كتابات وآراء


الخميس - 25 أغسطس 2022 - الساعة 02:30 ص

كُتب بواسطة : د. طه حسين الروحاني - ارشيف الكاتب



المؤتمر الشعبي العام (١) .. !!

المؤتمر الشعبي العام رمانة الميزان في الحكم وشوكة الظل في المعارضة، مرجعية الوطن السياسية في السلم وقوته الدفاعية في الحرب، المعطي العام من الطاقات والمخزن الاستراتيجي من الكفاءات، صاحب التجربة الديمقراطية والسياسية العميقة، ورائد الانجازات التنموية والاقتصادية العملاقة، المؤسس للمشروع اليمني الجامع والمحافظ على الثوابت الوطنية الواحدة، المستند الى القاعدة الجماهيرية العريضة والمتكئ على الرافعة الشعبية الممتدة بحجم الوطن،

المؤتمر الشعبي العام به عرفت اليمن الديمقراطية وتعرف الشعب على حقوقه السياسية وحرياته المكفولة، وسع من قاعدة المشاركة الشعبية واوصل صوت الشعب الى مراكز القرار، كسر احتكار السلطة وحد من سيطرة القوى التقليدية على مؤسسات ومجالس الدولة، اعاد السلطة الى الشعب وحرص على بقائها واستمرارها ودعى الشعب لاعادة تشكيلها وترشيدها، فتح مؤسسات الدولة التشريعية والقضائية والتنفيذية لكل ابنائها وارسى مبادئ الحماية وتطبيق سيادة القانون على الجميع،

المؤتمر الشعبي العام فطرة العمل السياسي في اليمن، من خلاله عبرت الاحزاب وفي ظله مارست الحياة السياسية، وفي عهده تعلمت الحكم والمشاركة، اشرك الجميع في اعداد وثائق الاجماع الوطني، واتاح الفرصة امام القائم منها بالظهور، وشجع على نشأة الجديد، ودعم المتعثر منها، اقر التعددية ونظم الممارسة وقاد التجربة وخاض المنافسة، استلم السلطة لاكثر من دورة انتخابية، وشارك الاخرين فيها رغم الاغلبية، وتحت وطأة الانقسام الداخلي والضغط الخارجي سلمها طوعا وفقا لرؤيته الوطنية، سلم السلطة واحتفظ بالوطن،

المؤتمر الشعبي العام (٢) .. !!

المؤتمر الشعبي العام لا اكبر منه الا الوطن، ولا اصغر منه الا بقية الاحزاب، اذا غاب غابت الدولة، وان عاد دبت الحياة من جديد، قوة الحكم الناعمة ووسطية الفكر الضاربة، منتج وطني بامتياز، ولد من رحم الشعب، واشتق اسمه من الشعب، واستقى فكره ورؤيته وادبياته ومنطلقاته من الشعب، اعضاؤه وكوادره وجمهوره ومناصريه من اوساط الشعب، يتواجد اينما يتواجد الشعب، ويبقى ما بقي الشعب، مع الشعب وحّد مصيره، وبالشعب ارتبط والتحم، وللشعب تجاوز وانتصر،

المؤتمر الشعبي العام عينة المجتمع الشاملة في دراسات الوعي السياسي، والتنوع الثقافي والاجتماعي، ممثل الوسطية الفكرية والدينية، والجزء الاصيل في الاجماع الوطني، مقدم المبادرات وراعي التوافقات، الممتص لكل صدمات الصراع وعثرات النزاع، الملاذ الآمن لمن بعثرتهم صراعات القوى واختلافات الرفاق، واخرجتهم مضايقات الفكر ومحرمات الانفتاح، لا يفتش في الماضي السياسي لاعضائه وكوادره وقياداته، ولا يقيد حرية الاختيار في البقاء او المغادرة،

المؤتمر الشعبي العام محقق الوحدة اليمنية واللحمة الوطنية، ورائد العمل السياسي والوطني، راعي النهضة الاقتصادية والطفرة العمرانية، مؤسس الاصلاح المالي والاداري والبناء المؤسسي، عنوان الدولة المدنية، الرافض لكل دعوات الضلال الطائفي والعنصري والجهوي، والداعي دوما الى مبادئ التسامح والتصالح، حكم اليمن بالرؤية السياسية المنفتحة، وبنى الوطن بالموارد الاقتصادية المتاحة، حافظ على نسيج الشعب الاجتماعي، ورفع من مستوى الوعي الثقافي، اوجد الامن، واوصل الخدمة، وخلق التنمية، وعمّر الارض، وبنى الانسان،

المؤتمر الشعبي العام (٣) .. !!

المؤتمر الشعبي العام شخص مشكلة الوطن وثأره التاريخي مع ثالوث الفقر والجهل والمرض ومخلفات الامامة وسلطنات الاستعمار التي نهشت في جسم الانسان اليمني لقرون، فقاد نهضة تنموية وتعليمية وصحية، ورسم ونفذ وواصل خطط تنموية سنوية وخمسية ساهمت بقدر كبير في انتشال الوطن والمواطن من الوضع المعيشي السيء، والمستوى التعليمي والثقافي المتردي، والحال الصحي المخيف، وانتصر في كثير من تلك القضايا رغم الامكانات البسيطة، والموروث المتجذر لتلك المشكلات والمعضلات كما ونوعا،

المؤتمر الشعبي العام ادار الحكم في شقه الاقتصادي والتنموي بموارد النفط والغاز والضرائب والجمارك والواجبات والرسوم والصادرات والمساعدات والتحويلات، واعادها الى الشعب في سجل خالد من الانجازات العظيمة والمشاريع العملاقة والخدمات المتكاملة والحياة الكريمة، فحكم وساد وكسب قلوب الملايين، ووصل الخير والعطاء والامن والاستقرار الى كل بيت وحي وقرية ومدينة في كل ربوع الوطن، ومازلنا الى اليوم نسحب وننهش من هذا الرصيد،

المؤتمر الشعبي العام وفي حقبة زمنية نادرة لم تشهد لها اليمن مثيل، كتب تاريخها وامهر صفحاتها بحروف امتدت كلماتها بطول تلك الطرقات وعمق الانفاق وارتفاع الجسور وصلابة الحواجز المائية والسدود، وتزينت باعداد الجامعات والمعاهد والمدارس، وبحجم المستشفيات والمستوصفات والمراكز الصحية، وبسعة الموانئ والمطارات والمنشآت، وبالوان المكتبات والمسارح ودور الثقافة، وبقدرة شبكات النقل ومحطات التوليد، حقبة شهد عليها ربيع الصناعة والانتاج، وصيف السياحة والثقافة، وخريف الزراعة والتصدير، وفيها امطرت الارض شتاء من كل نفط وغاز،

المؤتمر الشعبي العام (٤) .. !!

المؤتمر الشعبي العام عمل مع حكوماته المتعاقبة وبرامجها المكملة على تحسين دخل المواطن، والرفع من مستوى حياته وخدماته، افتتح المشاريع الخدمية الصغيرة والمتوسطة والعملاقة، ومنح التسهيلات الكبيرة للقطاع الخاص والاستثمار المحلي والاجنبي، واوجد فرص العمل الجديدة، ومصادر الدخل المتنوعة والبديلة، وحد من الاعتماد على الوظيفة العامة، ولم يتخلى عن مسؤولياته الاخلاقية والاجتماعية والاقتصادية تجاه طبقات المجتمع المعدومة الدخل، والمحدودة والمتوسطة،

المؤتمر الشعبي العام استمر في دعم اسعار القوت الضروري من المواد الغذائية الاساسية، ولم يتنصل من دعم المشتقات النفطية، ورفض محاولات تحريرها او تعويمها، واحكم السيطرة على مستويات الاسعار في الاسواق المحلية، واهتم بمواصفات التصنيع والانتاج، واقر آليات الاستيراد والتصدير، وكسر احتكار السوق بالشركات الحكومية المنافسة، وحدد الفئات الجمركية والضريبية، وجمد ضريبة المبيعات والضريبة العقارية لاكثر من مرة، ولم يوافق على الاسعار الضريبية للسلع الكمالية، واستبدلها بحصص الصناديق،

المؤتمر الشعبي العام التزم بمجانية التعليم الاساسي والجامعي والفني، وبرامج اعداد المعلم وتعليم الفتاة ومحو الامية والمنح الدراسية، ومجانية العلاج في المؤسسات والمرافق الحكومية، وبرامج التثقيف الصحي والامومة والطفولة والتأمين الصحي للعاملين والمنح العلاجية، ووسع من قاعدة الضمان الاجتماعي، وشجع عمل الجمعيات الخيرية، واهتم بمؤسسات الرعاية الاجتماعية، ودعم الجمعيات التعاونية، وانشأ البنوك الخاصة بذلك، ومنح القروض والتسهيلات للمزارعين والصيادين والحرفيين، واصحاب المشروعات الصغيرة والاصغر، وبرامج التنمية والاسر المنتجة،

المؤتمر الشعبي العام (٥) .. !!

المؤتمر الشعبي العام حافظ على النظام الجمهوري، وعزز من مفهوم التطبيق لثوابت الدولة والجمهورية، نشأ وترعرع في كنف الدستور والنظام والقانون، ولم يعش الا في ظل الدولة الرسمية، ولا يقدر على التعامل الا مع مؤسساتها الدستورية، ولا تقوم قراراته الا في اطرها النظامية والقانونية، وفقا لسياسات وبرامج ولوائح الهيكل التنظيمي والمستويات التراتبية لمؤسسات ووحدات الدولة،

المؤتمر الشعبي العام مدرسة التنظيم والادارة، اوجد نخبة ادارية متمكنة، ومكنها من ادارة مؤسسات الدولة، واستفاد من تجارب الاخرين المحلية والدولية، واستقدمها على هيئة برامج مالية وادارية واقتصادية، شذبها وفقا للخصوصية، واسقطها على مؤسسات وهيئات ومصالح الدولة، وسع في الهيكل التنظيمي، واستحدث الوظائف اللازمة، ونظم الوظيفة العامة في اطار مشروع الاصلاح المالي والاداري الشامل،

المؤتمر الشعبي العام فقه النظام، وروح القانون، ميزان الحقوق، واحسان الواجبات، الاعرف في تقدير كل مرحلة، والاقدر في معرفة اسبابها وظروفها وملابساتها واحكامها، بعمومية الحال، وخصوصية الظرف، اوجد التشريعات، وسن اللوائح والانظمة والقوانين، تعامل مع الممكن، وتوازن مع النافذ، لم يتشدق بالقانون، ولم يستخدمه سوطا على رقاب الناس،

المؤتمر الشعبي العام (٦) .. !!

المؤتمر الشعبي العام تعامل واقر ودعى الى تعزيز الحريات والحقوق والانفتاح والمشاركة، وتفعيل مبادئ حقوق الانسان والعدالة الاجتماعية وحرية الفكر والرأي والرأي الآخر، فكان سباقا الى الاستجابة لتلك الدعوات وتحويلها الى واقع، فاقر القوانين المنظمة، وانشأ المؤسسات والهيئات والاجهزة الرسمية الاشرافية منها والرقابية، وسمح وشجع على قيام منظمات المجتمع المدني والاحزاب، وحث على تفعيل ادوارها الانسانية والحقوقية، والاضطلاع بمسؤولياتها الاجتماعية والفكرية،

المؤتمر الشعبي العام وفي منطقة عربية لا تتصف بالاستقرار، قاد حراك سياسي ونشاط دبلوماسي واسع النطاق، حافظ فيه على كيانه الجغرافي، ولم يخل بمواقفه القومية وقضاياه الاسلامية، اقام علاقات تعاون متزنة مع الآخر، ولم يتدخل في شؤون الغير، تواجد في كل المحافل الدولية، وتحدث باسم الشعوب المغلوبة، تجنب الصراعات الدولية، واُقحم في بعضها، تعامل في كثير من قضايا الامن القومي بحكمة، وانتهج طرق القانون والتحكيم الدولي لحلها،

المؤتمر الشعبي العام قرين الدولة والمؤسسات، حليف السلطة، ورديف الحكم لما يقارب الثلاثة العقود، سلم السلطة طوعا، وخرج من الحكم تداركا للموقف وكرها في سفك الدماء، غاب فغابت الدولة، وانهارت المؤسسات، وسقط النظام، وتعطلت القوانين، وتبعثرت الثروة وتهالكت السلطة، تلقفها الشركاء والرفاق، وتقاسمتها الايدلوجيات، وانجر الخصوم لاجندات الخارج والطامعين، ونزعات السيطرة والتفرد والانتقام، جروا البلاد الى الحرب، فتجزأت الارض وتشرد الانسان،

د. طه حسين الروحاني
عضو المؤتمر الشعبي العام
عضو اللجنة الدائمة الرئيسية