عرب وعالم

الثلاثاء - 09 مايو 2023 - الساعة 12:27 ص بتوقيت اليمن ،،،

العرب


لم تحرز مفاوضات وقف إطلاق النار بين الطرفين المتحاربين في السودان، والمنعقدة في جدة، تقدما كبيرا، في وقت يقول فيه مراقبون إن الوفدين المشاركين في المفاوضات ينتظران التطورات على الأرض من أجل تحديد موقف كل منهما.

وتقول أوساط سودانية إن الطرفين زادا في التصعيد الميداني بهدف تحقيق مكاسب نوعية تمكّن من فرض شروط على الطرف السعودي الذي يرعى المفاوضات.

وتشير هذه الأوساط إلى أن الجيش بصفة خاصة يتعمد إرجاء أي حديث عن الالتزامات المباشرة التي تفضي إلى التهدئة، وأنه يدفع نحو النقاشات العامة في ظل سعي قياديّيه لحسم الخلاف ميدانيا. لكن اتجاه المعارك لا يتماشى مع رغبة الجيش وخططه.

وتتحدث أنباء عن استسلام كتيبة من حرس قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان كانت تشارك في حماية ما تبقى من مباني القيادة العسكرية للجيش في الخرطوم حيث يوجد مخبأ البرهان.

ويرى مراقبون أن قبول قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) بالتهدئة والاستجابة بشكل سريع للوساطات خلقا انطباعا لدى قادة الجيش بأن خصمهم في حالة ضعف، وأن من حقهم زيادة الشروط في المفاوضات.

لكن لا شيء يضمن أن تقبل الدول الراعية بالابتزاز من أي جهة كانت، فضلا عن أن قوات الدعم السريع يمكنها أن تبادر إلى تحقيق مكاسب ميدانية بسبب انتشارها الواسع في أغلب المواقع الهامة بالخرطوم، ما يمكّنها من أن تضع شروطها في الميزان.

وقال ضيف الله حاج، مبعوث البرهان، الاثنين “نحن لا نتفاوض الآن مع الفريق أول حميدتي”. وأضاف حاج، المحسوب على الحركة الإسلامية، “ما نفعله الآن هو أننا نتطلع إلى هدنة لتتسنى لنا تهيئة الظروف لفتح ممر إنساني، لكننا لسنا مستعدين لمحادثات السلام”.

ومنذ اندلاع المواجهات في 15 أبريل الماضي تشهد العاصمة السودانية حالة من الفوضى ناجمة عن المعارك بين الجيش بقيادة البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي.

وتلبية لمبادرة سعودية – أميركية أرسل القائدان العسكريان ممثلين عنهما إلى مدينة جدة السبت لعقد مباحثات وصفتها واشنطن والرياض بـ”المحادثات الأولية”.

وأفاد دبلوماسي سعودي بأنّ “المفاوضات لم تحرز تقدما كبيرا حتى الآن”. وتابع أنّ “وقفا دائما لإطلاق النار ليس مطروحا على الطاولة. كل جانب يعتقد أنه قادر على حسم المعركة”.

وللأسبوع الرابع على التوالي لازم سكان الخرطوم، البالغ عددهم خمسة ملايين نسمة، منازلهم بالتزامن مع شح موارد الماء والغذاء وفي ظل ذعر وارتباك بسبب لعلعة الرصاص والأعيرة النارية الطائشة.

وقال أحد سكان جنوب الخرطوم “نسمع أصوات القصف الجوي قادمة من منطقة السوق وسط المدينة”.

وذكر الجيش السوداني في وقت سابق أنّ وفده الذي أرسل إلى المفاوضات “لن يتحدث سوى عن الهدنة وكيفية تنفيذها بالشكل المناسب لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية”.

من جهتها تحاول الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية، في مدينة بورتسودان (شرق) على البحر الأحمر، التفاوض بشأن مسألة إيصال مساعدات إلى الخرطوم ودارفور حيث قصفت أو نهبت المستشفيات ومخازن المساعدات الإنسانية.

والأحد وصل مفوّض الأمم المتّحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث إلى جدة بهدف لقاء ممثلي طرفي النزاع، إلا أنّ دوره في المفاوضات غير واضح إلى حد الآن.

وقالت متحدثة باسم غريفيث إنّه يسعى لبحث القضايا الإنسانية المتعلقة بالسودان.

والاثنين أفاد مسؤول ثان في الأمم المتحدة فرانس برس بأنّ غريفيث “طلب الانضمام إلى المفاوضات”، مشيرا إلى أنه لم تتم الموافقة على طلبه بعد.

وسيعقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة اجتماعا في 11 مايو الجاري لمناقشة “تأثير” المواجهات في السودان “على حقوق الإنسان”.

ويعتقد خبراء أن الحرب قد تطول مع عدم قدرة الطرفين المتنازعين على حسمها ميدانيا.

وأسفرت المعارك الدائرة منذ أكثر من ثلاثة أسابيع عن سقوط 750 قتيلا و5000 جريح حسب بيانات موقع النزاعات المسلحة ووقائعها (أيه سي إل إي دي)، فضلا عن نزوح 335000 شخص ولجوء 117000 شخص إلى الدول المجاورة.

وأكد وزير الخارجية المصري سامح شكري استقبال مصر “منذ بداية الأزمة أكثر من 57000 من الأشقاء السودانيين، فضلا عن مساهمتها في إجلاء أكثر من 4000 مواطن أجنبي”.

وأفادت الأمم المتحدة بفرار 30000 سوداني إلى تشاد و27000 إلى جنوب السودان.

وتأتي محادثات جدة بعد سلسلة من المبادرات الإقليمية العربية، وأخرى أفريقية قامت بها خصوصا دول شرق القارة عبر الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيغاد)، لم تثمر.

ويسعى الاتحاد الأفريقي بدوره إلى تهدئة الطرفين، خصوصا إثر استنفاده آخر بطاقات الضغط على السودان بتعليق عضويته عام 2021.

وخلال اجتماع طارئ الأحد لوزراء الخارجية العرب في مقر الجامعة العربية بالقاهرة تطرق إلى تطورات الملف السوداني، قال الأمين العام للجامعة أحمد أبوالغيط إن المفاوضات بين طرفي النزاع “تستحق الدعم، وأكرر مناشدتي بالتمسك بهذه الفرصة”.

وحذر أبوالغيط من أن يتحول النزاع الحالي إلى “جولة أولى في حرب تقسم السودان إلى أقاليم متناحرة، وتجعل منه ساحة لمعارك تهدد وجوده”.