أخبار وتقارير

الخميس - 01 ديسمبر 2022 - الساعة 09:18 م بتوقيت اليمن ،،،

كتبه / أبو عصمي الميسري


مقدمة

كانت حضرموت مملكة مترامية الاطراف فلاشك انها كانت في أوج ازدهار وقوتها اكبر المالك اليمنية القديمة رقعة امتدت من مشارف بيحان ( قتبان ) غرباً إلى حدود عمان شرقا شاملة ظفار كلها وامتدت ايضاً عبر البحر إلى جزيرة سقطره ,وقد جاء أقدم دليل على امتداد هذه المملكة في كتاب البريبلوس وفيهايتحدث عن مدينة قنا التي يصفها بانها مدينة تجارية على الساحل تابعة لاليازوس ( العذ )او مايعرف بالنقوش المسندية بأسم (العز يلط ملك حضرموت ) ملك بلاد اللبان .

ويذكر أن مديئة سبوتا( شبوه) تقع في الداخل وانها محل إقامة الملك وإليها يجلب اللبان لخزنه ثم يتحدث عن العلاقات التجارية التي تربط قنا بالساحل الصومالي في الغرب وعمان والساحل الفارسي المجاور وبعض الموانى الهندية في الشرق .


ويعدد انواع البضائع التي تجلب إليها من مصر والبضائع التي تصدر منها وعلى رأسها اللبان والصبر وفي فقرة أخرى يتحدث عن المنطقة المنتجة لللبان ويصفيا بأنها جبلية وعرة يجللها السحاب .

ومن ذلك الوصف نستنتج أن المقصود هو ظفار وربمابعض اجزاء منطقة المهرة لأنه يذكر فيا ميناء ومستودعا للبان يحرسها حصن مشيد ثم يتحدث عن جزيرة ديوسكريدس( سقطره ) وطبيعتها ومنتجاتها وأهمها صدف السلاحف ويقول أن سكانها خليط من العرب والاغريق والهنود الذين تجممهم هناك ممارسة التجارة .

ويؤكد ان الجزيرة تابعة لبلاد اللبان ويصف لنا البضائع التي ترد إلى تلك الجزيرة ومن بينها الارز , ويشير إلى الزراعة فيها و يذكر لنا ميناء لتصدير اللبان يقع على الساحل اسمه موشا ويبدو من الوصف أنه في ظفار أو قريب منها ويذكر واردات ذلك الميناء واتصاله بقنا وبعض الموانىء الهندية ونجد أيضا مثل هذه الأخبار وماشابها في اخبار الكلاسيكين الآخرين مثل سترابو وبليني.

لقد نشب صراع مرير بين ممالك اوسان اقصى الجنوب وقتبان من جهة الشرق المقابل وحضرموت التي كانت تشكل موقعا" استراتيجيا" لايمكن تقبله من قبل مملكتي اوسان وقتبان ملوك ممالك البحار فما كان من ملك حضرموت الى التحالف مع العذو اللذوذ لمملكتي اوسان وقتبان مملكة سبأ وانشاء خط تجاري موازي لخط التجارة الملاحي برا" بتجاه نجران الى اقصى شمال شبه الجزيرة العربية وسواحلها الى موانئ غزة كما تتحدث النقوش كل هذا التاريخ العظيم سنقوم بسرده بالتفصيل لكل مملكة وتاريخها للنهاية لكي نتعرف على ممالك قامت على انقاض هاولاء لاحقا" واصلت مسيرة الأزدهار للبشرية جمعا ولكن لكل قصة أسرار نكتشفها في حينها ..!!

نتعلم من تاريخ الصراع القديم لهذة الممالك ان هناك نشأت حضارة جديدة قامت على انقاض ملوك الملاحة الدولية في الساحل اليمني على امتداده من الساحل الأوساني الى ميناء قناء احد موانئ قتبان الى ظفار وحضرموت وهم ماعرفوا لاحقا" بملوك البحار (الفينيق) ولنا جوله في تاريخهم العظيم ، لكن ماعلاقة الفينقيون بجزيرة سقطرى وما هو أصل المسمى الأغريقي القديم (الديوسكريد) ومعبدهم القديم في راس دي حمري الدي كان يعتبر محج لأفواج الحجيج الفينقيون والأغريق والرومان آنذاك ، ولاغرابة في ذالك لطالما جزيرة سقطرى هي قبلة للسواح الروم ليومنا هذا ،فلا نرى اي تواجد لهاولاء السواح من منطق سياحة اذ ان وجهتهم الاولى ليسة السواحل والمتنزاهات ولا نراهم يفترشون رمال البحر كما نشاهدهم في مناطق العالم السياحي ، انما التواجد في سقطرى مختلف جدا" وهناك اسطورة عظيمة حول وجود معبدا" مقدسا" للفنيقيين كان على جزيرة سقطرى ، وهو معبد التوأمين ، بقي مقدسا" عند الرومان بعد الفنيقين ولقرون طويله...

---------------------------------

سقطرى الأرض المقدسة

في المقال السابق تحدثنا حول علاقة جزيرة سقطرى بحضارة حضرموت وقتبان و اوسان والدور التي لعبته في ربط تجارة الشرق بالغرب وبلاد فارس والهند ، مما ادى لمنافسة شرسة انهارت خلالها الثلاث الممالك بقيام مكرب سبأ حليف ملك حضرموت بغزو قتبان واوسان حتى قامت مملكة عظيمة على انقاض هاتين المملكتين تعرف بالشعب الأحمر الفينقي الكنعاني العربي في تدوينات قادمة سنتطرق حول الحديث عن تاريخ هذة الحضارات بالتفصيل لكن اليوم لدينا لمحة دينية مقدسة ربطت امبراطوريات وممالك وشعوب وهي جزيرة الديوسكر.

بقيت سقطرى تلك الجزيرة الغامضة بالأساطير و جوهرة الحضارة الفينقية العظيمة وقبلتها الدينية المقدسة..اليوم نخصص لمحة تاريخية حول عقيدة الفينيق والأغريق من بعدهم ثم الرومان لقرون متتالية ومعبد الذيوسكريدو في قرية راس دي حمري في جزيرة(سقطرى) الأرض المقدسة ..!!

-قرية راس دي حمري (رأس الحَمري) في جزيرة سُقطرى اليمنية جنوب اليمن وشرق الصومال. وهذه القرية ينبغي أن تصبح محجّاً لكلّ من يحبّ التراث الفنيقي ويفخر به...هكذا تتحدث الكتب الكلاسيكية التاريخية لكبار مؤرخي الاغريق هورودتس وبيليني

القرية محميّة طبيعية شمال شرق الجزيرة ومسجّلة في قائمة مواقع التراث الإنساني التي تحميها اليونسكو، كانت تتبع إدارياً لعدن، ثمّ صارت محافظة مستقلّة ومن أهمّ المواقع السياحيّة اليمنية.

يتحدّث سكّان راس دي حمري اليوم أحد أقدم اللّهجات العربيّة الجنوبيّة، و أكد أيضا الباحث اللغوي الفرنسي أنطوان بأن اللغة السقطرية لم يصبها أي تحريف أو تأثير على مدى العصور السحيقة من أي لغة أجنبية قائلا ( أما على الصعيد اللغوي لم يتم إثبات أو دليل على تأثر السقطرية بلغة أجنبية أخرى غير العربية تأثرا حاسما ) ‏لذى نقول أن اللغة السقطرية متأصلة بالسكان و الأرض منذ الخليقة.

اما معابدها هي مصدر عادة حرق البخور الشائعة بين العرب والفرس والهنود، والسبب في نشوء شبكة طرق البخور التجارية عبر العربيّة. وتقول المعتقدات اللاتينيّة بأنّ الديوسكوري قد وُلدوا فيها، وهما الآلهة گاستُر وپوليذيسيس رعاة البحّارين.
لهذا السبب كان اسم الجزيرة في عهد الإمبراطورية الرومانية هو ديوسكورِيدو 1Dioskouridou التي تعني في عربيّتنا اليوم الديوسكوريّة.

حكم الأنباط العرب جزيرة سقطرى تحت اسم الجزيرة الديوسكوريّة (ذو سكوريد) وكانت تتبع لإدارة مدينة پتراء (البتراء) مباشرة بسبب أهميّتها الاقتصاديّة والعسكريّة وعلى الأغلب الدينيّة كذلك.

ولم تزل الجزيرة تحتوي إلى اليوم آثاراً نبطيّة مكرّسة لعبادة الديوسكوري. والملفت أنّ اسم سقطرى المعاصر منحدر في الأساس عن هذه التسمية المذكورة في النقوش الحضرمية والسبئية بصيغة “ذو صَكوريد”2.

في كتاب “رحماني البحر الأريتيري” Περίπλους τῆς Ἐρυθρᾶς Θαλάσσης (أي دليل الطواف حول البحر الأحمر) نجد جزيرة سقطرى مذكورة بالاسم ديوسكورِيدو 3Dioskouridou والكتاب منجز في القرن الأوّل للميلاد لصالح ملك مصر.

وفي نقش على لوح خشبي بالآرامية الحديثة عُثر عليه في مدينة تدمر السورية نقرأ أنّ الجزيرة كانت تحت حكم التدامرة4، ويسرد النقش أسماء القبائل (الشركات) المختلفة ومن جنسيات مختلفة والتي يُسمح لها باستخدام سقطرى كمحطّة تجارية. ويعود تاريخ نقش اللّوح التدمري إلى القرن الثالث.

هذا يشير إلى أنّ جزيرة سقطرى كانت تحت سلطة من حكم بلاد الشام في الفترة ما بين القرن الأوّل قبل الميلاد والقرن الرابع على الأقل، فترة سقوط روما.

الديوسكوري Διόσκουροι5 هم في الواقع معبودين اثنين، يعني اسمهم من اللّغة الإغريقية “أبناء زِوس” ولطالما أنّ زِوس الإغريقي هو ذاته داگون الفنيقي بعد أن تعلّم الحرث والزراعة ،ويشبه كثيرا" ملك مملكة قتبان اشارة لصورة لقلادة قتبانية تم العثور عليها منقوش بها شكل وصفه ملك قتبان الدي يشبهة كثيرا" زيوس المعروف لدى الرومان ايضا" تتشابهة كثيرا" مع تماثيل الملكة القتبانية نادين ذي صدقن شمس التي تغطي تماثيلها اغلب معابد روما الى اليوم وهو تمثال لملكة وحامية قتبانية مشهورة عثر على تمثالها في جبل العود .

-إذاً الديوسكوري گاستُر Κάστωρ وپوليذيسيس Πολυδεύκης هم في الواقع ابني داگون الفنيقي6. عرفهم التراث الإغريقي واللاتيني بالإلهين التوأم، حُماة البحّارة وأمهر الخيّالة.

وكانت الإمبراطورية الرومانية تحتفل بيوم الديوسكوري في يوم 15 تمّوز يوليو من كلّ عام بعرض عسكري كامل في مدينة روما7. وفي التراث الروماني، محجّ الديوسكوري ومعبدهم الأوّل هو في قرية رَاس دي حمري (رأس الحَمري) في جزيرة سُقطرى. وهذا يبرّر تمسّك الرومان بحكم الجزيرة ورعايتها.

واقع تاريخ جزيرة سقطرى يشير بوضوح إلى ارتباط ماضيها بماضي الفنيقيّين، وبمكانتها العالية في الدولة الرومانية، ما يشير إلى دور مهمّ للرومان ومن كان في حلفهم، في اليمن، إذ يشير كتاب “رحماني البحر الأريتيري” كذلك إلى أنّ حضرموت كانت تحت حكم الأنباط، بالنيابة عن روما.

- بعد قليل نستكمل حديثنا حول مكانة سقطرى كأهم مورد لأنذر الأشجار الطبية قديما" بالعالم والأخبار التي تتحدث عن مسرى المسيح عيسى ابن مريم فيها ووقوفه في جبل حواري الدي سمي بحواريي المسيح ، وكيف افتتن بها الأب ديوسكرد بدراسة أشجارها وسميت به وحول رمزية طائر الفينيق العنقاء ومثلوجية زيوس عند الرومان
-هذا موقع القرية جغرفياً https://goo.gl/maps/r87BEtfHkCw
مؤنس بخاري لمجموعة أطلس الخرائط

-تدوينة عن كتاب “رحماني البحر الأريتيري” هنا https://go.monis.net/XhuKF2


المراجع:

1 Great Britain. Naval Intelligence Division (2005). "Appendix: Socotra". Western Arabia and the Red Sea. Hoboken: Taylor and Francis. p. 611.
2 Ancient South Arabia through History: Kingdoms, Tribes, and Traders. pp. 5–6. https://go.monis.net/LF8Xp2
3 Great Britain. Naval Intelligence Division (2005). "Appendix: Socotra". Western Arabia and the Red Sea. Hoboken: Taylor and Francis. p. 611.
4 Sidebotham, Steven E. (2011). Berenike and the Ancient Maritime Spice Route. California. p. 189.
5 /ˌdaɪəˈskjʊəraɪ, daɪˈɒskjʊraɪ/ DY-ə-SKEWR-eye, dy-OSK-yuu-ry; Latin: Dioscūrī; Ancient Greek: Διόσκουροι, romanized: Di�skouroi, lit. 'sons of Zeus', from D�os ('Zeus') and ko�roi ('boys').
6 Three classes/levals of gods https://go.monis.net/tHmVMv
7 McDonnell, Myles Anthony (2006), Roman Manliness, Cambridge University Press, p. 187


ابو عصمي الميسري