السياسية الوهمية التي ظل يرفعها معظم نشطائه طيلة السنوات الماضية، وأعتقد أن تصدر القضية الجنوبية لوجهة المشهد اليوم بتلك الكيفية التي أكدت أنها قضية وطنية ـ وهي مفردة مطاطية لاتضع تعريفا قطعيا للقضية في كونها سياسية أم حقوقية ـ يعنى جميع اليمنيون بحلها بعد أولوية تحقيق السلام والتوافق على تسوية شاملة لحل الصراع قد كشف مبكر عن وجه الفشل الذي لحق بمكون الإنتقالي فيما يتعلق بخطوة عزل ملف القضية الجنوبية عن بقية ملفات الصراع الحالي، وتناول الخارج لحيثياتها من منظور خاص ومنفصل.

على كل حال، وفي ذات السياق لطالما كنا نؤكد دائما بأن أكبر خطأ قد يتم إرتكابه في حق القضية الجنوبية هو السماح برميها في مستنقع التجاذبات الاقليمية المتصلة بالصراع القائم، وهو ما حدث فعلا للأسف الشديد مع بعض قيادات الانتقالي التي اجتهدت كثيرا خلال الفترة الماضية في ربط واقع تلك القضية بواقع ومصير مشاريع إقليمية متغيرة.

ذلك أن رغبات الاقليم المنخرط في صراع اليمن كان قد بدا واضحا منذ البداية أنها واسعة الأفق، وتتحرك بناء على منطلقات ومآلات الحرب، الى جانب إعتبارية الحسابات الحيوية المتصلة برسم خارطة مصالح جديدة لاتضع في الغالب وزنا حقيقيا لقضايا الداخل، ما يعني دخول القضية الجنوبية في نفق حسابات لامنتهية ودهاليز رغبات سياسية وافدة لاعلاقة لها بأهم قضية سياسية على مستوى الداخل اليمني .

وفي رأيي، أن مثل ذلك الخطأ كان من شأنه تجسيد كارثية جعل مستقبل القضية الجنوبية مرهونا تماما بطبيعة عقد التفاهم الذي يمكن لقوى الإقليم التوصل إليه في أي لحظة مع دولة الإمارات بصفتها الراعي الإقليمي الأقرب للإنتقالي والمتحكم بقراره السياسي، وعند هذه النقطة لاأظن أنه سيكون من المتاح بتاتا في وارد حسابات أبوظبي تقديم مصلحة القضية الجنوبية على مصلحتها الخاصة .

محمد الثريا