أخبار وتقارير

الخميس - 16 فبراير 2023 - الساعة 12:29 ص بتوقيت اليمن ،،،

عاصم بن قنان الميسري


في جزيرة سقطرى هناك قرية تعرف بأسم راس دي حمري (رأس الحَمري) في جزيرة سُقطرى اليمنية جنوب اليمن . وهذه القرية ينبغي أن تصبح محجّاً لكلّ من يحبّ التراث الفنيقي ويفخر به.

القرية محميّة طبيعية شمال شرق الجزيرة ومسجّلة في قائمة مواقع التراث الإنساني التي تحميها اليونسكو، كانت تتبع إدارياً لعدن، ثمّ صارت الجزيرة لاحقا" محافظة مستقلّة ومن أهمّ المواقع السياحيّة اليمنية.


يتحدّث سكّان راس دي حمري اليوم أحد أقدم اللّهجات العربيّة الجنوبيّة، ومعابدها هي مصدر عادة حرق البخور الشائعة بين العرب والفرس والهنود، والسبب في نشوء شبكة طرق البخور التجارية عبر العربيّة.

وتقول المعتقدات اللاتينيّة بأنّ الديوسكوري قد وُلدوا فيها، الآلهة گاستُر وپوليذيسيس رعاة البحّارين. لهذا السبب كان اسم الجزيرة في عهد الإمبراطورية الرومانية هو ديوسكورِيدو 1Dioskouridou التي تعني في عربيّتنا اليوم الديوسكوريّة.

حكم الأنباط العرب جزيرة سقطرى تحت اسم الجزيرة الديوسكوريّة (ذو سكوريد) وكانت تتبع لإدارة مدينة پتراء (البتراء) مباشرة بسبب أهميّتها الاقتصاديّة والعسكريّة وعلى الأغلب الدينيّة كذلك.

ولم تزل الجزيرة تحتوي إلى اليوم آثاراً نبطيّة مكرّسة لعبادة الديوسكوري. والملفت أنّ اسم سقطرى المعاصر منحدر في الأساس عن هذه التسمية المذكورة في النقوش الحضرمية والسبئية بصيغة “ذو صَكوريد”2.

في كتاب “رحماني البحر الأريتيري” Περίπλους τῆς Ἐρυθρᾶς Θαλάσσης (أي دليل الطواف حول البحر الأحمر) نجد جزيرة سقطرى مذكورة بالاسم ديوسكورِيدو 3Dioskouridou والكتاب منجز في القرن الأوّل للميلاد لصالح ملك مصر.

وفي نقش على لوح خشبي بالآرامية الحديثة عُثر عليه في مدينة تدمر السورية نقرأ أنّ الجزيرة كانت تحت حكم التدامرة4، ويسرد النقش أسماء القبائل (الشركات) المختلفة ومن جنسيات مختلفة والتي يُسمح لها باستخدام سقطرى كمحطّة تجارية.

ويعود تاريخ نقش اللّوح التدمري إلى القرن الثالث. هذا يشير إلى أنّ جزيرة سقطرى كانت تحت سلطة من حكم بلاد الشام في الفترة ما بين القرن الأوّل قبل الميلاد والقرن الرابع على الأقل، فترة سقوط روما.

الديوسكوري Διόσκουροι5 هم في الواقع معبودين اثنين، يعني اسمهم من اللّغة الإغريقية “أبناء زِوس” ولطالما عرفنا أنّ زِوس الإغريقي هو ذاته داگون الفنيقي بعد أن تعلّم الحرث والزراعة.

وهم في الواقع ابني داگون الفنيقي عرفهم التراث الإغريقي واللاتيني بالإلهين التوأم، حُماة البحّارة وأمهر الخيّالة.

وكانت الإمبراطورية الرومانية تحتفل بيوم الديوسكوري في يوم 15 تمّوز يوليو من كلّ عام بعرض عسكري كامل في مدينة روما7.

وفي التراث الروماني، محجّ الديوسكوري ومعبدهم الأوّل هو في قرية رَاس دي حمري (رأس الحَمري) في جزيرة سُقطرى. وهذا يبرّر تمسّك الرومان بحكم الجزيرة ورعايتها.

واقع تاريخ جزيرة سقطرى يشير بوضوح إلى ارتباط ماضيها بماضي الفنيقيّين، وبمكانتها العالية في الدولة الرومانية، ما يشير إلى دور مهمّ للرومان ومن كان في حلفهم، في اليمن، إذ يشير كتاب “رحماني البحر الأريتيري” كذلك إلى أنّ حضرموت كانت تحت حكم الأنباط، بالنيابة عن روما.

المراجع:

1 Great Britain. Naval Intelligence Division (2005). "Appendix: Socotra". Western Arabia and the Red Sea. Hoboken: Taylor and Francis. p. 611.

2 Ancient South Arabia through History: Kingdoms, Tribes, and Traders. pp. 5–6. https://go.monis.net/LF8Xp2

3 Great Britain. Naval Intelligence Division (2005). "Appendix: Socotra". Western Arabia and the Red Sea. Hoboken: Taylor and Francis. p. 611.

4 Sidebotham, Steven E. (2011). Berenike and the Ancient Maritime Spice Route. California. p. 189.

5 /ˌdaɪəˈskjʊəraɪ, daɪˈɒskjʊraɪ/ DY-ə-SKEWR-eye, dy-OSK-yuu-ry; Latin: Dioscūrī; Ancient Greek: Διόσκουροι, romanized: Di�skouroi, lit. 'sons of Zeus', from D�os ('Zeus') and ko�roi ('boys').

6 Three classes/levals of gods https://go.monis.net/tHmVMv

7 McDonnell, Myles Anthony (2006), Roman Manliness, Cambridge University Press, p. 187

ابو عصمي الميسري