ووفق الأمم المتحدة، يعيش "حوالي 10,2 مليون شخص في مناطق ملوثة بالذخائر المتفجرة"، وهو "ما يجعل سورياً واحداً من إثنين يعيش في خطر جراء مخلفات الحرب، بحسب جاويد.
ألغام عشوائية -
ولا يبدو خطر التصدي لخطر الذخائر المتفجرة سهلاً في بلد يشهد نزاعاً معقداً أودى بحياة نحو نصف مليون شخص، واتبعت خلاله أطراف عدّة استراتيجية زرع الألغام في مختلف المناطق.
وتشكّل الألغام المتروكة في أراض زراعية وبين المناطق السكنية خطراً دائماً على المزارعين والمارة ورعاة الماشية.
خلال تدريب للجيش السوري على نزع الألغام في إحدى ضواحي ريف دمشق، يوضح ضابط في سلاح الهندسة، من دون الكشف عن هويته أن "العمر الافتراضي للألغام طويل بسبب خصائص المواد المتفجرة الثابتة"، مشيراً إلى أن "حفظها ضمن أغلفة يساعد على بقائها مهيأة للانفجار لفترة أطول".
ويوضح أنه جراء "سيطرة مجموعات مسلحة متعددة على مناطق متفرقة، زُرعت الألغام بعشوائية".
بشكل شبه يومي، تعلن السلطات السورية تفجير ذخائر وعبوات ناسفة من مخلفات الحرب خصوصاً في محيط العاصمة.
إضافة إلى الجهود المبذولة في مناطق سيطرة الحكومة، تشهد مناطق خارج سيطرتها مبادرات للتصدي لخطر مخلفات الحرب.
في شمال غرب سوريا، تنهمك فرق من الخوذ البيضاء (الدفاع المدني في مناطق سيطرة الفصائل) بمسح وإزالة الذخائر وإقامة ورش توعية حول مخاطرها.
ويقول رائد حسون، مدير مركز مسؤول عن إزالة الذخائر غير المتفجرة التابع للخوذ البيضاء تأسس في حلب العام 2016، أنه منذ ذاك الحين تم إتلاف نحو 24 ألف قطعة.
ويوضح "نتعامل مع الذخائر غير المنفجرة وفق مبدأ واحد، الخطأ الأول هو الخطأ الأخير المميت".
وتؤكد الأمم المتحدة أن "التنظيف هو الحل الدائم الوحيد لإزالة تهديد الذخائر المتفجرة".
وتعكس بلدة داريا التي شكلت معقلاً للفصائل المقاتلة بين عامي 2012 و2016 في الغوطة الغربية قرب دمشق، مدى عمق المشكلة، إذ سجلت، وفق الأمم المتحدة، "درجة كبيرة من التلوث بالذخائر المتفجرة، ما أثّر أيضاً على الأراضي الزراعية". وشهدت داريا "أول عملية تنظيف" في منطقة تحت سيطرة الحكومة.
في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوب دمشق الذي سيطرت عليه فصائل معارضة قبل تسلل تنظيم داعش الإرهابي إليه عام 2015 حتى عام 2018، تبين وجود ذخائرة متفجرة في حوالي مئتي مبنى من أصل ستة آلاف جرى مسحها.
- "قطع أوصالنا" -
وتواجه الأمم المتحدة تحدياً رئيسياً يكمن في محدودية التمويل. ويقول جاويد "نحتاج للدعم اللازم من الجهات الفاعلة كافة، عاجلاً وليس آجلاً".
عام 2017، خرجت زكية البوشي مع ثمانية من أفراد عائلتها لجمع الكمأة في بلدة دير حافر في ريف حلب الشرقي، ليعود ثلاثة منهم فقط.
أثناء سيرهم في منطقة صحراوية، رصد شقيق زكية لغماً أرضياً ما مكّن أفراد العائلة من تفاديه، إلا أن لغماً آخر مخفياً كان لهم بالمرصاد.
وتتكرر حوادث انفجار الألغام بالمدنيين خلال موسم الكمأة مع انصراف كثير من الأهالي إلى جمعها في مناطق صحراوية شاسعة خضعت لفترة لسيطرة تنظيم داعش الإرهابي الذي اعتمد زراعة الألغام كاستراتيجية أساسية خلال سنوات سيطرته، حتى أنه اعتاد تفخيخ أبنية وسيارات وأدوات منزلية وعبوات غذائية.
وتقول زكية (47 عاماً) التي خسرت والدتها وشقيقها وفقدت ابنتها القدرة على النطق جراء انفجار اللغم، بحسرة "قطع اللغم أوصالنا".