عرب وعالم

الجمعة - 02 يونيو 2023 - الساعة 12:04 ص بتوقيت اليمن ،،،

العرب


في الوقت الذي يسعى فيه النظام المصري إلى تحديث خطابه الرسمي في القضايا الاجتماعية، يستمر الأزهر في السير في الاتجاه المعاكس ليظهر أنه موجود وأنه مؤسسة لا يمكن القفز عليها أو تهميشها.

لكن اتجاه الأزهر، الذي تحكمه المكابرة، وضعه في مربع معاد لخيارات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، حيث بدت المؤسسة الدينية الأقدم في المنطقة في موقع إحياء خطاب الإخوان المسلمين، الجماعة التي تخلص منها النظام أمنيا وسياسيا ليجدها أمامه من خلال خطاب الأزهر.

ويرى مراقبون مصريون أن الأزهر الذي تعوّد على الأضواء السياسية لعقود يحاول أن يلفت إليه الأنظار من خلال مواقف صادمة مثل الهجوم الأخير لشيخ الأزهر أحمد الطيب، الخميس، على الغرب وقوله إن “الحضارة الغربية تتحمل الجزء الأكبر في مأساة الإنسان المعاصر”.

وعاد شيخ الأزهر ليتكلم في قضية قديمة سيطرت على خطاب الإخوان المسلمين في ستينات القرن الماضي وسبعيناته، وخاصة في فكر سيد قطب، وحديثه عن الجاهلية وتقسيم العالم إلى فسطاطين وتكفير المجتمعات من خلال اجتهادات فضفاضة، وحديثه عن الحاكمية في كتابه “معالم في الطريق”.

ورغم أن الأزهر وقف إلى جانب النظام المصري في مهمة تفكيك جماعة الإخوان وهزيمتها سياسيا، إلا أنه لم يطور خطابه بشكل يجعله فعليا في صف النظام وليس في صف الجماعة خاصة أن جزءا من أفكار الإخوان مازال الأزهر يحافظ عليه ويدرّسه للطلاب من دون أن يكلّف نفسه عناء مراجعته، وكأن الخلاف بين الطرفين خلاف سياسي وليس خلافا عميقا، وأن الأزهر قد يكون اضطر إلى الوقوف في صف النظام خلال المواجهة لحسابات سياسية آنية وليس لخلاف فكري حقيقي.

ويشير المراقبون إلى أن تطوير خطاب الأزهر مهمة ضرورية ليس فقط داخل مصر وإنما خارجها أيضا، نظرا إلى منزلته العربية والإسلامية. ومن شأن إجرائه مراجعات فكرية وفقهية، وإخراج فتاواه وتصريحاته من دائرة التشدد إلى الانفتاح، أن ينعكسا بالإيجاب على أفكار المسلمين السنة في العالم الذين تتحكم في جزء كبير منهم فتاوى المجموعات المتشددة.

وقال شيخ الأزهر إن “الحضارة الغربية تتحمل الجزء الأكبر في مأساة الإنسان المعاصر، حين سعت لإقصاء الدين وتجنيبه عن حياة الناس، وركزت على إشباع رغبات الإنسان، وتعزيز الفكر المادي”.

ولم يأت هذا الكلام في دروس وعظ أو في جلسات داخلية حتى يمكن تخفيف الردود عليه، ولكن عقب لقاء الطيب بالممثل السامي للأمم المتحدة لحوار الحضارات ميجيل موراتينوس، بمقر مشيخة الأزهر شرق العاصمة المصرية القاهرة.

ويستمر الأزهر في الفصل بين الجانب المادي للحضارة والجوانب الروحية، ويتهم الحضارة الغربية بالوقوف وراء الظواهر السيئة وأنها لا تهتم للأخلاق، وهو جوهر ما كان يقوله الإخوان وبنوا عليه الجماعة كـ”فرقة ناجية”.

وخلال اللقاء أكد الطيب أن “إنسان اليوم يعاني من نقص الطعام والدواء، وأزمة تغير المناخ، فضلًا عن الأزمات الاجتماعية التي تستهدف تدمير الأسرة ونشر العلاقات خارج إطار الزواج، وفرض ثقافات شديدة الشذوذ على مجتمعات لا تؤمن بها ولم تكن جزءًا من حضاراتها وثقافاتها”.

وقال إن “العالم اليوم يستعمر بعضه بعضا بشكل أقوى وأخطر من أشكال الاستعمار التي شهدناها في الماضي”.

وتجد الحكومات المصرية صعوبة في تعديل القوانين الخاصة بمدونة الأسرة بسبب تمسك الأزهر برؤيته التقليدية، من ذلك أنه ما يزال يدعم الطلاق الشفوي في تحد لسعي الرئيس المصري إلى توثيق الطلاق عن طريق المحاكم وإبعاده عن مزاجية الرجال. وما يزال الأزهر، كذلك، يبحث عن مسوغات فقهية لإجازة ضرب المرأة.

وطوال العقد الماضي سعت جمعيات حقوقية ونسوية مع المجلس القومي للمرأة إلى تقديم مشاريع قوانين متخصصة من أجل مواجهة العنف الأسري، لكن كل محاولاتهما لم تكلل بالنجاح.