أخبار وتقارير

الأربعاء - 03 ديسمبر 2025 - الساعة 05:52 م بتوقيت اليمن ،،،

عبدالكريم السعدي


(1)
من يظنون أن كل ما حدث في حضرموت كان لإسقاط المنطقة العسكرية الأولى فهم واهمون وغارقون في جهالتهم. فإن كان هناك حقيقة سقوط، فالتي سقطت هي حضرموت التي سقطت وإلى الأبد عن الجسد الجنوبي بسبب رعونة البعض الجنوبي واستسلامهم للدفع الإقليمي دون تمييز أو دراسة أو اعتراض!!

(2)
إسقاط المنطقة العسكرية الأولى أو إبعادها عن حضرموت لم يكن يحتاج لكل هذه الحشود وكل هذه الخسائر وكل هذا التمزيق الذي لحق بالجسد الجنوبي المثخن بالجراح أصلاً، بل كان يحتاج فقط إلى قرار من التحالف يُملى على القائم بدور وزير الدفاع في سياق فصول المسرحية الهزلية التي يعيشها جنوب وشرق اليمن، يقضي بإعادة تموضع القوات، خصوصاً أن تلك القوات تخضع للتحالف وتأتمر بأمره!!

(3)
الحقيقة أن التحركات جاءت على خلفية تنافس طرفي التدخل في اليمن، الرياض وأبوظبي، وجاءت لتنفيذ مخطط دولي يقضي باستكمال السيطرة على منابع الثروة والشريط الساحلي والممرات المائية في تلك المناطق، وحضرموت كانت حلقة من حلقات هذا المخطط بعد أخواتها اللاتي سبقنها !!

(4)
كان من الضروري أن يحرص طرفا التنافس الإقليمي على اكتمال
الحبكة الدرامية للمشهد بحيث تظهر مقنعة للمتابع، ولا ضير أن تُسفك على جوانبه الدماء وتزهق الأنفس، وتتمزق عُرى الروابط الاجتماعية والسياسية للمسرح الذي سيحتضن هذا المشهد، طالما أن كل تلك الدماء والضحايا ستكون يمنية خالصة!!

(5)
كالعادة في مثل لقاءات أصحاب المصالح المشبوهة، لابد من وجود ضحايا وكذلك وجود مستثمرين طاعمين لبقايا موائد تلك الأطراف. وفي مشهد حضرموت، كانت جماعات الارتزاق الانتقالية أبرز الطاعمين حول بقايا تلك الموائد، بتجديد الولاء لسيدتها أبو ظبي، وتذكيرها بعدم عدالة تسليم ملف المناطق الجنوبية لأخوها في الرضاعة، طارق عفاش. وبالمقابل، كانت قضية الجنوب ووحدة نسيجه الاجتماعي والوطني أبرز الضحايا !!

(6)
جدد أتباع الإمارات في عدن حضورهم في سجلات ابن زايد، وأعلنوا أنهم ما زالوا يصلحون مطية تتوفر فيها ضمانات الركوب، وأنهم ما زالوا يصلحون لتحمل ملف المناطق الجنوبية. ودفعوا لذلك حضرموت قرباناً لبن زايد، وثمناً لاستعادة ثقته بهم، كما سبق لهم أن دفعوا سقطرى وعدن ثمناً لإسناد بن زايد لهم في مواجهة منافسيهم الجنوبيين في محافظات أبين وشبوة وعدن وغيرها !!

(7)
سيستمر مسلسل العبث السعودي الإماراتي في هذه المناطق المعلولة بعمالة بعض أبنائها، وستستمر معركة رفض الدولة ومؤسساتها، وتفريخ المليشيات وتوابعها. وغدًا سيكون موعدنا مع هدف جديد للمتنافسين الإقليميين، وطُعم جديد يُرمى للمتسكعين حول موائد أولئك المتنافسين. وستستمر عملية حشر الشعب في زاوية الخيارات الضيقة، بحيث لا يجد أمامه سوى الخيارات المُرة التي سيدفع ثمنها طرفا التدخل الرياض وأبو ظبي قبل أي طرف آخر!!

عبدالكريم سالم السعدي
3 ديسمبر 2025م