تفادى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاثنين المزيد من التصعيد بإعلانه تأجيل الإصلاحات القضائية المثيرة للجدل على وقع احتجاجات حاشدة، إلا أن محللين يؤكدون أن ذلك لن ينهي الأزمة بل يؤجلها.
وقال وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، الذي يرأس حزبا مشاركا في الائتلاف اليميني المتشدد برئاسة نتنياهو، الاثنين إنه وافق على تأجيل التعديلات القضائية التي تريد الحكومة تمريرها في مقابل تعهد بطرحها بعد العطلة البرلمانية المقبلة.
وقال بن غفير في بيان “وافقت على التخلي عن حق النقض لرفض التشريع مقابل تعهد من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بطرح التشريع على الكنيست لتمريره في الجلسة المقبلة”.
ويخشى نتنياهو من انهيار ائتلافه الحاكم، وقاد محادثات مطولة مع بن غفير الذي هدد في وقت سابق بالاستقالة من الائتلاف الحكومي في حال التراجع عن إقرار الإصلاحات القضائية.
وكان من المقرر أن ينتهي تمرير حزمة التشريعات الخاصة بخطة إصلاح القضاء خلال الدورة البرلمانية الشتوية للكنيست التي تنتهي في الثاني من أبريل المقبل.
وتبدأ الدورة البرلمانية المقبلة للكنيست في الثلاثين من أبريل وتستمر حتى الثلاثين من يوليو 2023، وفق موقع الكنيست الرسمي.
وأقال نتنياهو، مساء الأحد، وزير الدفاع يوآف غالانت، بعد يوم على مطالبة الأخير للحكومة بوقف قانون الإصلاحات القضائية المثير للجدل.
وعلى إثر ذلك، شهدت إسرائيل احتجاجات ليلية حاشدة استمر زخمها حتى ساعات فجر الاثنين. وقد دفع هذا أيضا أعضاء كبارا آخرين في حزبه إلى الدعوة إلى وقف التعديلات، بينما نظمت النقابة العمالية الرئيسية إضرابا.
ومنذ قرابة 12 أسبوعا، يتظاهر عشرات الآلاف من الإسرائيليين يوميا ضد خطة الإصلاح القضائي التي تعتزم حكومة نتنياهو تطبيقها.
وتضغط الحكومة من أجل تغييرات من شأنها الحد من سلطات المحكمة العليا في إصدار أحكام ضد السلطتين التشريعية والتنفيذية، بينما تمنح النواب سلطة أكبر في تعيين القضاة.
ويتطلب تعيين القضاة موافقة السياسيين والقضاة أعضاء اللجنة المعنية. ومن شأن المقترحات الحالية المتعددة تغيير ذلك بما يمنح الحكومة نفوذا أكبر كثيرا.
ومُنع نتنياهو رسميا من المشاركة في مبادرة التغييرات القضائية لأنه يواجه تهما جنائية بالفساد، والتي ينفيها. لكنه قال إن التغييرات ستعزز ديمقراطية إسرائيل وتدعم الشركات. كما اتهم وسائل الإعلام والمعارضة بتشويه الخطة وتأجيج نيران الاحتجاج لإسقاط حكومته.
ويعتبر نتنياهو وحلفاؤه أن قضاة المحكمة العليا غير المنتخبين مسيّسون ويتمتعون بسلطة أعلى من تلك التي يتمتّع بها النواب المنتخبون.
والضوابط والتوازنات الإسرائيلية هشة نسبيا. وليس لها دستور، فقط “قوانين أساسية” تهدف إلى حماية أسسها الديمقراطية، ومجلس برلماني واحد تسيطر فيه الحكومة على الأغلبية.
ويقول منتقدون إن التغييرات ستضعف، في حال إقرارها، المحاكم وتسلم السلطة المطلقة للحكومة، مما يعرض الحريات المدنية للخطر مع آثار كارثية على الاقتصاد والعلاقات مع الحلفاء الغربيين. كما أن من شأن النظر إلى القضاء باعتباره غير مستقل أن يجرد إسرائيل من أحد خطوط دفاعها الرئيسية في الدعاوى القانونية الدولية.
ويخشى منتقدون من أن يسعى نتنياهو لاستغلال هذا الضغط على القضاء من أجل تجميد أو إلغاء محاكمته، وهو ما ينفيه نتنياهو.
وتقول المعارضة أيضا إن حلفاءه القوميين يريدون إضعاف المحكمة العليا لإقامة المزيد من المستوطنات على أراض يسعى الفلسطينيون لإقامة دولتهم بها. وتريد الأحزاب اليهودية المتشددة في الائتلاف إقرار قانون يعفي طائفتها من الخدمة في الجيش وتخشى أن تفسد المحكمة هذا إذا لم يتم تقليص صلاحياتها.