كتابات وآراء


الثلاثاء - 25 يناير 2022 - الساعة 12:29 ص

كُتب بواسطة : محمد علي محمد أحمد - ارشيف الكاتب



في مسألة حساسة ليست من السهولة بمكان أن نحدد نقاطها على عجالة لنسير خلفها كالقطيع ، ولا بعودة الزمان لسيطرة عواطفنا و التي كانت سبباً لبلائنا ، أو أن نسمح لأي طرف كان إقليميا أو دوليا أن يحدد لنا طريقنا أو يملي شروطه علينا ، سيما و قد عرفنا تلك الدول بمواقفها السلبية سياسياً و تاريخاً تجاه الجنوب وقضيته العادلة في استعادة دولته المغتصبة ..

كما أننا لسنا فئران تجارب كي نجرب المجرب والنتيجة حتمية بالفشل الأكبر ، و التاريخ مليئ بالعبر ..

فإن كانت علاقتنا نحن الجنوبيون بنظام صنعاء بعد مايو من العام ٩٠م فشلت فشلا تاما و انتهت بدماء و قد كان اتفاق دولتنا الجنوبية مع دولة أخرى لها مؤسساتها وثقافتها وحضارتها وسياستها الخارجية بغض النظر عن سلبياتها ، لكنهما دولتان ذات سيادة معترف بهما دولياً وهما معترفتان ببعضهما وهو ما حذا بقيادتهما إلى التطلع لدمج دولتيهما في كيان واحد ومسمىً واحد ونشيد و علم و دستور ظل السجال في اعتماد بنوده طويلا ، بل تبينت الهوة بين النظامين قبل حتى صياغة بنود الدستور وذلك في صيغة القسم الجمهوري ، فكيف يستسهل البعض الآن فكرة تكرار الفشل ، ليطلب من جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية للإتفاق من جديد مع الجمهورية العربية اليمنية التي انتهت وتفككت وتبعثرت و سقطت سياسياً في ٢١ سبتمبر ٢٠١٥م و بالتالي لم تعد للوحدة أي وجود ومع من !!

فلا عقود ولا عهود يلزم الدولة في الجنوب لتستمر في وحدة من طرف واحد ، في ظل سلطة طائفية وجماعة إنقلابية لها مشروعها الديني وبعدها الخارجي وارتباطها العقدي بالصفويين و ولاية الفقيه ، وهذا الأمر بعيد كل البعد عن ثقافة وهوية دولتنا الجنوبية ولا يمكن بحال من الأحوال ولا قوة في العالم أن تفرض علينا أن ندخل النفق المظلم مرة أخرى بل إنه الآن أظلم وأكثر سواداً من ذي قبل ..

وأستغرب من خطاب بعض من ينسبون أنفسهم لفئة المثقفون و الإعلاميون سواءاً من إخواننا في الشمال المستفيدون من هذا الواقع المؤلم الذي حل على شعبهم وهم خارج أرضهم يغردون ومن خيرات شعبهم المكلوم يستلمون ، أو بعضاً ممن مسجل في هويتهم الشخصية أنهم جنوبيون وهم في الحقيقة ألذ عدو للجنوب من غيرهم ، حين ينعت الجنوبيون في مقالة يضع فيها حلولاً كما يراها ب (الإنفصاليون) مع جهة نسب نفسه إليها ب (نحن) !!

فمن أنتم يا عزيزي وما اسم دولتكم وأنتم مشردون في الشتات وعاصمتكم السياسية تدار بسياسة ونظام دولة مغايرة تماما لسياسة الدولة التي كانت لكم والتي وضعتم يدكم بيد الدولة في الجنوب إبان وحدتكم معنا وفشلتم حتى في الحفاظ على دولتكم ، في حين حافظ الجنوب على دولته رغم سقوطكم وفشلكم وسوء إدارتكم وخيانتكم للعهود و للوحدة التي سلمتم عاصمتها و ميثاقها و بعثرتم عراها ، فمن هم الإنفصاليون إذن !!

من تآمروا واتفقوا مع أعدائهم وسلموا مفاصل دولة الوحدة التي ليست ملكاً لهم وحدهم ، ضد من كان شريكاً سياسياً ودستورياً معهم فيما تسمى بدولة الوحدة (الجمهورية اليمنية) والمؤسف أن نظام صنعاء دعم سياسياً و بالقوة العسكرية تلك الجماعة الطائفية الخارجة عن القانون التي باتت اليوم عدو لهم ، وهم من مكنوها من الحكم و البسط على صنعاء وغيرها من مناطق ومحافظات الشمال دون مقاومة بمعنى ( خيانة) و خروجا عن اتفاق الوحدة و نسف لكل المواثيق والتعهدات التي أبرمت فيما بين الدولتين ، ليس ذلك فحسب بل أثبت نظام صنعاء من خلال اتفاقه مع تلك الجماعة الطائفية وهي جزء من النسيج الإجتماعي للنظام بأنه وقيادته إنفصاليون بدرجة امتياز مع مرتبة عاليةمن العمالة والخيانة ، و انقلابيون عديمي الثقة ، فأي معنىً للوحدة و للأخوة في منطق وعقول هؤلاء !!

و هم لا يرعون مواثيق و لا يلتزمون باتفاق و لا أيمان لهم ولا ذمة ولا عهود ، نعم أثبتوا ذلك ، من خلال توجيه تلك الجماعة و بدعم كامل من شركاء الوحدة لنقل الحرب الى الجنوب بعد ان سلموا الشمال بطبق من ذهب ، وهنا قال الجنوبيون كلمتهم و وقفوا ضد هذا المحتل ولقنوه درساً في ان الأوطان قد يغدر بها مرة بإسم الوحدة التي كان الجنوب أول نادوا بها ، لكنهم لن يسمحوا بتكرار الخطيئة مرة اخرى وكان دحرهم للمحتل من أرضهم عنوانا واضحا على استحالة العودة لنظام لم يحافظ على شعبه هناك فكيف يأمنه الجنوب ليكون جزاءاً منه و يتشرف بمن لا شرف ولا وطنية فيه ، وكان على المجتمع الدولي و الأقليمي ان يفهم تلك الرسالة و الإعتراف بحق الجنوب في تقرير مصيره في الإستقلال وفك ارتباطه و إعلان دولته المستقلة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وعاصمتها عدن ، لا أن يتغاضى عن مطلبهم الحقوقي والقانوني واستخدامهم رجاله بعد حققوا النصر بتحرير أرضهم وسيادتهم عليها ، في الدفاع عن أرض الشمال ومع كل ما يقوم به الجيش الجنوبي و رجال مقاومته الأبطال ، لا زال هناك من لا يخجل ليطالب بالوحدة ويتهم الجنوبيون بالإنفصال !!

عن أي وحدة يتحدث هؤلاء والواقع يشهد بأنها قد انتهت إلى غير رجعة !!

و أي انفصال هذا الذي ينعتون به الجنوبيون ، و رجال الجنوب يقاتلون في الميادين و الجبهات عن أولئك المصابون (بالتوحد) في غرف الفنادق وأجنحة القصور الفاخرة لحفظ ماء وجه من لا وجه ولا كرامة لهم ، ممن لا زالوا يصدقون أنفسهم بأنهم يمثلون الدولة ، دولة من ورق ، دولة تصدر فقط القرارات عبر وسائل التواصل الإجتماعي ، وتنهب اموال البلد والمواطن لا يجد ما يقتات به و تحت مسمى الشرعية !!

اي شرعية هذه التي تعطى للمتآمرين ومن سلموا صنعاء وبقية محافظات الشمال وتركوا شعبهم للذل والمهانة والفقر والمجاعة ، اي شرعية لمن خانوا العهد وغدروا بالوحدة منذ إعلانها ألف ألف مرة ، شرعية ماذا و اي دولة يمثلون وهم فقدوا حتى اعتراف شعبهم بهم فأي شرعية يُعطَون !!

أم إن الإنفصاليون من دخلوا نفق الوحدة بإخلاص و وفاء ، و سلموا دولة ذات سيادة ومكانة في كل المحافل الدولية وتمتلك قوة اقتصادية هائلة وعقول بشرية مفكرة وجيش منظم متسلح بالوعي قبل السلاح ، وبرغم غدركم و حربكم و تهميشكم والحكم بالموت على قادة الدولة في الجنوب الذين بدونهم أصبحت وحدتكم غير شرعية ولا قانونية ، ومع ذلك صمت الشعب في الجنوب طويلا ولم يكن صمته حقيقيا بل عمدتم إلى حشد الملايين وزرعتموهم في جسد الجنوب ، في كل محافظة ومديرية وسهل و وادي و ريف وحضر ، غيرتم المعالم ، و دمرتم الأخلاق ، و إستمر حكمكم من جانب واحد ٢٠عاماً ( ١٩٩٤م - ٢٠١٥م) سنوات عجاف ، نهبتم فيها الأرض والثروات وعثتم في أرض الجنوب ظلماً و فساداً ، وبقوة بطشكم وبمنطق المنتصر ، إستخدمتم كل إمكاناتكم للإستحواذ على الجيش والأمن واستبدلتم قادتهم الشرفاء وسرحتموهم لتأتوا من ابناء جنسكم وبعضا ممن تعرضوا للإذلال والترهيب ليكونوا مجرد أكذوبة وصورة خارجية للعالم بأن الوحدة لازالت مستمرة بين الجنوب والشمال و أخضعتم من بقي من قادة الجنوب السياسيون وغيرهم لتنفيذ مخططاتكم والبعض استسلم للأمر الواقع فتكيفوا بثقافتهم و تطبعوا بأخلاقياتهم التي لا تحترم نظاما ولا تلتزم بقوانين ، كل ذلك وهم بإسم الوحدة مسيطرون على كل شبر من الجنوب والشمال وهم يخدعون العالم أجمع اننا في دولة الوحدة والمساواة والعدل ، والشعب الجنوبي يعاني ويزداد ظلماً و قهراً وهم ينهبون ثرواته ويبسطون على أرضه تحت شعار الوحدة المزعومة ، وتحت مسمى دولة الجمهوريه اليمنية .

إن الشرعية الحقيقية هي للجنوب و رجاله الذين أثبتوا أنهم لأرضهم لم يفرطون ، و عن ترابه الطاهر مدافعون ، و بقائهم بين شعبهم لا مغتربون ، إنها شرعية الأرض و الإنسان والهوية أيها الواهمون ..

فقتال الجنوبيون في أرض الشمال نيابة عن المتشدقون بشرعية لا تقبل بها شرائع الشمال والأرض ، ليس لإثبات وجودهم وحق استقلال دولتهم في الجنوب ، فهذا امر قد حسم أمره اخلاقياً و جغرافياً و سياسياً و عسكرياً ، بل إن معارك الجنوب في مناطق الشمال هو إثبات للعالم والإقليم بالأخص أن الجنوب دولة بمعنى الكلمة بالرغم من غدر نظام الشمال بهم إلا أنهم يحملون الإنسانية والمحبة لشعب تركه نظامه تحت وطأة جماعة إرهابية ، وهي تسهم كدولة مع المنظومة الدولية في محاربة الإرهاب والتطرف السياسي والديني وتحرير الشعوب منهم ، و إن كان ذلك خطأً فادحاً و مناورة خبيثة من قبل اطراف دولية و إقليمية بالدرجة الاساسية لإضعاف الجنوب عسكرياً و لعرقلة و تأخير التحرك نحو إعلان الدولة المستقلة سياسياً ، لذا يتوجب الحذر و الحيطة قبل الإقدام على هكذا قرارات لا تسبقها تعهدات دولية و إقليمية بضمان اعترافهم بحق الجنوب في العيش بكرامة و عدم المساس أو التلاعب بالهدف النبيل و بالنصر الذي تحقق والتضحيات الغالية التي قدمت لانتزاعه ، و تسخيره فيما يخدم قضيته وتطلعات شعبه التواق للحرية و الإستقلال دون أي تسويف و مماطلة ،
فقد آن الأوان بل تأخر كثيراً عن موعده الذي انتظرناه طويلاً بلهفة و شوق و حنين و حب و وجدان .