عرب وعالم

الأربعاء - 08 مارس 2023 - الساعة 04:02 ص بتوقيت اليمن ،،،

العرب


أعاد التعديل الحكومي الذي تم الإعلان عنه الثلاثاء في قطر إنتاج نفس نظام الحكم السابق في عهد الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، والذي يقوم على تحالف بين شخصيتين قويتين؛ الشخصية الأولى أمير البلاد، والثانية الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني الذي كان يتولى رئاسة مجلس الوزراء وفي نفس الوقت وزيرا للخارجية.

ووفقا للتعديل الحكومي الجديد، عيّن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وزير خارجية البلاد الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني رئيسا جديدا لمجلس الوزراء، وهو ما يعني أن أمير قطر فضل العودة إلى نموذج الثنائي القوي في الحكم، والجمع بين رئاسة مجلس الوزراء ووزارة الخارجية، وهو ما يعطي الشيخ محمد بن عبدالرحمن قوة في الداخل والخارج.


وأكد مراقب دبلوماسي أن التعديل الوزاري يندرج في سياق استكمال تغيير الحرس القديم. وذكر المراقب أن رئيس الوزراء السابق الشيخ خالد بن خليفة بن عبدالعزيز آل ثاني، الذي كان يتولى المنصب منذ عام 2020، “كان آخر رابط حقيقي في الحكومة بالأمير الأب”.

لكنّ متابعين للشأن الخليجي يلفتون إلى أن استبعاد آخر ممثلي الحرس القديم لا يعني استبعاد النموذج القديم والاستفادة منه في تدعيم نظام الحكم.

ولا يعرف ما إذا كان الهدف من هذا التعديل هو عودة قطر إلى المرحلة التي قاد فيها تحالف الحمدين البلاد ووضعها في مواجهة مع محيطها الإقليمي، بدءا من تأسيس قناة الجزيرة وما تبعها من مناكفة واستهداف لأغلب الدول العربية، وصولا إلى ركوب موجة الربيع العربي، وما شهدته من فوضى إقليمية ما تزال صورة قطر تعاني منها إلى حد الآن.

وتتحرك الدوحة دون ضجيج سياسي، وتحاول أن تنأى بنفسها عن الإسلام السياسي دون إعلان مواقف حاسمة تظهر أنها في قطيعة معه. وفي نفس الوقت تسعى لمصالحة الدول والأنظمة التي سببت لها الدوحة مشاكل بسبب دورها في “الربيع العربي”، حيث تركز قطر على دعم مصر وتعرض عليها مشاريع استثمارية لافتة، والأمر نفسه ينطبق على تونس، مستفيدة من ابتعاد دول الخليج الأخرى نحو قضايا أكثر أهمية بالنسبة إليها.

وقال محجوب الزويري مدير مركز دراسات الخليج في جامعة قطر “السياسة الخارجية والوجود على الساحة الدولية لا يزالان يمثلان أولوية لقطر. ووجود وزير خارجية نشط، عمل في وقت حرج وحاسم جدا، رئيسا للوزراء، هو رسالة واضحة”.

وقال أندرياس كريج الأستاذ في كينجز كوليدج في لندن بعد انتهاء الأزمة الإقليمية وبطولة كأس العالم “نرى قطر تتطلع أكثر إلى الخارج”.

ووصف كريج الشيخ محمد بن عبدالرحمن بأنه دبلوماسي بحكم المهنة، لكنه أيضا “دبلوماسي داخل مجلس الوزراء (وفي العلاقات) بين الوزراء”. وقال إنه يحظى بثقة الأمير ويُنظر إليه باعتباره من سيدير تحول قطر.

وفي عهده عمل الشيخ محمد بن عبدالرحمن على تطوير دبلوماسية الوساطات التي كان الهدف منها إظهار قدرة قطر على لعب دور الوكيل الفعال الذي تراجع دوره بسبب فشل موجة “الربيع العربي”.

وظهر الدور القطري بصفة خاصة في أفغانستان، حيث سعت الدوحة لأن تكون قناة الوصل بين حركة طالبان والدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة. واستثمرت قطر علاقتها بطالبان لتحصيل تنازلات لفائدة واشنطن. وتمتلك الدوحة وسائل ترغيب وترهيب لجلب طالبان إلى ما تريده، من بينها أنها ظلت لفترة طويلة مقرا لعدد من قادة طالبان وقدمتهم للغرب “مفاوضين معتدلين”.

وبعد تسع جولات من المحادثات بين الولايات المتحدة وحركة طالبان الأفغانية في الدوحة، توصل الجانبان إلى اتفاق تاريخي في 29 فبراير 2020.

وعرضت قطر نفسها كوسيط في مفاوضات الملف النووي الإيراني، حيث رعت في 28 يونيو 2022 مباحثات غير مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران بوساطة أوروبية. كما شهدت الدوحة جولة المفاوضات هذه من أجل إنقاذ الاتفاق النووي، وذلك عقب جولات مفاوضات طويلة في العاصمة النمساوية فيينا.

من جهة ثانية، أبقى الشيح تميم على وزير المالية علي بن أحمد الكواري ووزير الدولة لشؤون الطاقة سعد الكعبي في التعديل الوزاري، وعين الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني الذي تولى مسؤولية الأمن أثناء استضافة قطر لبطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، وزيرا جديدا للداخلية.

وفي بيان منفصل، قال مكتب الشيخ تميم إن أمير قطر أعاد أيضا تشكيل مجلس إدارة جهاز قطر للاستثمار، وهو صندوق الثروة السيادية القطري، وعيّن محافظ البنك المركزي الشيخ بندر بن محمد بن سعود آل ثاني رئيسا للمجلس ليحل محل الشيخ محمد.