أخبار وتقارير

الأحد - 18 ديسمبر 2022 - الساعة 10:43 م بتوقيت اليمن ،،،

كرم أمان


"الحرب قتلت بداخلي الكثير، لا أستطيع الحديث عن ذلك لأن كلماتي لا تزال نازفة"، كانت هذه أكثر العبارات التي عبر فيها الكاتب اليمني "صقر الهدياني"، عن ما بداخله من مشاعر حزينة، وأحاسيس يعصرها الألم، نابعة من ذلك الشاب الصاعد من جبال محافظة الضالع ، الذي حرمته الحرب في اليمن من تحقيق طموحاته والوصول إلى أحلامه بمستقبل مشرق في حياته العلمية.

برز اسم الشاب "صقر الهدياني" في اليمن مؤخرا، وبات محل اهتمام العديد من الناشطين والكتاب في وسائل الإعلام اليمنية ومنصات التواصل الاجتماعي، ككاتب بدأ يشق طريقه في عالم الكتابة والروايات والأدب، متأثرا ببعض الكتاب والروائيين العرب، لعل أبرزهم الكاتبة والروائية الجزائرية أحلام مستغانمي.


كانت الضجة الإعلامية التي حدثت مؤخرا في اليمن حول ماعرف بفساد وفضائح المنح الدراسية في وزارة التعليم العالي، مدخلا للشاب صقر، الذي لاقى فيها سببا مقنعا لنشر شكواه و ما لحق به من ضرر وظلم ، فقام بنشر صورة من شهادة تخرجه من مرحلة الثانوية العامة، والتي حصل فيها على العلامة الكاملة بنتيجة 100% ، وهي الشهادة التي تؤهله للحصول على منحة دراسية حكومية لإكمال تعليمه في الخارج.

لمع اسم صقر منذ ذلك الحين، وتحول حسابه الخاص على فيسبوك من مجرد صفحة عابرة، إلى مقصد للكثير من الناشطين الذين تهافتوا إلى صفحته بغرض الحصول على إجابات للعديد من التساؤلات التي راودتهم عقب الاطلاع على شهادة تخرجه، وكذلك لمعرفة أسباب اهتمام البعض به ومشاركة كتاباته.

أجابت منشورات صقر القديمة والتي قام بإعادة نشرها مؤخرا على صفحته بفيسبوك على تساؤلات عديدة ، ولاقت رواجا وتداولا واسعا، وازداد عدد المعجبين بمنشوراته والمهتمين بكتاباته والمشيدين ببداياته وطموحاته وتطلعاته.

من هو صقر؟

ولد صقر منصور حسين ناجي الهدياني في مايو / أيار من العام 2002 في منطقة جحاف بمحافظة الضالع جنوب اليمن، ودرس في مدرسة العباس بتلك العزلة الصغيرة، وهو طالب تميز بالذكاء منذ نعومة آظافره، حيث ظل متمسكا بالمرتبة الأولى منذ الصف الأول أساسي وحتى الثالث الثانوي، ودشن مشوار تعليمه الجامعي هذا العام، في كلية الآداب جامعة عدن ، متخصصا في مجال الصحافة والإعلام.

وفي حديث خاص ، يقول صقر: "أحب الأدب والشعر وكل ما يتعلق باللغة العربية، كما أحب الكتابة حباً فطرياً، وقد يكون للوراثة سبب في ذلك، فوالدي الأستاذ منصور الهدياني ماجستير لغة عربية".

وحول بداياته في الكتابة، أوضح صقر أنه بدأ في الصف التاسع "ثالث إعدادي"، لكنه يرى أنه لم يكتشف نفسه إلا في الصف الثالث الثانوي، حينها أنطلق من نفسه، وكان لوالديه الفضل بعد الله في تشجيعه ، مشيرا إلى أن والده كان أول شخص تأثر به منذ صغره، عندما كان يقص له في الأدب.


عدم حصوله على منحة

يرى صقر أن الظلم وقع عليه، وأنه يستحق الحصول على منحة دراسية من وزارة التعليم العالي لاكمال تعليمه في الخارج، ومع ذلك يبرر صقر لنفسه ويضع أسبابا أخرى، قال بأنها أعاقت حصوله على المنحة، ومنها "الوضع الذي كان حاصلاً آنذاك (2020) ، حيث أنا من خريجي عام كورونا، كل شيء كان مغلق، وزارة التعليم، المطارات، السفر، ولكن الحمدلله فُرجت قبل أيام بحصولي على منحة (خاصة) داخلية لاكمال دراستي في جامعة عدن ".


العراقيل التي أعاقت طموح صقر

لفت الكاتب صقر أن أول العوائق التي وقفت أمامه وعرقلت طموحاته هي الظروف المادية التي قال بأنها تدفن 90٪ من البشر، مشيرا إلى أن "السياسة هي أكبر كارثة تمر على الجميع، السياسة هي القاتل الأول لكل شيء جميل، بسبب السياسة تسقط أمم، فما بالك بأمنية طالب...!!".

وأضاف: "الحرب قتلت بداخلي الكثير، لا أستطيع الحديث عن ذلك لأن كلماتي لا تزال نازفة، لكن من يمر بالألم والحزن دائماً يخرج متقداً حماساً، الأقوياء يعاندون كل شيء، حتى الحروب لا يستسلمون لها".


لماذا مستغانمي؟

يبدي صقر إعجابا كبيرا بالكاتبة والرواية الجزائرية أحلام مستغانمي، وعبر عن اندهاشه عند الوصول إلى صفحتها الرسمية على فيسبوك لأول مرة قبل نحو عامين تقريبا، حينما شاهد كتاباتها وعدد متابعي صفحتها.

حينها قرر صقر الولوج في أجواء الصفحة والتعليق على كتابات أحلام ومنشوراتها، مطلقا لمخيلته العنان للسباحة في بحور الكتابة والبلاغة والأدب، واسقاط واقع اليمن التعيس عليها، متقيدا بقواعد اللغة العربية الإملائية وكذلك النحوية، وهو الأمر الذي شد أحلام مستغانمي ودفعها للرد عليه والترحيب به، ونشر بعض كتاباته على صفحتها.

يقول صقر في حديثه لنا : "اخترتُ مستغانمي لأنها أشهر روائي عربي في العصر الحديث، وكان تفاعلها على حسب إبداع محتوى الرسالة، لأن روائي بججمها لا ينشر إلا لغة جميلة".

وأضاف: "لقد كانت هذه أول نزهة لي في ذاكرة السيدة، عندما وجدتُ نفسي بعد مرحلة الثانوية في حالة فراغ، اكتشفتُ شخصاً بداخلي يُحب الأدب، كان هذا الشخص المُفعم هو المُواسي الوحيد للشخص الآخر المُحبط في داخلي، كان يوسوس في أذن شقيقه ويُملي عليه من الخيال، قررتُ أن أهتم بالمُفعم كي لا يُحبط، بينما تركتُ المُحبط يواري سوءة أيامه".

وتابع صقر: "كانت أول خطوة فكرتُ فيها هي البحث في جوجل عن أشهر شخص في هذا المجال، فأجابني جوجل هي أحلام مستغانمي، حقيقة كان الاسم غريباً جداً، لأول مرة اقرأه، لم أسمع به إطلاقاً، شدّني الفضول.. قررتُ معرفة كل شيء عن أحلام، فتحتُ صفحتها على الفيسبوك، تفاجأتُ بثلاثة عشر ملايين متابع!، لم اتفاجئ بشهرتها بقدر ما هي روائية، هل حقاً حصدت الجمهور الخيالي بواسطة الأدب؟!".

وأضاف: "بدأتُ اتابع صفحتها، اقرأ مقالاتها الصغيرة، في كل فترة أكتشف شيئاً عنها، بحثتُ عن رواياتها (ذاكرة الجسد، فوضى الحواس، الأسود يليق بك، عليك اللهفة، شهياً كفراق، عابر سرير، قلوبهم معنا وقنابلهم علينا ووو..)، أذهلني أسلوبها جداً، بالذات رواية ذاكرة الجسد فقد سكرتُ بها ودخلتُ في عالمٍ آخر، أدمنتُ على أحرف هذه السيدة وتعلّقتُ بها بشدة، فقررتُ الكتابة لها والوصول إليها".

وأوضح: "كتبتُ أول مقال في عالم الأدب ولم أعكف عليه كثيراً، كتبته بعفوية وبطبيعة المُبتدئ وأرسلته في تعليقات أحد منشوراتها ولم أكن أفكر أنه سيصل لها، تفاجئتُ في اليوم الثاني بردها، بالرغم أنّي أخفقتُ لكن مشاعري كانت مشاعر منتصر شعر بالكثير من الأمل".


أعداء النجاح

وحول الشخصيات والأطراف التي دعمت وتدعم صقر حاليا، فقال: "أكثر الأشخاص الداعمين لصقر هو صقر نفسه، بعيداً عن الغرور، لن ينفعك بعد الله إلّا نفسك،إعمل لأجل وقاتل حتّى الرمق الأخير، أما أعداء النجاح فهم كثر جداً، الحاقدون، الحاسدون، الذين عجزوا عن الوصول لمرتبتك، أصناف كثيرة يجمعهم حلم إسقاطك".


ماهي أماني صقر القديمة والحديثة ؟

ويرى صقر أن "أمنيتي القديمة هو أن أكون شخصاً فريد المنفعة، أن أستطيع إحداث نقلة تطورية للمجتمع المتخلف الذي نحن فيه، أما أمنيتي الحالية ليست أمنية واحدة، الشخص الجسور لا يرضى بأمنية واحدة، أريد تحقيق كل أحلامي وصولاً لأعلى مرتبة، ومن الشخصيات أتمنى مقابلة ابراهيم الفقي".

وكانت آخر كلمات صقر :" سأنطلق ولن التفت لكلام الناس".