أخبار وتقارير

الثلاثاء - 21 مارس 2023 - الساعة 09:47 م بتوقيت اليمن ،،،

كرم أمان


يحتفي العالم، اليوم الثلاثاء 21 مارس / آذار، باليوم العالمي للأم "عيد الأم"، ولا ينسى اليمنيون الاحتفاء بتلك المناسبة السنوية السعيدة، على الرغم من واقع الحرب المرير الذي ينغص معيشتهم ويفاقم من معاناتهم.

واقع الأم اليمنية يكاد يختلف عن واقع باقي الأمهات في العالم، ويكمن ذلك الاختلاف في الظروف التي تعيشها البلد منذ سنوات، والتي ساهمت بمجملها في اثقال كاهلها وتحملها وزر الصراعات والأزمات ، وأحيانا إلى حرمانها من أمومتها، جراء فقدان أبناءها برصاص الحرب وشظايا التفجيرات.

يتفق معظم اليمنيين أن أمهات اليمن يمرون بمرحلة صعبة في تاريخ المرأة اليمنية، إذ أثرت الحرب فيهن كثيرا وألقت الأزمات بظلالها عليهن وعلى واقعهن، ومع ذلك مازالت الأم اليمنية رمزا للكفاح والصبر والتحمل ومنبعا للمحبة والحنان.

الأم اليمنية في عيون نسوية

تقول الدكتورة وفاء هادي مدير مكتب وكيل وزارة التعليم الفني والمهني لقطاع المناهج والتعليم المستمر، أن الأم اليمنية تعاني كثيرا في ظل هذه الظروف الصعبة التي أفرزتها الحرب، وتحملت ومازالت عبئ الحياة وأزماتها المتكررة، فالأم اليمنية أراها قوية شامخة مثابرة تحاول دائما منح عائلتها كل حب وحنان وتغرس فيهم أعظم الصفات.

وأضافت في حديث خاص لعدن حرة : "ينقص أمهات اليمن الأمن والأمان والعيش الرغيد ومزيدا من الحرية والاحترام لهن، فدور الأم كبير سواء كان في مجتمعها جنبا إلى جنب مع الرجل في بناء هذا الوطن الذي أكلت الحرب فيه الأخضر واليابس، ولها دور أكبر في بناء العائلة السليمة المتماسكة المزودة بالإيمان بالله والخوف منه، فحسن تنشأتها لأبنائها سيجعل مجتمعنا خال من العيوب والشوائب التي تعتريه خاصة في هذه المرحلة".

وحول الفرق بين الأم المتعلمة وغير المتعلمة وتأثير ذلك على تربية الأبناء، قالت هادي: "أنا نشأت على يد أم غير متعلمة، إلا أنها زرعت في الكثير من القيم النبيلة، فأحيانا لا يكون العلم مقياسا لجودة التربية، فكم من أم متعلمة لم تجد تنشأة أبنائها، وكم من أمهات غير متعلمات زرعن القيم والأخلاق الفاضلة وأنشأن لبنة جيدة لهذا المجتمع".

وبشأن المتغيرات بين واقع الأم اليمنية قديما وفي الوقت الحالي، ترى هادي أن: "الذي تغير هو الواقع الاقتصادي والأمني، فأصبحت الأم الان تنشد الأمن والسلام طمعا في أن يعيش ابنائها وأسرتها في خير، بينما سابقا لم تكن تعاني كل هذه الضغوطات والأعباء".

وأختتمت حديثها: "اهنئ أمهات اليمن بهذا اليوم، وبقرب حلول شهر رمضان المبارك، فأنتن قويات مثابرات ستظلين رمزا للإباء والكبرياء وفخر لمجتمعنا، فأنتن بانيات نهضة هذه الأمة، ومنكن تتشكل لبنة بناء المجتمع، فارجو أن لا ينطفئ نوركن مهما حاول البعض أن يسلبكن حقوقكن أو التقليل منكن".

بدورها، ترى الصحفية اليمنية نور سريب رئيس تحرير صحيفة الوطن توداي أن الأم اليمنية تعد "رمزا للكفاح والصبر والمحبة، وهي مزيج فريد بين الصلابة واللين ، على الرغم من أن واقع الحياة اليوم أصبح مكتض بالمصاعب بسبب الحرب المستمرة وآثارها الاقتصادية والنفسية إلا انها لا تزال تكافح للقيام بواجبها كأم".

وأضافت سريب في حديث لعدن حرة أن: "الأم اليمنية تحتاج الأمان والاستقرار، فهذه الحرب وضعت ثقلها على الجميع وخاصة النساء، كما أن حياة الأم اليمنية ينقصها القوانين المنصفة العادلة التي تتعلق بالأسرة، وقد أظهرت هذه الأوضاع الصعبة صلابة ودور الأمهات فهن اليوم العائل للعديد من الأسر، تعمل خارج المنزل وداخله وتجتهد لتحسين حياة أطفالها".

وأوضحت: "في السابق كانت مؤسسات الدولة حاضرة ورغم الفقر تجد الاستقرار، ولكن اليوم أثرت الحرب على حياة المجتمع المحلي وأنعكس ذلك على الصحة النفسية لغالبية الأسر مما فاقم من المشاكل الأسرية وجعل النساء الأمهات في معاناة كبيرة مع غياب الدعم القانوني، والاقتصادي أيضا".

وحول الفرق بين الأم المتعلمة والأمية، أشارت إلى أن: " الأم دورها عظيم، كانت متعلمة او غير متعلمة، ربة منزل اَو عاملة، جميعهن يحلمن بمستقبل افضل لابنائهن ويبذلن جهدهن لتربيتهن ، لكن وضعها الاجتماعي قد يكون أحد العوامل المساعدة لتحسين حياة الأسرة إذا لزم الأمر ، ومثال على ذلك أعرف أسرة كانت والدتهم أمية وغير عاملة ولكنها حرصت على تربية أولادها وتسجيلهم في المدارس ومتابعة دراستهم، رحمة الله عليها كانت أم فاضلة وأولادها وبنتها حصلوا على أعلى المراتب العلمية وجميعهم قمة في الأخلاق".

وأختتمت سريب حديثها: "أهنئ جميع الأمهات بهذا اليوم الجميل، هن الخير والبركة والدعوة الطيبة، الأمهات هن أعمدة المنازل وبخورها، أتمنى لهن السلام".

وتتفق الكاتبة اليمنية سميرة الفهيدي، التي ترى أن "واقع الأم هو ذات واقع الإنسان اليمني الذي يعيش حرب ظالمة منذ ثمان سنوات، التهمت الكثير من الحقوق والسكينة، ووضعته في حاضر مؤلم يعيش مرارة الحرب وشظف العيش، بل هي أشد المتضررين وهي ترى أبناءها وقودا لهذه الحرب".

وأضافت الفهيدي في حديث لعدن حرة أن : "الأم اليمنية ينقصها حقها بالتمتع بوطن آمن و مستقر يوفر لها ولأبناءها كافة حقوق المواطنة والحياة، ونصيحتي لكل أم أن تكون أداءة لبناء وطن السلام وأن تزرع وتعمق عند الأبناء ثقافة السلام ونبذ العنف وكل دواعيه".

من جانبها، ترى الأكاديمية في جامعة عدن فاطمة العبادي أن: "واقع الأم اليمنية أشد مرارة من الواقع الأليم للنساء ككل في بلادنا، فهناك اعباء مضاعفة تقع على عاتق النساء بشكل عام والأمهات تحديدا، ولعل أبرزها هو البحث عن لقمة العيش التي تسد بها الأم رمق أطفالها، سواء كانت أم متعلمة عاملة أو أمية تبحث عن الرزق ايضا".

وقالت العبادي في حديث لعدن حرة أن: "هناك أشياء كثيرة فقدتها الأم اليمنية ، ومنها الأمان وراحة البال والاطمئنان ، وجميع هذه المشاعر تبدلت لديها إلى قلق وخوف ترقب وانتظار، بالإضافة إلى الأمومة الآمنة عند الحمل وخلال فترة الرضاعة، التغذية الكاملة، تأمين الدخل، الرعاية الصحية والتكملة الاجتماعية، وفرص عمل تكفل لها حق العيش بكرامة، ناهيك عن العادات والتقاليد التي قيدت واستنقصت حق الأم ودورها حتى في تسمية الطفل او الدفاع عن ابنتها لمواصلة التعليم واتخاذ قرار الزواج".

وعددت العبادي الاختلاف بين الأم اليمنية في السابق وحاليا، حيث ترى أن: "هناك اختلاف من منطقة إلى أخرى بحسب العادات والعزل والمناطق الجغرافية وطبيعة المجتمعات، أولها الواقع المعيشي، ففي السابق لم يكن هناك تأثير على أسر تنجب الكثير من الأبناء، أما اليوم لا توجد ميزانية تغطي الاحتياجات، ثانيا في الواقع الصحي، اليوم لابد لأي أم مراجعة العيادات والمراكز الصحية نظرا لانتشار الامراض والفيروسات، بينما في السابق لا، كذلك الواقع الرقمي، فلا تهديدات تقع على الأم في بيئة لا يوجد بها إنترنت أو مخدرات أو عصابات، ناهيك عن أسباب أخرى منها مجتمعية، قبلية، حضارية، اقتصادية، ثقافية".

كما ترى العبادي أن: "الأم المتعلمة تستطيع أن تجاري العصر في تربية الأبناء بالقراءة والاطلاع، غير أنها قادرة على استيعاب أبناءها والتقرب منهم وفهم طريقة تفكيرهم، خاصة انها تجيد القراءة والكتابة، بينما الأم الأمية العكس، وبالنسبة للأم العاملة فأصبح عملها الان ضرورة ملحة لمعاونة الزوج أو تحمل العبئ بالكامل، إذا كانت أرملة او منفصلة، كل عام وأنتي الأمان، اهتمي بنفسك حتى لا يربي أبنائك أحدا غيرك".

أمهات اليمن في عيون رجالهن

يرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني محمد الثريا أن: "واقع الأم اليمنية يمر بمرحلة ربما هي الأصعب في تاريخ الأم والمرأة اليمنية عموما، إذ يرتبط ذلك الواقع بواقع الحرب والمعاناة الإنسانية التي تعيشها البلد".

وأضاف الثريا في حديثه لعدن حرة : "معظم أوجه الصراع المتعلقة بتداعيات الحرب كانت ولا تزال تمتد في أثرها لتصل إلى كيان الأم والزوجة والابنة اليمنية، فحينما نتحدث عن ضحايا القتال فإنهم إما أبناء أو أزواج أو آباء لتلك المرأة، ما يعني حدوث مآساة مباشرة لها".

وتابع: "بالإضافة إلى الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتدهورة التي تسببت بمشاكل اجتماعية ونفسية للأم باعتبارها عنصر مسؤول ومعني في كيان الأسرة وواجب الحفاظ عليها، وجميع تلك المشكلات وأثرت سلبا على دور الأم اليمنية وأضعفته، ففي حالات كثيرة رأينا توجه الأمهات اضطرارا للعمل وتحمل مسؤوليات إضافية أوجدتها ظروف البلد الحالية، على حساب دورها المعتاد في تربية الأبناء وخسارة وقت وجهد كبيرين في الاهتمام بهم".

وأوضح الثريا أن : "هناك فرق ملحوظ بين الأم العاملة وغير العاملة والمتعلمة وغير المتعلمة، وهي فوراق شخصية ذو انعكاسات اجتماعية على الأبناء، لكن تظل الأم اليمنية بطبيعتها امرأة جسورة وعصامية، وهذا النوع من البشر لا يحتاج للمساعدة المادية للبقاء بقدر حاجته للدعم النفسي من أجل الصمود والعودة".

بالمقابل، يرى مدير مكتب مأمور مديرية المعلا في عدن عهد الهاشمي أن الأم اليمنية هي نصف المجتمع، وواقعها الحالي هو ذات واقع المعاناة والألم الذي يعانيه هذا المجتمع.

يقول الهاشمي في حديث لعدن حرة : " في الماضي كانت الأم اليمنية تعمل وتربي، وأمهاتنا مدرسات وإداريات وعاملات في مصانع وغير ذلك، وفي نفس الوقت كانت الأم ترعى وتهتم بالتربية والعمل في آن واحد، أما الان فالوضع تغير كثيرا، فهناك امهات متعلمات ولكنهن للأسف قد يكن دورهن في التربية ضعيف، نتيجة لأسباب كثيرة منها التغيرات في المجتمعات وانشغال بعضهن بتطور التكنولوجيا والسوشل ميديا والإعلام وغير ذلك".

وأخيرا، يرى الصحفي اليمني رعد الريمي أن: "واقع الأم اليمنية مرير، فهي تحمل أعباء فوق طاقتها في ظروف صعبة جعلتها تحمل الثقيل، تلعب الأم في وقتنا الراهن دورا كبيرا، تحل محل الأب إلى جانب كونها أم، نتيجة الظروف الراهنة، فشتان ما بين الأم زمان والأم حاليا".

وأضاف الريمي في حديثه لعدن حرة : "كانت الأم اليمنية سابقا مهمتها محصورة في البيت لتربية أطفالها وتعليمهم، إلى جانب الأب، الآن أصبح العبء كبيرا يقع على عاتقها، فهي تقوم بدور المربية و المعلمة في إطار البيت وخارجه، فعملها ليس محصورا في البيت فقط فهي تعمل أيضا خارج بيتها لتوفير احتياجات ومتطلبات أبنائها".

وبالنسبة لدور الأم المتعلمة وغير المتعلمة، يرى الريمي أن ذلك: "يعتمد على شخصية الأم، فهناك أمهات أميات غير متعلمات أولادهم دكاترة وأساتذة ومهندسين وقاده وغيرهم، فالتربية والتوجيه تأتي بالمقدمة، والمتابعة، وعلى الأم أن تكون صديقة لأبنائها وبناتها، بالذات في الوقت الراهن الذي فيه متغيرا، وأنصح كل أم يمنية بأن لا تكون قوية كثيرا ولا لينة بشكل مفرط، وعليها أن تمسك العصا من الوسط لأن الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق".