كتابات وآراء


الأربعاء - 30 يوليو 2025 - الساعة 12:59 م

كُتب بواسطة : د. عارف محمد الحسني - ارشيف الكاتب



أثمرة بإنعقاد الموتمر الدولي برعاية الأمم المتحدة في العاصمة الأمريكية نيويورك بتاريخ 28 من شهر يوليو لعام 2025م ، فكانت سباق فارس وصل لخط النهاية مهما وضعت له من معوقات التقدم ، حازت بها شرف الرئاسة بمشاركة فرنسية ، كشفت عن نصر بعد أن أستخدمت كل قواها الناعمة التي تمتلكها فنالت بها هذا الحضور المشرف ، ومنحها مكسب سياسي لتعزيز تواجدها السياسي والقانوني العالمي ، في إطار توجه جديد تحرص أن تتربع به في مسرح السياسة العالمية لإستعادة مكانة دولة تحرص على تعزيز قيم الشرعية الدولية لتجاوز مشكلات الأقليم الذي أفرزتها حالة الصراع الذي نعيشه .

ظل يهدد المنطقة پإشعال الحروب طيلة عقود مضت بتصعيد عسكري ملحوظ ضاربا بعرض الحائط لكل القرارات الدولية ، لتثبيت وجودها العسكري في مسرح عمليات جديدة ، لا يمكن تجاهله ، أو السكوت عليه ، لإنها تقوض عملية السلام ، لذا يجب أن نكون له حجر عثرة في طريق كرة الثلج المتدحرجة بأطماعها التوسعية ، فخلفت أسوأ أزمة إنسانية من صنع البشر ، وتبنيها خطاب التصعيد والكراهية ، والتطرف السياسي الديني ، ما كشف عن حقيقة التباين العميق فيما ندعو إليه لإحياء عملية السلام للوصول إلى حل سياسي للقضية الفلسطينية أرضا وشعبا .

هذا هو مبعث سياسة المملكة ، هو تصفير الصراعات الوجودية بنظرة مستقبلية لشعوب المنطقة في ظل وجود أفق تسوية تعزز الأمن والأستقرار الأقليمي والدولي ، وتعويض خسائرها بصناعة البديل ، كنتاج حقيقي لعملية السلام الذي نأمل فيه ، وتعكس رغبة أكيدة في تحقيقه واقعا بعيدا عن المصالح الأنانية لنخب هذه القوى تضمن الأمن ، والأستقرار للجميع ، بعد أن صارت معارك وصراعات يؤججونها لنعاقب بها الأجيال دون إعادة الإعتبار لأحد ، لا نوايا الحل ، ومتى ستنتهي .

فأضحى صراعا يهدد البقاء منذ عقود مضت ، يسير بخطين متوازيين عانى فيها الشعب الفلسطيني ويلاته وقواه الفاعلة ما الله به عليم ، بيهودة الأرض بمشاريع إحتلالية لا تخدم مشروع السلام ، وضم وإلحاق كل ما هو عربي بنهج القوة ، واستثمار الدعم الدولي لها كطريق لتحقيق مطامعها التلمودية ، ضاربة بكل حقائق التاريخ ، ومعطياته لتجاوز المحددات عبر طمس الهوية الفلسطينية .

إذا مشروع السلام العربي قابل للتطبيق والحياة ، فهو مبعث الأمل ، فهو يمثل نموذجا بديلا عن ويلات الحروب وما يخلفه من دمار في البنى التحتية للبقاء ، وقتل الأنفس وتشريدها ، وتجويعها ، وما يحدث بالأجساد من آلام وتشويه لا يخفيها إلا الموت ، فهي باقيه ما عاش هذا الشعب المكلوم .

فتعزيز صناعة فكرة البديل لهذا الصراع يمثل خطاب سياسي متقدم للمملكة ، وتحول استراتيجي في مرحلة فاصلة ، وحافلة بالأحداث المؤلمة ، والمتغيرات الدولية ، وخارطة طريق المستقبل ، بعيدا عن العنف ، والإقصاء ، وهو ما يتطلبه الجميع دون استثناء .

فموقف المملكة العربية السعودية من عملية السلام ، تمثل رمانة الميزان ، لا غالب ولا مغلوب ، تطالب بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بكل فئاته في إطار تنفيذ قرارات الشرعية الدولية ، فسجلت موقفا بطوليا متقدما تتمنى من خلاله أن تصبح عملية السلام حقيقة نعيشها ، هذه هي الرسائل التي تساهم في توصيلها مع بقية دول الوطن العربي إلى المؤسسات الدولية المعنية بالسلام العالمي ، وحفظ أمنه ، وشعوب المنطقة والعالم .

فهنا المملكة تبذل كل جهد لتسويق وتطوير صناعة السلام في كل لقائاتها مع كل قيادات العالم ، تزاحم وتنافس بها كل أدوات الدمار والخراب ، فالسلام هو الخيار الأكثر منطقية للخروج من واقع نعيشه بلا أفق .

ففكرة السلام الإبراهيمي مع عدو لا يخفي أطماعه في منطقتنا العربية تظل ناقصة المعطى من قبل من يسعون بتصديرها ، وتسويقها إعلاميا وسياسيا في إطار خارطة الشرق الأوسط الكبير بشروط مجحفة طيلة أعوام مضت ، هل نستكين وننكف على أنفسنا ونسلم بشروط الواقع .

كيف نصنع سلام معه وهو من أدوات الحرب ، كيف نمد أيدينا لنتصافح ويداه ملطخة بدماء أطفالنا في فلسطين ، كيف نقهقه معه وهو من يدمع عيون أمهاتنا وعجائزنا وشيوخنا ، وأطفالنا ، كيف نجبر له مصيبة وهو صانع مآسينا ، كيف نسمح له أن تطأ أقدامه أرض دولنا العربية وهو يكسر ويقطع كل قدم فلسطيني أرادت البقاء في أرضها ، كيف نبارك له مشروع بقاء وهو من دمر منازلنا ومساجدنا وكنائسنا شوارعنا ومدارسنا ومشافينا وحدائقنا وكل شىء له صله بالحياة .

لن نكون إلا أدوات مقاومة بكل صورها ، حتى يدرك العالم بأننا بشر تريد الحياة للعيش فيها بكرامة بعيدا عن إحتلال .

متى ما وصل العالم إلى هذه الحقيقة الجلية لن يجد منا إلا أيادي سلام تتمنى الخير للجميع ، هذه رسالة المملكة السياسية ، وشعوب المنطقة في هذا الحدث الدولي لانه يمثل حالة أستفتاء جديدة على حضور القضية المحورية لأمة إقرأ .

د.عارف محمد أحمد علي