أخبار اليمن

الثلاثاء - 29 نوفمبر 2022 - الساعة 12:41 ص بتوقيت اليمن ،،،

كتبه / د. محمد صالح بن جابر


لماذا يراد إحراق الرجل بهذه السرعه، ويتم الإساءة له حتى من أقرب المقربين، عن قصد وعن جهاله...؟!

ولكن، ألا يعلم هو بكل مايدور، بل ويتبناه شخصيا، أو أنه قد تم تغييبه؟!
أم أنه يطمح لملك لم ينبغي لأحد غيره؟!

لمعالجة أي أزمة فإنه ينبغي العودة إلى جذور هذه الأزمة، ولنعد بالتاريخ إلى العام ٢٠١٦، وإن كانت جذور هذه الأزمة التي يواجهها مشروع الإنتقالي والزبيدي أبعد من ذلك بكثير..


كانت القوة العسكرية التي أسست في الضالع بقيادة الزبيدي، هي القوة العسكرية الجنوبية الوحيدة القادرة على التأثير و إحداث تغيير في المشهد السياسي والعسكري الجنوبي، وخلط أوراق اللعب على الرعاة الإقليميين والدوليين، على الأقل، كانت هذه وجهة نظري حينها... ولكن، لا شيء يحدث بالصدفة!!

في تلك الليلة من العام ٢٠١٦، كنت أتجول برفقة أحد الأصدقاء، تحاورنا وتناقشنا طويلا ليلتها، إلى أن وصل بنا الحديث أن معركة تحرير الضالع في العام ٢٠١٥ كانت البوابة التي أريد لعيدروس أن يدخل منها إلى الساحة بوضوح بعد أن كان يعمل في الظل لسنوات طوال، محاولا إنجاز القواعد الأساسية لمشروعه.، وهنا عقدة المشكلة الأولى...

لقد تم الدفع بالرجل للظهور في غير وقته...
أو لعله كان توقيتا مثاليا بنظر البعض...

وقد يقول آخر: بل إن الرجل وقوته كان يتم إعدادهم مسبقا لتلك اللحظة بالتحديد!!

ألم أخبركم من قبل أن كل الاحتمالات في مشروع الشرق الأوسط الجديد تكون قابلة للحدوث؟!!

الغلطة الثانية، واللقمة الخانقة.... حين قبل تعيينه محافظا لعدن، وهو رجل حجمه وطموحه أكبر من محافظ، إلا أن الهدف باعتقادي كان الدفع بالرجل وبالقوة العسكرية التي يملكها إلى موضع غير موضعه، كان الزبيدي بقوته النظامية القوة الوحيدة القادرة على تغيير مشهد الصراع في الجنوب كما ذكرنا، فأرادوا اقحامه في الحلبة ليسهل تأطير هذه القوة والسيطرة عليها، بل وكشفها... كنت تحدثت مع أحد المقربين منه حول هذا، وقت نزوله من الضالع إلى عدن، وأخبرته أن الهدف هو تأطيرهم، وكشف أوراقهم، معتقدا أن صديقي هذا سينقل الرسالة بكل أمانة، ولكن تجري الرياح أحيانا...!!

سيقول أحدهم، بل كان قرارا صائبا أضفى شرعيه على هذه القوات، وحماها من أن تتحول لميليشيات متمردة.. سيجيبه آخر، وهل هناك شرعية أقوى من شرعية الثورة الجنوبية ومقاومتها الباسلة..؟! ألم يكن هذا هو الشعار الذي تم الاتفاق عليه ورفعه ليلة إعلان عدن التاريخي؟!

فما الذي تغير؟! وأيهما أصح وأجدى، شرعية الثورة والمقاومة، أم شرعية من لا يملكون الشرعية؟!

صحيح، كل هذا حدث في الماضي، وتساؤلات لم تعد تنفع اليوم، إلا أن أخطاء الماضي القريب قبل البعيد لا تزال تتكرر... للأسف.

أمر جوهري كان ينقص المشروع، وهو عدالة ونضوج الفكرة التي يقوم عليها المشروع، فمع تلك القوة العسكرية، كان يفتقر إلى الفكرة الصلبه التي هي الأساس لقيام أي مشروع سياسي أو حضاري، وبدونها يصعب كسب العقول قبل القلوب، ولا ننسى أن الحراك كان قائما على فكره، ولهذا نجح واستمر.

أضف إلى ذلك، أنها كانت قوة عسكرية بدون كوادر سياسية وإدارية مؤهلة ، ولعل هذا يفسر استعانته بعناصر المؤتمر والإصلاح ثم الإشتراكي لتسيير الأمور في الجنوب وفي المجلس قبل الجنوب، كما هو واضح للعيان، في محاولة لتكرار الرقص على رؤوس الثعابين.

فأي نتيجة نتوقعها من الإعتماد على أحزاب أثبتت فشلها، وعداءها للمشروع التحرري الجنوبي؟!!

لن ألوم الرجل، فلقد تم خذلانه من قبل الكثير، وخاب ظنه بالكثير، ويبدو أنه فقد الثقة بالكثير أيضا، ولكن... كيف لا نعفيه من اللوم أيضا، وهو من اختار معظم هؤلاء الرجال حوله، حسنا... لنكن عادلين، التحالف اقترح وفرض، ولايزال، نحو نصف الأسماء والقرارات!!

إذا... الزبيدي يلام، ولكن ليس وحده الملام، بل إن اللوم الأكبر يقع اليوم على الراعي الإقليمي ممثلا بالإمارات ومعها السعودية..!!

سيقول أحدكم: ولكنك ذكرت مرارا، أنه لا يوجد مجال لاحتمال الخطأ في سيناريو الشرق الأوسط الجديد.... إذا، هل كل ما قد تم، ويتم، كان بصوره مدروسه ومقصوده؟!!

وقد تم استخدام الجميع، برضاهم أو في غير إدراك منهم لإستكمال حلقات السيناريو.

طيب... إيش الحل بدل التنظير؟!

مليار و٢٠٠ مليون دولار تدفعها الإمارات بدون شروط Unconditional لاستكمال المشروع وتقويم اعوجاجه، وإثبات حسن النوايا... تدفع على ٤ دفعات فكره تخرج من الداخل.

وفي حال عدم جدية الإمارات، فإنه يمكن فتح قنوات اتصال مع الدوحة، ولعل في جعبتها الكثير لحلحلة الرتابه التي طغت على المشهد، وإن عجز الانتقالي عن الإتصال فلدى السعودية المقدرة على تسهيل ذلك، ولكل شيء ثمن!!

وفي كلا الحالتين من الأفضل للانتقالي والإمارات فتح قنوات إتصال مع الدوحة.

وعلى المستوى التكتيكي الصغير، تغيير لملس (smooth) من الأمانة العامة، وتغيير وحدة شؤون المفاوضات، ومركز صنع القرار الذي لم يصنع حتى اللحظة أي قرار...

محاولات الحوار لتحقيق الدمج مع المكونات الأخرى، سيؤدي إلى تفتيت المجلس وتشظيه، وما هكذا تورد الحوارات!!

بعد أن فقدت السلفيه في الجنوب المرجعيات السياسية والدينية التي تستند عليها، لذا فإن الأمر يدعو الإنتقالي أن يضع يده بيد مرجعيه دينيه تحظى بالقبول جنوبا، ولخلق نوع من التوازن أمام المرجعية الصاعدة شمالا، وهو حل تاريخي أثبت نجاحه طوال قرون في الجنوب، وكما قلنا مسبقا، كل شيء بثمنه، فعليهم أن يستعدوا لتبعات ذلك!!

أثبتت استمرارية الثورة التحررية وحراكها السلمي أنهما كانا خيارا استراتيجيا، لا غنى عنه، ولا يفرط فيهما وفي شرعيتهما إلا من يجهل كيف تساس الأمور، ولا يسعى لتفتيتهما إلا جاهل، أو شخص لا يريد عودة الجنوب.

بدون مرجعية وطنية، ستبقى الأحزاب وعناصرها داخل الإنتقالي وفي مكونات الثورة، هي اللاعب الرئيسي في المشهد السياسي الجنوبي، إلى وقت ليس بالقصير.

حتى ذلك الحين، عسى الله أن يحدث أمرا...
وتبقى كل الإحتمالات وارده، وممكنة الحدوث!!

وأخيرا...

📌 هل يراد خلق وإحياء الملكية من عقر دار الإشتراكية؟!
أم انها فقط مرحلة، من ضمن مراحل المشروع الأكبر، الذي انصهر فيه مشروع الإنتقالي؟!!

دمتم بخير

د. محمد صالح بن جابر
عدن ٢٨ نوفمبر ٢٠٢٢