أخبار وتقارير

السبت - 24 ديسمبر 2022 - الساعة 11:46 ص بتوقيت اليمن ،،،

كرم أمان


وجّه وزير المالية اليمني سالم بن بريك، بإغلاق كافة الحسابات الحكومية خارج البنك المركزي، بالإضافة إلى وقف الصرف من الوفورات والصرف المباشر من الإيرادات.

ويأتي ذلك في الوقت الذي أعلن فيه البنك المركزي اليمني من مقره الرئيس في العاصمة المؤقتة عدن، عن رفع سقف مزاداته الأسبوعية لبيع عملة أجنبية من 30 إلى 50 مليون دولار.


وفي اجتماع لوزير المالية، يوم الخميس الماضي، مع مديري عموم الشؤون المالية في وحدات السلطة المركزية، وجَّه بن بريك أيضًا بقيد المنح والهبات والتبرعات، وترشيد النفقات. كما وجَّه برفع التقارير الدورية الخاصة بالحسابات المالية إلى الوزارة من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة بهذا الصدد، وفقًا لوكالة الأنباء اليمنية "سبأ".

وهذه هي المرة الخامسة التي تُصدر فيها وزارة المالية توجيهات وتعميمات للبنك المركزي والوزارات ومحافظي المحافظات، تطالبهم فيها بسرعة إغلاق الحسابات المفتوحة لدى البنوك والصرافين، خارج إطار المركزي اليمني.

وكان التعميم الأول، في العام 2019، وتلاه توجيه لاحق، في 2020، ثم العام 2021، فيما كان التعميم الرابع مطلع 2022.

وتزامن ذلك، مع إعلان صدر عن البنك المركزي اليمني، برفع سقف مزاداته الأسبوعية لبيع عملة أجنبية إلى 50 مليون دولار، بدءًا من مزاد الثلاثاء المقبل، وهي عملية الرفع الرابعة التي يتخذها البنك لقيمة مزاداته منذ تدشينها في نوفمبر 2022.

لا تجاوب

وبهذا الشأن، قال مصدر مسؤول في وزارة المالية اليمنية، إن حجم التجاوب مع كافة خطابات وتوجيهات الوزارة لم يتجاوز 10% فقط خلال السنوات الأربع الماضية.

وأضاف المصدر في تصريح لـ"إرم نيوز" أن "الحكومة اليمنية غضت الطرف مرات عديدة خلال السنوات الماضية، لإدراكها بحجم التحديات التي كانت تواجه اقتصادها وبنكها المركزي خاصة بعد التحرير".

وأشار إلى أن الحكومة "تفهمت أسباب ومخاوف بعض المؤسسات والشركات والمرافق الحكومية التي فضلت فتح حسابات خاصة بها في بنوك تجارية وشركات صرافة، مع أن ذلك ليس مبررًا، لكن من غير المنطقي استمرارها في ذلك حتى اليوم"، وفق تعبيره.

وأوضح المصدر أنه "منذ العام 2019، وجهت وزارة المالية مذكرات وخطابات رسمية إلى كل الجهات بما فيها رئاسة الوزراء والبنك المركزي، ومحافظوالمحافظات، ومديرو العموم، لكن -للأسف- تم تجاهل جميع خطابات الوزارة، وكان مستوى التجاوب مخيبًا كثيرًا، حيث بلغ 10% تقريبًا، ومن بينها وزارات ومؤسسات إيرادية وحيوية"، مشددًا على أن "التجاهل والتراخي من كل الجهات المعنية كانا سببًا في عدم التجاوب مع مذكرات وزارة المالية، لكن أعتقد أن هناك توجهات جادة في الوقت الحالي، ونآمل أن تطبق"، على حد قوله.

المركزي يرد

من جانبه، رد مصدر مسؤول في البنك المركزي اليمني عن الاستفسارات بهذا الخصوص، حيث تساءل : "من هو المسؤول عن مديري عموم الشؤون المالية في المؤسسات والمصالح الحكومية؟ أليست وزارة المالية؟!".

وأضاف المصدر في تصريح خاص لـ"إرم نيوز"، أن "وزارة المالية هي الجهة المسؤولة والمختصة عن فتح حسابات الوزارات والمؤسسات والمرافق الحكومية، ولها حق الاشراف والمراقبة والتفتيش والضبط وفقًا للقانون".

وأشار إلى أن "قطاع الرقابة على البنوك في البنك المركزي أصدر تعاميم لمديري عموم البنوك بغلق الحسابات، وتم رفع أسماء المؤسسات والمصالح الحكومية التي مازالت لديها حسابات في البنوك التجارية". وتابع: "لكن الجهة المسؤولة عن مديري عموم المالية في تلك الهيئات والمصالح هي وزارة المالية، بينما الجهة المسؤولة عن مديري عموم ورؤساء المؤسسات والمصالح الحكومية هو مجلس الوزراء".

وتواجه الحكومة اليمنية تحديات مالية، جراء اعتداءات الحوثيين على الموانئ النفطية، الذي تسبب بإيقاف عمليات تصدير النفط الخام اليمني، وأدى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلد.

وبات ذلك يعوق جهود الحكومة بالإيفاء بالتزاماتها، كما جاء على لسان رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي قبل أيام.

رفع سقف المزادات

وعلى العكس من ذلك، أعلن البنك المركزي اليمني عن رفع سقف مزاداته الأسبوعية لبيع عملة أجنبية إلى 50 مليون دولار، بدءًا من مزاد الثلاثاء المقبل، وهو المزاد رقم 50 الذي ينفذه البنك منذ مطلع نوفمبر 2021.

واختلفت آراء خبراء ومحلليين اقتصاديين حول رفع سقف مزادات البنك المركزي، حيث ذهب قسم لتأييد القرار، معتبرين أنه خطوة في الاتجاه الصحيح لمواجهة الطلب وزيادة الكمية المسحوبة من النقد المحلي من السوق.

أما القسم الثاني فيراه استهلاكًا ومجاراة للسوق في الارتفاع الجاري بأسعار صرف العملات، لاسيما أن الطلب في آخر مزادين للبنك المركزي لم يتجاوز 50% من سقف المزاد الذي كان يبلغ 30 مليون دولار.

ويقول الخبير الاقتصادي والنفطي الدكتور علي المسبحي، إن رفع سقف قيمة مزادات البنك المركزي من 30 الى 50 مليون دولار "يعد خطوة صحيحة، وسبق أن طالبنا بها".

وأضاف المسبحي في حديث لـ"إرم نيوز": "الإبقاء على سعر ثابت للمزادات غير صحيح، فاحتياج السوق من العملة الصعبة في تزايد مستمر". وتابع: "من أجل بقاء سعر الصرف مستقرًا يجب أن يتعادل ضخ العملة الصعبة سواء كان عبر المزادات أو عبر مدها للمستوردين مع احتياج السوق الفعلي لها".

وأردف: "لذلك أصبح ضخ مبلغ 30 مليون، أسبوعيًا، غير كافٍ لذلك نطالب بأن يكون سقف قيمة المزادات مفتوحًا، تحدده طلبات المشترين من العملة الصعبة".

تأثيرات محدودة

بدوره، يرى الباحث والمحلل الاقتصادي ماجد الداعري، أن رفع البنك سقف مزاداته، فُرض عليه، وذلك لمجاراة أسعار الصرف في السوق المحلية، مع أن المزادات الأخيرة لم يصل الطلب عليها إلى نصف المعروض النقدي.

وأضاف الداعري في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "هذا دليل على غياب أي دور نقدي أو رقابي للبنك المركزي، أو مقدرته على التدخل في السوق، وتحديد أي سقف ثابت لسعر صرف معين، كما يؤكد أن قرار تعويم الصرف هو الذي يفرض نفسه على الواقع المصرفي ومجاراة صيارفة السوق السوداء"، بحسب قوله.

وتابع : "مع الأسف، يتم كل ذلك، بعيدًا عن أي دور حكومي أو مصرفي ممكن من شأنه وقف عودة المضاربات وعمليات تجريف العملة من السوق".

وأشار إلى أن "مزادات البنك لها تأثيرات إيجابية محدودة، نتيجة عوامل عدة، من أبرزها سوء آلية تنفيذ المزادات، وأسقف وشروط وتوقيتات إعلانها". لافتًا إلى أن من بين هذه العوامل "عدم تفعيل جوانب الرقابة لضمان تحقيقها للنتائج المرجوة في استقرار الصرف، وتحسين قيمة العملة المحلية".

وأوضح أن ذلك يأتي "خاصة مع التحديات المصيرية التي تعصف بالاقتصاد الوطني بشكل عام في ظل استمرار هجمات ميليشيات الحوثيين التخريبية التعطيلية الكارثية على قطاع النفط وأمن الملاحة الدولية، واستفحال تأثيراتها يومًا بعد يوم على مختلف مناحي الحياة في عموم اليمن خاصة المناطق الجنوبية".

وكان خبراء صندوق النقد الدولي والبنك المركزي اليمني توقعوا في وقت سابق، بأن يحقق الاقتصاد اليمني نموًا بنسبة 2% في عام 2022، وبنسبة 3.2% في نهاية عام 2023، بعد انكماشه في 2021 بنسبة 2%.

ووفقًا لآخر تقرير فصلي نشره البنك المركزي اليمني من مقره الرئيس في العاصمة المؤقتة عدن، في أيلول/سبتمبر 2022، فإن الإيرادات النفطية المتحققة من بيع صادرات النفط الخام اليمني ارتفعت خلال النصف الأول من العام 2022 إلى 836.3 مليار ريال.

وكانت الإيرادات في ذات الفترة من العام الماضي تبلغ 155.6 مليار ريال فقط، وبزيادة بلغت 680.7 مليار ريال.

وعلل المركزي ذلك بزيادة أسعار النفط العالمية، بينما بلغ إجمالي الإيرادات غير النفطية (ضرائب وجمارك وإيرادات أخرى) نحو 386.3 مليار ريال في 2022، في حين كانت تبلغ في ذات الفترة من العام 2021 نحو 114.4 مليار ريال.