عرب وعالم

الثلاثاء - 09 ديسمبر 2025 - الساعة 10:55 ص بتوقيت اليمن ،،،

العرب


عززت قوات الدعم السريع من مكاسبها على أرض إقليم كردفان، بالسيطرة على أكبر حقل نفطي في البلاد، في مقابل تراجع دراماتيكي للجيش الذي يجد نفسه عاجزا عن مجاراة نسق المعارك الدائرة في الإقليم المحاذي لدولة جنوب السودان.

وأكدت قوات الدعم السريع في بيان أنها "تمكنت من استلام منطقة هجليج الاستراتيجية بولاية جنوب كردفان (...) وتحريرها".

وقالت مصادر قريبة من الجيش، إن القوات الحكومية والعاملين في حقل هجليج النفطي انسحبوا من المنطقة الأحد، لتجنب اشتباكات كان من شأنها أن تلحق الضرر بالمنشآت النفطية.

وأفاد مصدر يعمل في حقل هجليج النفطي بأن الجيش والعاملين انسحبوا إلى جنوب السودان.

وسيطرة قوات الدعم السريع على منطقة هجليج منتظرة، بعد أن فرضت قبضتها مطلع ديسمبر الجاري على مدينة بابنوسة.

ومنطقة هجليج تضم 75 بئرا نفطيا، وتعد المنشأة الرئيسية لمعالجة صادرات النفط نحو جنوب السودان التي تشكل القسم الأكبر من العائدات بالنسبة إلى حكومة جوبا.

وتقع المنطقة في أقصى جنوب إقليم كردفان والتي تضم كذلك مناجم ذهب تستخدم عائداتها في الجهد الحربي بالسودان.

وشهدت هذه المنطقة الإستراتيجية في الأسابيع الأخيرة معارك دامية بعدما سيطرت قوات الدعم السريع نهاية أكتوبر على كامل إقليم دارفور في غرب البلاد.

وتشكل منابع النفط نقطة محورية في الصراع المحتدم بين الجيش وقوات الدعم السريع في كردفان.

وفي أكتوبر الماضي نجحت قوات الدعم السريع في السيطرة على حقل بليلة بولاية غرب الإقليم والذي كان ينتج نحو 70 ألف برميل قبل الحرب ليتقلص الانتاج خلال الحرب إلى 16 ألف برميل، ويبلغ الاحتياطي بالحقل مليوني برميل.

ويرى متابعون أن السيطرة على منطقة هجليج النفطية تمنح قوات الدعم السريع مصدرا مباشرا للقوة المالية، يتيح لها تعزيز قدرتها على التمويل الذاتي ومواصلة عملياتها العسكرية على نطاق أوسع.

والنفط، في بلد يعاني من انهيار اقتصادي، ليس مجرد سلعة إستراتيجية، بل هو شريان حياة يمكن أن يحدد لمن تكون اليد العليا في الصراع. ومع ضعف قدرة الحكومة والجيش على حماية أهم منشآتهم الاقتصادية، يظهر المشهد أكثر ميلًا نحو ترجيح كفة طرف واحد.

ويشير المتابعون أن السيطرة على حقل هجليج تمكن الدعم السريع من كسب ورقة ضغط سياسية من العيار الثقيل، إذ يمكن استخدامها في المفاوضات، سواء لفرض شروط معينة أو للحصول على اعتراف أكبر كقوة مهيمنة على مناطق واسعة من البلاد.

ويبقى الأثر الاقتصادي الأكثر حضورا في هذه المعادلة. فبخسارة الحقل الذي يشكل أحد أهم مصادر العملة الصعبة يفقد الجيش عائدات ضخمة كان يعتمد عليها في تمويل آلة الحرب والمناطق الخاضعة لسيطرته .

كما أن توقف الإنتاج أو تعطله بسبب القتال سيؤدي إلى تراجع إضافي في إمدادات الوقود، وارتفاع الأسعار، وزيادة الضغط على المواطنين الذين يعيشون أصلًا في ظروف اقتصادية خانقة.

وعلى الصعيد العسكري، فإن السيطرة على الحقل تعطي الدعم السريع موقعا استراتيجيا جديدا ضمن خارطة انتشار قواتها. فهي تُظهر قدرتها على تجاوز خطوط التماس والوصول إلى عمق جغرافي كان يراه الجيش منطقة حساسة ومحاصرة بحماية مشددة.

وتضع التطورات الأخيرة الجيش تحت ضغط إضافي يتمثل في ضرورة استعادة المنشأة بأي ثمن، وهو ما قد يفتح الباب أمام جولات قتال جديدة في إقليم كردفان، الذي شهد أصلًا تصاعدًا في العمليات العسكرية خلال الأشهر الماضية. وفي ظل النقص الواضح في القدرات اللوجستية للجيش، تصبح مهمة استعادة السيطرة عملية معقدة ومحفوفة بالمخاطر.

ويرى مراقبون أن التطورات الميدانية الأخيرة تؤكد فداحة الخطأ التي ارتكبته قيادة الجيش برفض الهدنة الإنسانية، التي دعت إليها الرباعية الدولة الممثلة في الولايات المتحدة والإمارات، والسعودية ومصر.

ويشير المراقبون إلى أن الجيش لم يقدر الموقف الميداني بشكل جيد، والذي يميل بشكل واضح لصالح قوات الدعم السريع، لافتين إلى أن الوقت لم يفت لإعادة النظر في موقفه من الهدنة.