كتابات وآراء


الخميس - 14 مارس 2024 - الساعة 03:02 ص

كُتب بواسطة : د. هيثم الزبيدي - ارشيف الكاتب



دخلنا مرحلة المسلسلات الرمضانية مع بداية الشهر الكريم. هذا موسم الذروة كما اعتدنا منذ عقود. تتزاحم الفضائيات، خصوصا الخليجية، في عرضها أفضل المسلسلات، المصرية والسورية والسورية/اللبنانية والخليجية مع منافسة صاعدة من الإنتاج الدرامي المغربي.

لكن الفضائيات الوطنية أدركت أن لديها حصتها من المشاهدة وعليها الاهتمام بها. اسأل التونسيين أو العراقيين عن المسلسلات المفضلة لديهم في رمضان، وسيردون بأنها المسلسلات المحلية.

الاختيارات ليست على أساس تفضيل المحلي فقط. لست ناقدا فنيا، لكن بعض شركات الإنتاج المصرية على وجه الخصوص، صارت تستعيد ما يشبه “سينما المقاولات” التي سادت في نهاية السبعينات وكل الثمانينات.

تراجع مستوى النوع لحساب الكم. النتيجة كما هي معروفة من اضمحلال الاهتمام بالسينما المصرية وأفول نجوميتها. بعد صحوة للإنتاج الدرامي التلفزيوني في مصر مكنتها من استعادة الحضور في مواجهة الدراما السورية والسورية/اللبنانية، ها نحن نشهد تراجعها من جديد لصالح الكم.

إغراء المنصات التدفقية مثل “شاهد” التي تريد المزيد من الأعمال أوقع الإنتاج المصري الدرامي في دراما المقاولات.

كثير من الأعمال الدرامية الخليجية تبدو مفتعلة، وتدور حول “نجومية” عدد من الممثلات الخليجيات المخضرمات. استقطاب الممثلين الشباب كان مفيدا للتنويع، لكنه بقي مستعجلا.

هذا الاستعجال في صنع النجومية يُفقد الممثلين والممثلات الشباب الرغبة في الاستثمار في تطوير مواهبهم التمثيلية. ما الحاجة إلى الإبداع طالما أن المطلوب هو وجه خليجي على الشاشة، وليس عملا دراميا خليجيا متميزا؟

مع الموسم الحالي زاد تأثير الفرق بين أساليب عرض المسلسلات. لم تكتف منصات البث التدفقي بتقديم المسلسل وقتما يحب المشاهد، بل استبق بعضها البث الفضائي بعرض حلقة أو حلقتين مبكرا.

هذه طريقة ترويج جيدة وجديدة، خصوصا وأن بعض المنصات قررت تقديم مسلسلات كثيرة بشكل مجاني لمشاهدين لا يريدون الاشتراك بالخدمات. الفضائيات تعرض المسلسلات بشكل مجاني وتمول نفسها من الدعم الحكومي أوالإعلانات.

المنصات التدفقية تجرّب فكرة العرض مع إعلانات كنموذج للحصول على عائدات من دول لم يعتد مواطنوها على الدفع مقابل الخدمات.

هذا الفرق بين الفضائيات والمنصات صار أكثر حضورا وسيشكل المشهد الإنتاجي خلال المرحلة القادمة. الفضائيات تقدم ما لديها أشبه بالوجبات المتعاقبة التي لا خيارات لك أمام توقيتاتها. المنصات التدفقية هي “بوفيه” منوع مما يعجب الجميع متاح بالتوقيتات التي تناسب من تعود على الاختيار بدلا من “الإجبار”.

لا نزال في أول أيام الشهر الفضيل، ومن الصعب الحكم على ما يقدم. لكن بوفيه المسلسلات منوع وغني بالموضوعات.

ولعل الموسم الحالي، مما يمكن رصده من أكثر من 60 عملا عربيا، تغلب عليه القضايا الاجتماعية ببعدها الحياتي والسياسي البسيط. لم يعد ثمة الكثير مما يقدم عن القضايا الدينية والتراثية.