أخبار اليمن

الأربعاء - 23 نوفمبر 2022 - الساعة 12:27 ص بتوقيت اليمن ،،،

عدن حرة / خاص


منذ مدة يسير مشروع خطير يهدف إلى تفتيت وإنهاء القوات المسلحة الجنوبية تحت يافطة "الهيكلة" وبدواع الدمج، حيث تطبخ هذه العملية على نار هادئة وبطريقة متأنية، كون التسرع في تنفيذه سيخلق هيجان وغضب كبيرين في جنوب اليمن، وهو ما لا يريد التحالف العربي والمجلس الرئاسي والإنتقالي أيضا التسرع فيه، خشية من عواقب التسرع فيه.

ترى تلك الأطراف مجتمعة، أن التسرع والهرولة في عملية الهيكلة والدمج، سيزيد الوضع احتقانا وتوترا في الجنوب، وسيخلق بلبلة كبيرة بين أوساط القوات الجنوبية المسلحة، لاسيما بعدما بلغت القوات الجنوبية موقعا مهما، وأصبحت رقما صعبا وحساسا، وباتت قوة لا يستهان بها، تضم العديد من القيادات والكوادر المتشددين لقضيتهم الجنوبية ومطالبهم السياسية المشروعة بالاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية.


كان لابد من وضع خطط بديلة أخرى، لتحقيق ذات الغرض، ولكن عبر تنفيذ سياسة النفس الطويل، والتنفيذ السلس، لتفادي أي احتقانات أو مواجهات، وقد بدأت تلك الأطراف فعلا بتنفيذ الخطط العسكرية البديلة، في سبيل تفتيت القوات الجنوبية من الداخل، وضرب عمقها الوطني والسياسي، وإفراغها من محتواها، وخلخلة صفوفها، والتخلص من قياداتها، ليسهل الانقضاض عليها لاحقا.

وجدت بعض من تلك الأطراف، أن استمرار الوضع على ماهو عليه في الجنوب، قد يساهم في تقويته وتعزيز حضوره عسكريا وأمنيا، وبناء قواته التي قد تشكل لهم لاحقا مصدر قلق ونزاع مستقبلي، فذهبت لتعميق وتأجيج الأمر وجره إلى مربعات خطيرة وزوايا ضيقة، في سبيل الوصول إلى معادلة جديدة لربما تكون مقنعة لدى بعض الأطراف وتشبع رغبات شخصية لأطراف أخرى، من خلال اعتمادها سياسة "مسك العصا من الوسط"، بينما في حقيقة الأمر كانت ترجح الكفة رويدا رويدا، حتى أوهمت مناضلي الكفة غير المرجحة بأنها" محايدة" وتسعى للوصول إلى حلول وسطية ترضي الجميع، عبر دغدغة مشاعر الحسم العسكري، تحت يافطة "الحوثيون عدونا المشترك"!!

بدأ ذلك المخطط الخطير يطفو على السطح في عام 2019 من عدن، سبقه سلسلة من عمليات التخلص من القيادات والكوادر التي شعرت في وقت مبكر خطورة المخطط، أو لمن يثبت لديهم معارضته، ثم انتقل إلى شبوة وأبين وحضرموت والمهرة وسقطرى ولحج وكذا مديريات الضالع الجنوبية.

وتلا ذلك، تدشين المرحلة الثانية للتفتيت، بدءا بقوات النخبة الشبوانية، ومحاولات طالت العمالقة، وبعض ألوية الدعم والإسناد والصاعقة والعاصفة والمقاومة الجنوبية، وصولا إلى قطع مرتباتهم الشهرية ومنع الغذاء والتموين لهم، ووقف عمليات تسليحهم، ليعقب ذلك المرحلة الثالثة التي تمثلت في تشكيل قوات جديدة تحت أسماء عديدة منها ألوية اليمن السعيد ثم ألوية العمالقة اليمنية وأخيرا درع الوطن، وصرف مخصصات شهرية كبيرة ومنتظمة لتهيأتهم لمرحلة جديدة من العنف الجنوبي الداخلي، بعيدا عن الحوثيين الذين باتوا في منأى كلي عن أي عمليات عسكرية لتحرير الشمال.

في هذه الأثناء، أطلق قائد أركان اللواء الأول دعم وإسناد معين المقرحي نداءا ودعوة لكل منتسبي القوات الجنوبية للخروج، محددا أهداف ما أسماها بالنفير من أجل احباط المخطط الذي يحاك ضد القوات الجنوبية واذلالهم، بدءا بقطع مرتباتهم ووصولا إلى الترتيب لإحلال قوات درع الوطن بديلا عنهم في عدن وباقي المحافظات الجنوبية.

لكن يبدو أن دعوة المقرحي لم تلقى صدى واسعا بين أوساط القوات الجنوبية التابعة للمجلس الإنتقالي الجنوبي، التي تأتمر بأوامر الرئيس عيدروس الزبيدي القائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية، حيث يرى جزءا منها في تلك الدعوة خروجا عن المألوف العسكري وكسرا لأوامر القائد، ليس هذا السبب فحسب، فهناك أسباب أخرى تتعلق بالبعض ممن أغدقوا ترفا خلال الفترة الماضية، وباتت هناك استحالة للعودة بهم إلى ما كانوا عليه قبل 2015، ومحاولة تشبتهم بما وصلوا إليه أكبر وقت ممكن، حتى وإن كانوا على علم أن سهام المخطط ستطالهم يوما ما "بالدور".

في واقع الأمر، ترفض الأوساط الجنوبية جميعها فكرة أو مشروع الدمج والهيكلة، منذ الوهلة الأولى، وترى فيها تفكيكا وتفتيتا لقوام القوات الجنوبية التي تم بناءها وتأسيسها من الصفر منذ 2015، كما ترى فيها شرعنة لمشروع الوحدة التي يرفضها الجنوبيون ويؤكدون أنها ولدت ميتة وبات من الاستحالة الحديث عنها حاليا، لكن الترتيبات والاجراءات التي تجرى على الأرض واقعا، والتعمق فيها يدل على أنها تقترب من تحقيق المخطط.

الحديث عن وجود خلافات بين أعضاء مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، تنامى مؤخرا، وتفشت أخباره وتحليلاته، في من يرى أنها خلافات حول هذا المخطط، وآخرون ممن يرون فيها " سيناريو خفي " لتمرير المخطط بسلاسة ومنطقية، تفاديا لأي احتقانات وتوترات، من خلال إثارة الحديث أو التلويح باقتراب عملية تحرير وادي حضرموت، ومكيراس، وصولا إلى المهرة، بينما على الجانب الآخر هناك لقاءات فردية وجماعية تتم سرا في سلطنة عمان والأردن مع الحوثيين لتوسيع موضوع الهدنة وصولا إلى سلام شامل، وفقا لما قاله القيادي البارز في حزب المؤتمر الشعبي أبوبكر القربي "وزير الخارجية الأسبق".

وأخيرا.. يبدو أن تلك الحوارات والمفاوضات التي تجرى في الداخل والخارج، تكون القوات الجنوبية جزءا مهما فيها وفي حيثياتها، وعن كيفية الوصول إلى مرحلة جديدة يكون فيها الجنوب ضعيفا، مفرغا من قواته، ليسهل اخضاعه وابتلاعه عند المنعطف الأخير، وضمان عدم ممانعته أو رفضه للتوافقات التي ستتم.