أخبار وتقارير

الأربعاء - 24 ديسمبر 2025 - الساعة 01:24 ص بتوقيت اليمن ،،،

أنس الخليدي


في المحصلة الجنوب بات حقيقة سياسية يديرها أبناؤه سواء اعترفنا بها ضمن صيغة الوحدة أو ترجمناها في مسار دولتين منفصلتين، لكن تضخيم الانفصال في خطاب الإخوان بوصفه الخطر الأعظم هو المفارقة الفادحة التي تتعمد تقزيم الاحتلال الإيراني لصنعاء ومحافظات الشمال وتحويله إلى مجرد تفصيل هامشي،

وهذا الخطاب ليس بريئ ولا جديد بل الامتداد نفسه للدور الذي لعبوه منذ بدايات الحرب حين قدموا كل صراعات الشرعية الداخلية وتوازناتها كأولوية وتركوا مشروع الهيمنة الإيرانية يتمدد بلا كلفة سياسية أو أخلاقية حقيقية.

الجنوب بالواقع وفي الحقيقة لا يمثل معضلة اليمن لا في السابق ولا بوضعه الراهن ولا حتى بمآلاته المحتملة لأن الإشكال الجوهري يتمثل ببساطة في وجود احتلال إيراني فعلي مكتمل الأركان في الشمال وتديره مؤسسات وأجهزة وكادر بشري يعمل ضمن مشروع إقليمي واضح وجريء، والقفز فوق هذه الحقيقة والتركيز الهستيري على الجنوب ليس سوى هروب من مواجهة جوهر الصراع، ومحاولة لإعادة إنتاج مركزية ميتة تحت شعارات وحدوية مستهلكة،

وطالما بقيت القوى في الشمال في هذه الحالة من الانهيار البنيوي والعجز السياسي والتماهي مع واقع الاحتلال فإن الرهان عليها كشريك استراتيجي مع الجنوب ليس فقط وهم بل مخاطرة تعيد تدوير الفشل نفسه تحت مسميات جديدة.

الحفاظ الحقيقي على الوحدة يبدأ بتحرير صنعاء والمحافظات الشمالية من الاحتلال الإيراني الذي صادر القرار والسيادة معًا. فالوحدة ليست عقد أخلاقي مع الفراغ ولا هي التزام سياسي مع جغرافيا محتلة أو مختطفة بل شراكة بين أطراف تملك قرارها وتمثل بيئاتها بحرية.

الجنوب اليوم لكي يبني تفاهمات واتفاقات استراتيجية تشاركية يحتاج شمال سياسي حي وحر وليس ساحة تدار من طهران أو مؤسسات تعمل كوكلاء لمشروع عابر للحدود والهوية الوطنية، فاستمرار الاحتلال في الشمال يفرغ أي حديث عن الوحدة من مضمونها وينهي تلقائيًا أي التزامات أخلاقية أو سياسية تفرض على الجنوب باسمها لأن الشراكة حتى كفهوم لا تقوم مع كيان منزوع الإرادة والقرار ولا تُبنى دولة على نصف محتل ونصف يطالب بتقديم التنازلات، اعقلوا..!!