منوعات

الإثنين - 08 ديسمبر 2025 - الساعة 03:17 م بتوقيت اليمن ،،،

العرب


أثار تصريح لكاتب فيلم "الست" أحمد مراد في مهرجان مراكش السينمائي الدولي عاصفة واسعة على وسائل التواصل في مصر، حيث قال مجازاً إن كتابة سيناريو عن أم كلثوم كانت "أصعب مهمة" في مسيرته، مضيفاً "دايما بقول لو بنعمل فيلم عن الرسول كان هيكون أسهل شوية"، مشيراً إلى التحدي الفني في تجسيد أسطورة حية مثل كوكب الشرق مقارنة بسيرة دينية.

وفيلم "الست"، يتناول سيرة المطربة المصرية أم كلثوم، وهو من بطولة منى زكي وإخراج مروان حامد، وعرض عالمياً أول مرة في مهرجان مراكش السينمائي الدولي في الثالث من ديسمبر 2025.

وردت البطلة منى زكي في الندوة نفسها بتصريح يعكس ثقتها في الفريق، قائلة "لم أقدم على هذا الدور إلا لأني أثق في مروان حامد وأحمد مراد تماماً؛ الفيلم يُظهر أم كلثوم إنسانة عادية قبل أن تكون أيقونة، مع كل ضعفها وقوتها، وهو احتفاء بتراثها دون أي إساءة". هذا الرد هدأ بعض الغاضبين، لكنه لم يمنع انتشار حملات المقاطعة.

وانتشر التصريح على نطاق واسع، وكان لا فتا دخول السلفيين على الخط لتصعيد الاتهامات ضد الكاتب أحمد مراد بتهمة "ازدراء الأديان".

بدأ الأمر بتقديم المستشار أيمن محفوظ، محامٍ بالنقض، بلاغاً رسمياً إلى النائب العام في 3 ديسمبر (رقم 1460704)، يتهم فيه مراد بازدراء الأديان بموجب المادة 98 (و) من قانون العقوبات المصري، التي تعاقب بالحبس حتى 5 سنوات أو غرامة على "استغلال الدين للترويج لأفكار متطرفة أو ازدراء الأديان السماوية". وصف محفوظ التصريح بأنه "طعن في مقام الرسول وإصابة لمشاعر المسلمين في مقتل"، مطالبًا بتحقيق عاجل ومنع مراد من السفر.

وتدخلت أصوات سلفية، اعتبرت التصريح "تطاولاً على مقدساتنا" ودعت إلى مقاطعة الفيلم ككل، معتبرين أن أي مقارنة بين شخصية فنية ونبي "غير منطقية ولا مقبولة".

ومع بدء العد التنازلي لعرض الفيلم في دور السينما المصرية يوم العاشر من ديسمبر 2025، أدى دخول هذه الأصوات إلى زيادة الترقب وزادت عمليات البحث على الفيلم على غوغل بنسبة 300%، لكنه أثار مخاوف من حملات مقاطعة في الدول المحافظة.

ونشر حساب تغريدة متشددة تدعو إلى الغضب الجماعي، مع صورة مرفقة لأحمد مراد: "فيلم "الست" إنتاج مشترك لهيئة الترفيه السعودية... واليوم خرج علينا مؤلفه المعتوه يدعى ان عمل فيلم عن المغنيه ام كلثوم اصعب من عمل فيلم عن رسول الله صل الله عليه وسلم. إساءه واضحه لرسولنا الكريم اعتقد ان الدنيا كانت قامت ولم تقعد من الذباب السعودى لو كانت موجهه لتركى آل الشيخ".

ويقول مراقبون إن الجدل مثل فرصة ذهبية للسلفيين لتعزيز نفوذهم في الرقابة على الإنتاج الإعلامي والسينمائي، خاصة في ظل انتشار الأعمال التي تتناول رموزاً ثقافية مثل أم كلثوم، التي بدأت مسيرتها بغناء التواشيح الدينية. ويُرى الفيلم كمحاولة لإعادة صياغة أم كلثوم كرمز نسوي-ثقافي، بعيداً عن بداياتها الدينية الأولى.

كما أن التصعيد يأتي عبر حملات على وسائل التواصل تدعو إلى المقاطعة والمحاكمة، مما يضغط على الجهات الرسمية للتدخل. ورغم أنه لم يعلن عن تحقيق رسمي من النيابة العامة، لكن الضغط السلفي قد يؤثر على الاستقبال الشعبي.

والنهج ليس جديداً؛ بل يذكر بجدلات سابقة، حيث استخدمت التيارات المتشددة الدين لفرض قيود على السينما، محولة الفن إلى ساحة للصراع الثقافي.

ويحاول التيار السلفي الاستفادة من الانتشار الإعلامي والسياسي للفيلم حيث يمنحه منصة لجذب المتابعين وزيادة التأثير الشعبي، خاصة في ظل التوترات الإقليمية، وتعزيز صورتهم كـ"مدافعين عن القيم الإسلامية" ضد "التغريب"، خاصة مع دعم الفيلم من جهات سعودية، مما يُضخم الغضب كـ"غزو ثقافي". غير أن التصعيد يعكس في الحقيقة مخاوف أوسع من فقدان الإسلاميين بصفة عامة السيطرة على السرديات الثقافية في عصر الإعلام الرقمي.

وفي هذا السياق، زاد من البحث عن الفيلم على غوغل بنسبة 300%.

ويعد أحمد مراد، هدف سهل نسبيا بالنسبة للتيارات السلفي خاصة مع تورطه في الجدلات السابقة مثل إساءته المزعومة لنجيب محفوظ في 2019، حيث يُصور كـ"ليبرالي" يهاجم التراث الإسلامي، مما يُشعل حماس المتشددين لـ"المحاسبة".

يذكر أنه أقيم عرض خاص لعائلة أم كلثوم في القاهرة يوم 5 ديسمبر، حيث أعجبت الأسرة بالفيلم ووصفته بـ"احترام كامل للتراث" وقالت ابنة شقيقة أم كلثوم في تصريح إن "الفيلم يعيد إحياء ذكرى عمتي بكرامة، ولا يمس أي قيم دينية".

ودافع معلقون عن مراد مؤكدين ان كلامه كان مجازيا. وكتب حساب: "مش كل كلمة تنقال تعني إساءة… ومش كل جدل يعني هجوم. تصريح أحمد مراد عن صعوبة تقديم فيلم الست ما كان أبداً تقليل من مقام النبي ﷺ — وحاشا لله — بل قراءة من زاوية فنيّة بحتة، مش دينيّة ولا إيمانيّة. سيرة الرسول ﷺ واضحة، موثّقة، محفوظة بالتاريخ والسُنّة، طريقها معروف ومعالمها (...)".