أخبار وتقارير

السبت - 04 فبراير 2023 - الساعة 09:47 م بتوقيت اليمن ،،،

أنيس حبيشي


أتذكر قبل وحدة 1990م اليمنية ، كانت قوة سماعات المساجد 250 وات للسماعة الواحدة ، وكان في مسجدنا 4 سماعات على المنارة ، كل سماعة إلى جهة من الجهات الأربع ..

اليوم ارتفع عددها إلى 17 سماعة وربما أكثر ، ووصل عددها في مساجد كبيرة إلى أكثر من 25 سماعة خارجية ، ليس هذا فقط بل قوة كل سماعة أكثر من 3000 وات ، على إثر طلبات تجار يمنيين يذهبون الى الصين لأجل طلب هذه القوة المرتفعة !


تخيل حجم الضجيج ومستوى قياس "الديسبل" الذي يحدثه هذا الكم الهائل من المكرفونات ، زيادة على تقارب البيوت وتحول عدن إلى أسوأ من قرية ، وكثرة البشر ؟!

قال لي رجل إن زوجته كانت تعاني من السرطان ، واشتدت عليها الآلام وامتنع عنها النوم ، وإذا نامت بعد عناء شديد تستفزها ضخامة أصوات مؤذني الفجر والذي تحول إلى (أذانات الفجر وليس أذانين أو أذانا واحدا) حيث تظل أصواتهم واحدا بعد الآخر لمدة ساعة كاملة أو تزيد ، وقال إنه ذهب إلى إمام المسجد وناشده أن ينقص قوة السماعة المقابلة لمنزله فكان جواب الإمام : الناس يطلبون مني رفع الصوت وأنت تريدنا أن ننقصه؟!
منتهى البجاحة والوقاحة ..!

قهر الرجل من جواب الإمام المستهتر وغياب غريزة الإنسانية والضمير من نفسه بهذا الجواب الفج .. ثم اتضح أن هذا توجيه من قادة تلك الجماعات بأن يردوا على كل (مبغض) للأذان بهذا الرد ، هكذا يحرضون على الناس المطالبين بخفض الصوت من جراء التأذي لمرض وضرورة بأنهم مبغضون ويكرهون الأذان؟؟؟!!!!

عندما كنت في مصر العام الماضي لاحظت أن أصوات المكرفونات معقولة وغير مؤذية ولما استفسرت أجابني أحد الأئمة أن وزارة الأوقاف والداخلية المصرية هما من تمنعان الإرتفاع الجنوني للأصوات ، وأكد لي آخرون أن السعودية والإمارات والكويت ومصر وحتى قطر كذلك ؛ فأدركت أننا نعيش في غابة إسمها اليمن بما في ذلك الجنوب بلا دولة ولا مؤسسات ولا قدر ضئيل من تعاون أو تفهم أو ضمير !!

وللعلم في مكة والمدينة والقاهرة .. تستمتع بالأذان الهادئ الذي لا يزعجك ولا يخرم اذنيك .. والذي ليس فيه أذى للمرضى والأطفال .. هذه مزايدة في الدين وجهل بحاجة الناس ، ولا مبالاة بهم إلى حد الاستفزاز ؛ وكأن الناس في نظرهم شياطين يريدون أن يفزعوهم بالأذان !!

للأسف تخلصت السعودية بفضل إصلاحات الأمير بن سلمان من هذه الأوبئة وجراثيمها ؛ لكنها ألقت بهم جميعا إلى جنوب اليمن فجر علينا مزيدا من الويلات والمصائب وباسم الدين !!

* من صفحة الكاتب على فيسبوك