أخبار وتقارير

الخميس - 13 يوليو 2023 - الساعة 12:24 ص بتوقيت اليمن ،،،

العرب


دفع التدهور غير المسبوق للريال اليمني أمام الدولار رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي إلى استدعاء أعضاء المجلس إلى مقر إقامته المؤقت، في العاصمة السعودية الرياض، لبحث هذه المسألة، وفق وسائل إعلام محلية، والتي قادت تجار مدينة تعز جنوب غربي اليوم الأربعاء إلى شنّ إضراب، فيما قررت سلطات محافظة حضرموت وقف بيع وشراء العملات على خلفية القضية ذاتها.

ويأتي هذا الاجتماع المرتقب مع تواصل العملة اليمنية انهيارها التاريخي مع عجز حكومي عن السيطرة على القطاع المصرفي في البلاد، بعد أن تخطى سعر الدولار حاجز 1500 ريال للمرة الأولى، الأمر الذي يفاقم الظروف المعيشية الصعبة للملايين الذين أنهكتهم الحرب الدائرة منذ نحو سبعة أعوام.

ونقل موقع "المشهد اليمني" عن مصادر -لم يسمها- إن الاجتماع سيبحث التطورات في محافظتي حضرموت ومأرب (شرقي اليمن) والتصعيد العسكري الأخير للميليشيات الحوثية باتجاه عدد من المحافظات.

وصعدت جماعة الحوثي من تحركاتها المسلحة في مأرب اليوم الأربعاء وقامت ببناء مواقع قتالية جديدة واستقدام مسلحين بالإضافة إلى قصفها للمدينة المكتظة بالسكان والنازحين بصاروخين بالستيين، وذلك بعد يوم واحد من إحرائها مناورة عسكرية في مناطق سيطرتها بالمحافظة.

وذكرت المصادر أن هناك تغييرات "مهمة"، قادمة في الحكومة الشرعية، ترافقها قرارات جمهورية بهدف تحسين الاقتصاد الوطني.

وتوقعت المصادر إعلان مجلس القيادة الرئاسي، إجراءات تتعلق بموانئ الحديدة ومطار صنعاء لإجبار الحوثيين على رفع الحظر عن استئناف تصدير النفط والغاز من محافظتي حضرموت وشبوة.

وكان وزير الأوقاف السابق أحمد عطية، قد كشف الأربعاء في تدوينة عبر صفحته على فسبوك عن تغييرات جذرية كبيرة ستشهدها الحكومة الشرعية خلال الأسابيع القادمة.

ولم يفصح عطية عن تفاصيل حول تلك التغييرات، إلا أنها تأتي في ظل انهيار كبير للاقتصاد، وتراجع قيمة العملة المحلية.

ووصل سعر الدولار إلى 1512 ريال يمني اليوم الأربعاء، فيما حذر مراقبون اقتصاديون من انهيار أكبر كارثية خلال الأيام القادمة حيث وصل البنك المركزي إلى الإفلاس.

وأفاد شهود عيان، بأن العديد من تجار مدينة تعز الواقعة تحت سلطة الحكومة، أضربوا عن العمل وأغلقوا محلاتهم أمام الزبائن، احتجاجا على استمرار تدهور العملة، دون وجود أي حلول من قبل سلطات البلاد.

ووجه محافظ حضرموت مبخوت مبارك بن ماضي بإيقاف بيع وشراء العملات الأجنبية، بالتزامن مع تواصل انهيار الريال أمام العملات الصعبة، وفق بيان لسلطات المحافظة .

وأوضح البيان أن "بن ماضي وجه مديري فرع البنك المركزي بمدينتي المكلا وسيئون في حضرموت، بمراقبة محال الصرافة، وتوجيهها بإيقاف كافة عمليات البيع والشراء للعملات الأجنبية، سواء بالنقد أو عن طريق الشيكات أو داخل حسابات العملاء، ابتداءً من اليوم وحتى إشعار آخر، مع بقاء التعامل باستلام الحوالات في محال الصرافة".

وحث محافظ حضرموت "الأجهزة الأمنية على مراقبة أي تجاوز لعمليات بيع العملات الأجنبية في عموم المحافظة"، حسب البيان.

وتعد تعز المحافظة الأكثر سكانا في اليمن، فيما حضرموت أكبر محافظة من حيث المساحة في البلاد.

ومساء الإثنين، أفاد المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ ، في إحاطة له أمام مجلس الأمن الدولي، بأن " قيمة الريال اليمني مقابل الدولار انخفضت في مدينة عدن بأكثر من 25 بالمئة خلال الـ12 شهرًا الماضية".

ولفت إلى أن "أطراف النزاع تواصل خوض معركة على جبهة أخرى هي الاقتصاد، محذرا من أن المواطن اليمني هو من يدفع الثمن الأكبر للانقسامات الاقتصادية والتدهور في البلاد".

ويأتي ذلك بعد أن سجل الريال اليمني انهيارا قياسيا أمام العملات الأجنبية في المحافظات الواقعة تحت سلطة الحكومة الشرعية، للمرة الأولى منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في أبريل 2022.

ووجه رئيس المجلس الأعلى للحراك الثوري الجنوبي فؤاد راشد، الثلاثاء تحذيرا عاجلا من انهيار اقتصادي متكامل في اليمن وهاجم الحكومة الشرعية

وقال راشد عبر حسابه على تويتر "‏اليمن على حافة انهيار اقتصادي متكامل الأركان ولا توجد أدنى مسؤولية لا عند التحالف ولا الشرعية التي صارت اليوم مجموعة قوى سياسية وعسكرية فاسدة شكلت عقب مشاورات الرياض".

وأضاف"لا هناك برنامج إنقاذ ولا حلول تتبدى في الافق"".

وأكد أن "ما يجري هو مناكفات للاستحواذ على سلطة تائهة أساسا وصارت للشرفاء عبئا".

ويرى خبراء اقتصاد أن الريال مرشح لفقدان مزيد من قدرته الشرائية أمام سلة العملات الأجنبية، مما ينذر بموجة ارتفاع جديدة لأسعار المواد الغذائية والضرورية في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.

ومع ما يسجله هذا الانخفاض المتتابع تتزايد التحذيرات المحلية والدولية من تفاقم الأزمة الاقتصادية في ظل أزمة إنسانية هي الأسوأ عالمياً، ووسط توقعات بمزيد من التدهور خلال الأيام المقبلة جراء غياب المعالجات الحكومية الفاعلة.

وتسعى حكومة معين عبدالملك إلى استئناف صادرات النفط أملا في رفد خزانة الدولة بالعملة الصعبة للحد من التدهور الاقتصادي، إلا أن خبراء شككوا في مدى نجاحها على إحداث تعاف ملموس مع توقف التصدير وعوامل أخرى.

وتسبب وقف تصدير النفط في خسارة البلد نحو مليار ونصف المليار دولار، في حين يتحمل البلد أعباء تسرب العملة الصعبة بسبب شراء المشتقات النفطية لتغطية النقص المحلي التي تبلغ نحو 3.4 مليار دولار، بحسب تقرير البنك المركزي الأخير، بالتالي يحصل انهيار متتابع في العملة المحلية.

وتوقف تصدير النفط اليمني منذ نوفمبر الماضي بسبب هجمات شنتها ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران بطائرات مسيرة مفخخة استهدفت موانئ التصدير في محافظتي شبوة وحضرموت (شرق).

وفي إطار معالجاتها لوقف هذا التدهور كانت الحكومة اليمنية قالت مطلع العام الحالي إنها اتخذت قرارات تقضي بإيقاف تراخيص مزاولة أعمال الصرافة لعدد من الشركات "غير ملتزمة قانون تنظيم القطاع".

وشددت على "أهمية اتخاذ كل الإجراءات الهادفة إلى منع الاختلالات والمضاربة في سعر الصرف والإضرار بحالة الاستقرار في السوق، وضرورة المتابعة الميدانية من البنك المركزي للتنفيذ وتقييم الوضع بشكل مستمر، والعمل على التطبيق الصارم لقانون شركات الصرافة، وما يتضمنه من إجراءات الفحص والتدقيق في العمليات المالية أولاً بأول".

غير أن الإجراءات الحكومية لم تثمر عن نتائج ملموسة توقف حالة الانهيار الاقتصادي المتلاحق في البلد المعذب بالحرب والصراعات في حين وصلت القيمة الشرائية للعملة اليمنية أدنى مستوياتها، نتيجة اعتماد البلاد على استيراد السلع الأساسية والكمالية بالعملة الصعبة التي تتم تغطية فارق قيمتها مع العملة المحلية برفع الأسعار، وهو ما يتسبب في موجات غلاء فاحشة في السلع الأساسية بالعاصمة المؤقتة عدن، والمحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية، الأمر الذي يزيد المخاوف من شبح مجاعة تلوح في الأفق المعتم أكثر من أي وقت مضى.

وتزامنا مع حملات إلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي عكست في مجملها الحالة الإنسانية المتفاقمة جراء الوضع المالي الصعب، تقف الحكومة الشرعية عاجزة عن اتخاذ معالجات تلامس المشكلة بعد أن فشلت في استئناف تصدير النفط وردع الضربات الحوثية التي تستهدف موانئ التصدير، وهو ما يشكل لها عامل ضغط إضافيا يضاف إلى انهيار الخدمات، ويعزز عجزها عن السيطرة على القطاع المصرفي في البلاد، الأمر الذي يدفع إلى دخول الملايين موجة مجاعة جراء ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى مستوى لا يمكن لغالبية اليمنيين تحمله كون الأسواق اليمنية تعتمد في معظم سلعها على المستوردات الخارجية التي يتم توريدها بالنقد الأجنبي خصوصاً المواد الغذائية، فمع كل انخفاض لقيمة الدولار يباشر التجار رفع الأسعار التي تباع بالعملة المحلية لتعويض النقص في قيمة الريال أمام الدولار.

بحسب بيانات اقتصادية صادرة عن وزارة التجارة اليمنية تستورد السوق نحو 80 في المئة مما تستهلكه، وبحسب خبراء اقتصاديين أدت الحرب الدائرة في البلاد منذ ثماني سنوات إلى تقليص حجم الإنتاج المحلي، ليتضاعف حجم الطلب على الاستيراد الخارجي لتغطية متطلبات السوق اليمنية إلى نحو 90 في المئة كحد أدنى.