عرب وعالم

الجمعة - 28 أبريل 2023 - الساعة 07:09 م بتوقيت اليمن ،،،

وكالات


مع استمرار الأزمة في السودان، تصاعدت موجة الغضب بين الأمريكيين، الذين يشعرون أن حكومة الولايات المتحدة تخلت عنهم، وتركتهم يتنقلون في الوضع المعقد والخطير بمفردهم.

وبحسب شبكة "سي إن إن"، قالت منى داوود، التي كان والداها يسافران للخروج من السودان عبر بورتسودان إلى المملكة العربية السعودية: "أنا مصدومة، إنه شعور مثير للاشمئزاز بشكل لا يصدق"، مشيرة إلى الاستجابة الأمريكية الباهتة لصحة وسلامة مواطنيها في الخرطوم.

وعلى الرغم من قيام عدد من الدول بإجلاء مواطنيها، استمرت الحكومة الأمريكية في القول إن الظروف لا تساعد على إجلاء المدنيين، وتم إجلاء جميع موظفي الحكومة الأمريكية في عملية عسكرية في نهاية الأسبوع،

وقال المسؤولون الأمريكيون إنهم على اتصال وثيق بالمواطنين الأمريكيين ويعملون على تسهيل مغادرتهم للسودان.

الحياة أو الموت

وتحدثت شبكة "سي إن إن" مع العديد من الأمريكيين، الذين لا يزال عدد من أفراد عائلاتهم يبحثون عن وسيلة لمغادرة السودان، وقالوا إن وزارة الخارجية لم تقدم إلا مساعدات نادرة، منذ أعمال العنف الدامية بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.

وقالوا: "إنهم وأفراد أسرهم اضطروا إلى اتخاذ قرارات تتعلق بالحياة أو الموت، بشأن موعد وكيفية مغادرة السودان مع القليل من التوجيه"، لافتين إلى أن وزارة الخارجية الأمريكية كانت "عديمة الفائدة".

وقال عماد، الذي طلب حجب اسمه الأخير، والذي كان والداه يسافران من الخرطوم إلى مصر: "لأكون صادقاً معك، كانت وزارة الخارجية عديمة الجدوى، وغير مجدية تماماً طوال هذه الفترة"، وأضاف "توقعنا أن تقدم الوزارة نوعاً من التوجيه، لكن لم يتم تقديم معلومات مهمة".

ورفض هؤلاء حجة المسؤولين الأمريكيين بأنهم حذروا مسبقاً مواطنيهم من السفر إلى السودان، موضحين أن الوزارة قدمت نصائح باستمرار حول خطط إخلاء لا تعتمد على مساعدة الحكومة، ومع ذلك لم تكن هناك تنبيهات أمنية حديثة تنصح الأمريكيين صراحة بمغادرة البلاد.

وقالت ميسون سلفاب، التي لديها العديد من الأقارب من مواطني الولايات المتحدة في السودان، إن لديهم عدداً من الأسباب لوجودهم هناك - فزوجة والدها ليست مواطنة أمريكية وكانوا يعملون للحصول على تأشيرة هجرة لها للمجيء إلى الولايات المتحدة، وكان عمها يزورها لحضور جنازة.

وقال عماد: "أعتقد أن هذه مجرد نقطة نقاش يستخدمونها للتغطية على أنفسهم فقط"، مشيراً إلى أنه كان في السودان في ديسمبر(كانون الأول) الماضي، والبلاد لم تكن منطقة حرب على الإطلاق، وأضاف "لن نرسل والدينا إذا علمنا أنه في أي لحظة ستندلع مثل هذه الحرب الأهلية الشاملة".

رحلات مروعة

كما اعترض عماد على الحجة التي ساقتها حكومة الولايات المتحدة بأن معظم الأمريكيين في السودان مواطنون مزدوجون، وبالتالي قد لا يرغبون في المغادرة،

وقال: "في نهاية المطاف، المواطن المزدوج هو مواطن أمريكي. لديه نفس الحقوق الدستورية التي يتمتع بها المواطنون الآخرون، ولا ينبغي لنا أن نخلق نظاماً متدرجاً للمواطنة".

ومن جهتها، قالت داوود: "يبدو أن على المواطنين الأمريكيين في هذا الوضع أن يدافعوا عن أنفسهم وأن يأملوا في الأفضل، من الواضح أننا مجرد (حاملي جوازات سفر)، الذين لا تمثل حياتهم ورفاهيتهم أولوية بالنسبة للحكومة الأمريكية".

وتحدثت عن والدها البالغ من العمر 69 عاماً ووالدتها البالغة من العمر 66 عاماً، وكلاهما مواطنان أمريكيان كانا يقومان برحلة حافلة "مروعة" لمدة 9 ساعات من الخرطوم إلى بورتسودان، وقالت: "كان عليهم العثور على حافلة هذا الصباح بعد الانتظار في الخارج على جانب الطريق"،

موضحة أن جنود قوات الدعم السريع أوقفوا الحافلة 3 مرات وفي إحدى نقاط التفتيش احتجزوا والدها تحت تهديد السلاح معتقدين أنه كان في الجيش السوداني.

وتابعت أن قوات الدعم السريع طلبوا من جميع الرجال النزول من الحافلة وفتشوهم واستجوبوهم، لكنهم أبقوا والدها تحت تهديد السلاح، وأضافت "أمي اعتقدت أنه سيقتل أو يطلق عليه الرصاص، لكن لحسن الحظ قرروا تركه يرحل".

وذكرت أنه بمجرد أن يصل والداها إلى بورتسودان، لا يعرفان كم من الوقت سيتعين عليهما انتظار عبارة للوصول إلى جدة بالمملكة العربية السعودية، حيث قالت وزارة الخارجية إن هناك مسؤولين قنصليين لمساعدة الأمريكيين.

عالقون في الصحراء

وتنتظر سلفاب إحدى بنات عمومتها وأطفالها، وجميعهم مواطنون أمريكيون، العبور إلى مصر منذ 3 أيام، مشيرة إلى أن أقاربها الأمريكيين في السودان قرروا الإخلاء بعد أن تم سحب الدبلوماسيين الأمريكيين من البلاد، فذهب بعضهم نحو إثيوبيا، والبعض الآخر توجه نحو مصر.

وقالت: "لقد تقطعت بهم السبل في الصحراء، لا يمكنهم الوصول إلى الطعام أو الماء أو الأدوية أو مرافق الحمام، عندنا أطفال ونساء عطشى. وسواء كانوا مواطنين أمريكيين أم لا، فهذه أزمة إنسانية، لسوء الحظ، بدون مساعدة الأشخاص المستعدين للمساعدة، الأفراد العاديون سيموتون في النهاية".

وأضافت أن الوزارة تواصلت معه وأبلغته بأن لديه ساعتين فقط بشأن الانضمام إلى قوافل الإجلاء، موضحة أنه من أجل الانضمام إلى تلك القوافل، كان الأمريكيون بحاجة إلى سياراتهم الخاصة، وقالت إن معظم الناس ليس لديهم سيارات خاصة متاحة للقيادة إلى بورتسودان.

وتابعت "كان الأمر محيراً للغاية، لأنني لا أفهم كيف تمكنت الدول الأخرى من تأمين الحافلات وإجلاء مواطنيها ووضع خطط لإخراج المئات من مواطنيها ونحن نربت على أنفسنا لإخراج 70 دبلوماسياً".

عملية مستدامة

وبعد رحلة استغرقت 36 ساعة، لم يتمكن والدا عماد من عبور الحدود إلى مصر، وأوضحت الشبكة أن صلاحية جواز السفر الأمريكي الفعلي الذي يحمله والده انتهت، لكن لديه نسخة من جواز سفره الحالي، وقال عماد عندما اتصل بوزارة الخارجية: "قالوا بشكل أساسي إن هناك حالات أخرى أمامنا مماثلة، سيتولون قضيتنا عندما يحين الوقت ويتواصلون معنا غداً للحصول على آخر المستجدات".

وأضاف "كلا والديّ من كبار السن ولديهما ظروف صحية، ليس لديهما ماء ولا طعام، الحافلة التي استقلاها ذهبت، وهما يتواجدان الآن في الشوارع بانتظار السماح لهما بدخول البلاد".

وقالت زوجته ليلى: "المثير للصدمة هو نقص المساعدات الإنسانية على الأرض، إنها صحراء مفتوحة، كم سيكون الأمر مخزياً للمجتمع الأمريكي إذا تركنا هؤلاء الأشخاص يموتون على الحدود، لأنه لم يكن هناك وصول أساسي للطعام والماء، في وقت هربوا فيه من القنابل وإطلاق النار قبل 24 ساعة؟".

وأصدرت السفارة الأمريكية في الخرطوم، الثلاثاء الماضي، إنذاراً أمنياً ينصح الأمريكيين بإحضار الطعام والماء والأدوية إذا كانوا يخططون للسفر إلى الحدود مع مصر أو إثيوبيا،

وقال وزير الخارجية أنتوني بلينكين أمس إن الولايات المتحدة تعمل على تطوير "عملية مستدامة" من شأنها أن تسمح للأمريكيين بمغادرة السودان براً، على الأرجح إلى بورتسودان.

وأضاف "نعمل على إنشاء عملية من شأنها أن تمكن الناس من الانتقال براً إلى مكان يمكنهم فيه بسهولة الخروج من السودان، وفي جميع الاحتمالات ستكون عبر ميناء السودان، ولا تزال الخطة قيد التطوير".