أخبار وتقارير

الإثنين - 22 ديسمبر 2025 - الساعة 06:01 م بتوقيت اليمن ،،،

محمد عمر


يكفي أن تنطق كلمة انفصال حتى تنهار اللغة من أعلى وتتدحرج إلى أسفلها الحيواني

هذا الشهر مشحون بالكراهية سيل من التعليقات المقززة يجتاح المنصات كالوباء لكن لا شيء ببذاءة تعليق طالعته قبل قليل يقول( متى ما انفصل الز*ب عن الكعا*ل سينفصل جنوبكم يا هنود )

أعتذر منكم مع أن جدوى الاعتذار قاصرة وكلنا نعيش في المزابل الافتراضية

تشهر الألسن إيحاءات لا فرق بينها وبين أدوات حلاقة رخيصة

هلع وتشبيهات سوقية خوفا على وحدة مترهلة نخرتها الشيخوخة وحدة هرمة بلا أسنان ولا للإنسان
اعتاشت على سلطة الاسم لا عن عدالة المعنى حتى قضم أسنانها السوس والجشع وتساقطت البلاد قطعة قطعة

يصعد التحقير في المنصات من القاع حين يفشل العقل ويتقزم المنطق عن الدفاع
تتفتق اللغة عن قيعانها تتقيأ المفردات من قاع المخيال
تندلع تشبيهات من مواطن لا كرامة فيها

إذا انفصل القضيب عن الخصيتين سينفصل جنوب الهنود إذن؟
بربك هل تعتقد بصدق أن من تخاطبه بهذه اللغة سيختار البقاء معك؟ أم سيرحل مثقلا بالقرف؟

لا يناقش الشمالي فكرة الانفصال بقدر ما يشعر بها كإهانة شخصية كطعنة نسب كعار للعشيرة كفضيحة تاريخية وإلحاد بالسماء
بالمقابل فالجنوبي لا يرى في هذا الهجوم إلا برهانا إضافيا على أن التعايش مستحيل حتى في اللغة
إذا كانت اللغة نفسها أصلا ميدان إكراه فكيف ستكون الدولة؟

هذا فزع من المرآة هلع من لحظة اعتراف أن المشروع فشل
الأحمق وحده سيقرأه حبا في الوحدة وخوفا على وطن

والخوف الحقيقي أن يصبح الآخر مكتفيا دونك الخوف من فقدان الامتياز من خسارة السيطرة ولو السيطرة الرمزية

أسوأ كوابيس المهيمن غير ثورة الضحية هو استقلاله الهادئ
لهذا لن تجد حججا لا شيء سوى سكاكين الإهانات والتخوين المسمومة

هكذا إذن يظهر الجنوب كفعل مرعب وتلتصق به مجاعة ألسن الشامتين
ما ضركم لو تحالف حتى مع الشيطان؟ ما ضركم لو استباحته الإمارات؟
ما ضركم أن يعيش دونكم أن يكتفي أن أن ينجح وحده أو يتمرغ بزعمكم في الدنس وحده
دعوا الجنوب وحتفه مع المؤامرة الكونية من إسرائ*يل أو عزرائيل

تغتصب البيئات المأزومة فكاهة الخطاب الساخر وخفة الدم
تغتصبها لاختصار رخيص لإجهاض الحوار
لاستلاب الكلمة في الفم قبل أن تنتفض الحقوق قبل أن يسأل أي أحد عن حقه قبل أن يتحرر أي عقل من قيد الذل الجماعي

هذه سياسة الكسالى في البلد الكسول بلد مكدس بالعاطلين مثقوب بالفراغ والرداءة والبذاءة والدناءة
طاعون ينهشه وينهش ما بقي من قدسية أصل العرب المزعومة

ثم يأتيك الاتهام المعلب المعاد تدويره وربما يأتي هنا أيضا في التعليقات
كنا نحسبك مثقفا!

هكذا إما أن تكون الثقافة طاعة وتتلوا قسم الولاء للقطعان أو ستجرد من الانتماء وتنفى إلى الهند أو الصومال أو أي جغرافيا للعقاب الرمزي

هذه أنساق لغة واحدة فزع واحد ولبن واحد رضعوه للوحدة
تظنها ماكينة منظمة لكنها أخطر من ذلك هي غريزة جماعية
تستيقظ كلما خدش مركزها

مجرد ذكر الجنوب يكفي ليذوب التناقض ليصطف الجميع المتعلم والعامي الشيخ والناشط الإصلاحي والحوثي اليساري والقبلي

حتى المختلفون على الله يتفقون عليك

شكرا للانفصال الانفصال البعيد ربما ولا يهمني أصلا ابتعد أو اقترب فاللعنة تلاحق الأنفس الغاصة بالفحش الداخلي لا خرائط الجغرافيا

لكن يستحق الجنوب الشكر فهو الوحيد الذي أعاد للشمال إحساسه بالجماعة وهو يتآكل من الداخل