كتابات وآراء


الأحد - 23 أكتوبر 2022 - الساعة 01:38 ص

كُتب بواسطة : محمد علي محمد أحمد - ارشيف الكاتب



كانت وفاة الفنان الكبير الراحل فيصل علوي رحمه الله في ٧ فيراير ٢٠١٠م

و كانت وفاة ولده الفنان علوي فيصل علوي رحمه الله في ٢٧ أكتوبر ٢٠١٥م

حَلًَت الكاميرا ضيفة في بيت الفنان الكبير الراحل فيصل علوي وذلك نهاية العام ٢٠١٢م تقريباً ضمن جولاتها التفقدية للمبدعين والشعراء والفنانين والتي كانت واحدة من الفقرات التي نالت استحسان المشاهدين والتي أضيفت إلى برنامج يحمل اسم (( أحسبوها صح ))
وهو برنامج تلفزيون
ي عرض على قناة اليمن الفضائية والذي يعده و يقدمه المذيع المبدع عبدالملك السماوي وسنعرج على هذا الموضوع و هو الشاهد في هذه السطور
ولكن بعد وقفة قصيرة وهامة ضمن سياق موضوع هذا المنشور ...

الراحل فيصل علوي رحمه الله تألم سنيناً طويلة من المرض دون لفتة من المسؤولين الذي يدركون قيمة فيصل علوي ليست الفنية وحسب ، بل قيمته النضالية والتاريخية وما قدمه لوطنه في الجنوب منذ بدايات الستينات سياسياً و اجتماعيا وثقافياً ، حتى أنه من شدة حبه لوطنه ولقاءاته بالسياسيين والأمنيين قيل عنه أنه يعمل في جهاز أمن الدولة ، لأنه بالفعل أمين على دولته ويكن لها كل الحب و الولاء ..

تشرفت بلقائه أثناء مرافقتي لوالدي رحمه الله للعلاج في صنعاء وتحديداً في مستشفى الثورة نهاية العام ٩٠م وبداية العام ٩١م إن لم تخني ذاكرتي ، واكتشفت حينها أن فيصل علوي صديق حميم لوالدي الذي كان من كبار رجال أمن الدولة و ما عاناه والدي في مرضه وما لقيه من إهمال و إقصاء و إجحاف لدوره النضالي ،

كان من أهم أسباب استياء حالته الصحية والنفسية حتى وفاته وهو ما حل بـ فيصل رحمهما الله وما حل بالكثير من الشخصيات الهامة و المبدعين رحمهم الله جميعاً ، نعم الموت حق وهو كتاب معلوم ، ولكن تلك العوامل لها تأثير بالغ في نفسية كل من أفنى عمره وشبابه في خدمة وطنه ثم يُصدَم بالتجاهل و عدم الإهتمام من دولته و رجالاتها ، علما أن الرجلان عزيزا نفس وتأبى أنفسهما أن يطرقا أبواب أحد ، لذلك بالصدفة التقيناه في مستشفى الثورة ، وكان في طريقه للمصعد فرآه والدي من بعيد فقال لي انظر من هذا !!

فقلت معقول !! هذا فيصل علوي قال نعم ، ثم ناداه والدي من بعيد "فيصل" إلتفت فيصل وحين رأى والدي صرخ قائلا "علي خوي" فرمى فيصل نفسه شوقاً وكأنه يشكي له و تعانقا عناقاٌ أخوياً حاراً، وسمعت العم فيصل يقول لوالدي بحزن و ألم شديدين

" شعني مارود يا علي خوي "
أقسم بالله أني بكيت وانا ارى و أسمع هذا المشهد أمامي لرجلان قدما للوطن جل جهدهم بحب و سخاء و إخلاص ونقاء ، ثم يُجَازَوا بهذا الصدود والحرمان والجفاء و في مرضهما يذهبان كحال البسطاء يطلبان العلاج! في مشفى عام !!

و بالعودة لموضوعنا الأساس و "إحسبوها صح " هذا البرنامج الذي كما قال عنه النقاد نقلاً عن استطلاع المشاهدين حينها أواخر العام ٢.١٢م بأن إضافة فقرة زيارة المبدعين والفنانين لقيت استحساناً كبيراً لديهم ، أما عن نفسي انا فوالله تأثرت و بكيت حرقة حين رأيت تلك الفقرة من البرنامج و زيارة المذيع ودخوله بيت الفنان الكبير الراحل فيصل علوي يرحمه الله و الذي مر على موته وقتها أقل من سنتين ، و إذا بي أشاهد بيت متواضع جدا جدا لفنان بحجم فيصل و زوجته ملقاة على السرير في حالة مرضية يرثى لها ، وابنه الفنان الراحل الذي ظهر وحالته المرضية تصعب على الكافر ويناشد الدولة بتوفير له فرصة عمل وراتب شهري !! علوي الذي ظل يعاني من مرضه لأكثر من ثلاث سنوات دون أن تطرق بابه جهة رسمية جنوبية حتى توفي في العام ٢٠١٥م في مستشفى محلي بالحوطة !!

لم ينبش البرنامج وجعاً و ألماً فينا على حال مبدعينا وحال أسرهم وحسب بالرغم ما سببه لكل مشاهد يقدر ويحترم تاريخ أولئك المبدعون وأمثالهم من الرجال المكافحون الأبطال ، و يتسائل بغصة تعصر فؤاده

لماذا صاروا بهذا الحال !!!

من المسؤول والمتسبب في إظهار بيوتهم و أهلهم وحياتهم الخاصة بتلك الصورة المؤلمة !!

وحاشا على آل بيت العزيز فيصل رحمه الله من الذلة ، فهم أكرم الناس و أنقى و أوفى الرجال ، و لكم هو مؤلم مشهد الحياء في وجوههم و الحشرجة في أصواتهم ، ولسان حالهم يقول :

"أخزاكم الله يا من وضعتمونا في هذا الموقف الذي لا نحسد عليه"

كل ذلك سببه مسؤولينا و قيادتنا السياسية التي عجزت عن إدارك مفهوم أبجديات السياسة ، و المنشغلة في أمورها الخاصة والحسابات الضيقة

تاركين كل الأحرار و رموز الجنوب المبدعين والمخلصين من الثوار والمبدعين دون اهتمام ولا لفتة تقدير لهم و رد اعتبار ، ثم يأتي المهرولون و من كانوا في غفلتهم ساهون ، و عن متابعة أوضاع مبدعيهم لاهون ، وبكل وقاحة ينتقدون ، و هم في حقهم مقصرون ، إن تقدم أحد ما و قدم لهم التكريم ، بغض النظر عن أهدافه الخبيثة ، وما وراء ذلكم التكريم ، ولكن حسبها صح ، ودق على الوجع ،
و بعد أن كانوا عن ذكرهم صامتون ، إذا بأصواتهم اليوم يعلنون ، و يسمعوننا صراخهم ليقولون ، فلان أختار المال و للجنوب خان !!!

ما هذا الهراء و أي منطق تدعون ،
ومن الذي أعطى الفرصة للمتربصون ،
أهو من احتضن كل مبدع بقلب حنون
أم من تركه لمصيره المجهول ومنع عنه الماعون !!!
فلا تعلقوا فشلكم على شماعة الظنون
و اعترفوا بخطأكم و لا يلام المخطئون
لكن العيب أن نعالج الخطأ بالطعون

لذا تدراكوا أخطاؤكم واحتضوا المبدعون ، وكل روادنا الأعلام البارزون
والله أسأل أن يحمي جنوبنا من المنافقون ، وأن يحقق آمال شعبنا في استعادة دولتنا ، دولة النظام والقانون .