بقلم / الدكتور عوض أحمد العلقمي
ثمة طبقة مجتمعية لا أحد ينظر إليها ، أو يهتم لأمرها ، بل ياليت أنها تسلم من نظرات الازدراء ، والاحتقار ، والانتقاص ، والمعاملة بدونية ، فضلا عن تعرضها للظلم ، وسرقة حقوقها ، وغير ذلك مما تعلمونه جيدا ...
وماعلم أولئك المتكبرون والمتجبرون والمتغطرسون واللصوص والفاسدون أن تلك الطبقة المجتمعية المحتقرة منهم هي الطبقة التي أنزل الله من أجل الانتصار لها الأنبياء والرسل ، بل هي الطبقة التي كانت الأسرع استجابة لتوجيهات السماء ،
وهي التي كانت الأكثر اصطفافا حول حملة رسائل الرحمن ، وهي التي كانت الأولى في تصديق الرسل ورسالاتهم ، وهي التي شرعت في التضحية بالنفس من أجل نشر تعليمات السماء دون تلكؤ أو مساومة ، وهي التي كانت السباقة إلى حمل رايات الإسلام ونشر السلام...
فلماذا يُعاملون اليوم بهذه القسوة وذلك الظلم من بعض الأثرياء وكثير من أصحاب الجاه ، وهم كانوا الأفضل ومازالوا هم الأنقى والأنظف ؟
ألأنهم فقراء ؟ أم لأنهم لايجيدون ظلم الآخرين ؟ أم لأنهم لايخادعون العامة والبسطاء ، أو يفكرون في التسلق على ظهورهم ثم العبث بأرزاقهم والتلذذ بجوعهم وحرمانهم...
أليس الأمر كذلك ياحارث ؟ بلى يا أستاذي الفاضل ، لكن ما مناسبة الحديث في هذه الطبقة المجتمعية مع أن كثيرا من المجتمع لايأبه بها ولا يهتم لأمرها ؟
اعلم ياحارث أن الذي استدعاني لهذا الحديث هو اصطفاف عمال النظافة اليوم في طريقي وأنا خارج من المكتب عائد إلى المنزل ، سألتهم هل لكم حاجة أستطيع أقضيها ؟ قالوا : كلا أيها المدير ولكن هل تسمح لنا بالحديث معك ولو لبضع دقائق ؟ قلت أجل ، هلموا لنجلس في مكان مناسب ونتحدث ،
جلسنا على المقاعد التي تتوسط الحديقة الداخلية ، بادرت بالقول هيا هاتوا مالديكم فأنا كلي آذان صاغية ، وإذا بهم يتسابقون في توجيه الأسئلة إلي ، وماهي تلك الأسئلة أستاذي الفاضل ؟ لاتكن مستعجلا ياحارث ، سوف أحكي لك أهمها ؛
قالوا : نسمع هذه الأيام حربا شرسة تُشن من أعداء النجاح ، تستهدف شخصك الكريم وإنجازاتك في هذه المؤسسة التي لايُنكرها إلا جاحد يامديرنا ، فقلنا لماذا لانكون نحن السباقين إلى نصرتك والوقوف إلى جانبك بالطرائق السلمية ابتداء من مؤسستنا هذه ، مرورا بالوزارة وانتهاء بمجلس الوزراء ومجلس القيادة الرئاسي ؛ لكي نسكت تلك الأصوات النشاز التي لاتتجاوز عدد أصابع اليد ،
وماذا كان ردك عليهم أيها الأستاذ الفاضل ؟
لقد خيم علي الصمت لبضع دقائق حتى فاضت عيناي بالدمع إذ بقيت أفكر في صدقهم وإخلاصهم ووفائهم وحبهم لمديرهم وهم الأكثر في عملهم مكابدة وعناء ، والأقل من المال انتفاعا ، بعد ذلك ودعت الصمت ثم قلت لهم : أيها الأحبة إن موقفكم هذا موقف عظيم ، لايصدر إلا من عظماء ؛ لذلك أعدكم بأن أدونه ليستفيد منه ، ويتعلم من عظمته منتسبو هذه المؤسسة جيلا بعد جيل ،
أما أنا فلا أريد منكم شيئا وأكتفي بكلماتكم هذه القليلة في عددها الكبيرة في دلالاتها ومعانيها ؛ لأنني أعلم يقينا أن أولئك النفر الذين يناصبونني الخصومة والعداء هم أعلم القوم بالإنجازات التي تحققت على يدي بكم وبأمثالكم من الخيرين في هذه المؤسسة ، لكنهم بعد أن تم منعهم من الوصول إلى سرقة المال العام ، ومنع الجشع المكبوت في صدورهم والحقد المتوهج في نفوسهم من العبث بهذه المؤسسة ،
لم يعد أمامهم إلا إعلان الحرب على المؤسسة ومنتسبيها من الشرفاء والخيرين ، وذلك بنشر الأكاذيب والخزعبلات والكيديات ، لكن اعلموا أيها الأحبة أن ذلك كله لم ولن يهز لنا شعرة واحدة ........