كتابات وآراء


السبت - 08 يناير 2022 - الساعة 12:51 ص

كُتب بواسطة : خالد سلمان - ارشيف الكاتب


تعالوا ننحي عواطفنا المبتهجة بالنصر على الحوثي في شبوة جانباً ، ونتحدث بقليل من العقل والموضوعية حول ماذا بعد بيحان؟

الواقع يقول أن حصاد نتائج المواجهة مع الحوثي، تثبت أن هناك قوة مؤهلة بعقيدة قتالية عسكرية، تمتلك القدرة على كسر زخم إمتداد وتوسع الحوثي في عموم مناطق التماس والمواجهة ،

تلك القوة هي القوة الجنوبية، وأن عزل هذه القوة في رقعة جغرافية ، والتعويل على مؤسسة الجيش بنواتها الإخوانية ، في صنع الفارق النوعي ، تضاعف تضحيات الحرب وتطيل من آلامها وآمادها ، ولا تفرض على الحوثي تحت الضغط العسكري وثقل تراجعه، خيارات تفاوضية بديلة ، بعدإحصاء هزائمه وتحريره من حالة الوهم الديني والإلتباس الذهني ،بإنه الأقوى وبيده قرار الحرب ومفاتيح السلام.

القوات الجنوبية تدرك جيداً بخبراتها السياسية والعسكرية، أن معركة الجنوب ليست معزولة عن معركة الشمال، وأن تداخل الجغرافيا والجبهات ،لا يؤمن ظهرها بل يجعلها عرضة لهجمات إن لم تكن معاكسة ، فهي حرب إستنزاف عن بعد بالصواريخ والمسيرات والخلايا النائمة، وأن الحسابات الدقيقة تتطلب العمل على قاعدة وحدة المعركة، بأهداف سياسية وضمانات مسبقة ، حول مشروع الجنوب في فترة ما بعد إنهاء الحرب ،وإضعاف الحوثي وجلبه إلى طاولة التفاوض.

الجنوب ليس جزيرة معزولة ،ومحمية عن تشظيات الحرب في محافظات الشمال، فهو جزء من معركة متعددة متداخلة مع بعضها ، وأن إنكفاءه جنوباً لا يوفر له الحماية الكافية، لتحقيق مشروعه السياسي ، أو يوفر له مقومات بناء دولة جنوبية مستقرة أو أي شكل منها ، ما لم يكن هناك إطاراً سياسياً يبين أن واحدية المعركة، لا تعني العودة ثانية، لفرض نموذج الدولة الإقصائية الموحدة ،وإبتلاع الجنوب مجدداً بناسه وثرواته وخياراته .

نعم المعركة واحدة، ولكن يجب أن تُخاض بمشروعين سياسيين مختلفين، أو مؤسسين على مشتركات توافقية ، تضخ بكل الطاقات و الجهود لحسم المعركة ضد الحوثي ،مع إزالة لدى أبناء الجنوب هواجس التآمر وإذكاء مكامن الإرتياب في الذاكرة الجنوبية، المثخنة بجراحات الإلغاء والإقصاء وسحق المواطنة، والعودة إلى ذهنية الأصل والفرع، وعدن الجاليات، والقبيلة العصبوية الهضبوية المقدسة.

لا جنوب مستقر من غير تحرير الشمال، ولا تحرير للشمال بمشاركة قوات الجنوب ،دون الإقرار المسبق بمشروع الجنوب المتمايز والمستقل.

هي حسابات العقل ، وهي حسابات تتخطى الرغبات والعواطف، وقابلة للتحقق عبر مسارين :

دحر الحوثي ،والإعتراف بأن البندقية الجنوبية ليست للإيجار، بل هي رافعة مشروع سياسي مستقل.