الخميس - 25 يناير 2024 - الساعة 01:09 ص
بعيدا عن الردود الانفعالية السطحية غير المنتمية لمنطلقات الرد المهني والقانوني المكفول، هناك نقطة قد تكون مهمة تتعلق بسياسة وتوجهات قناة b b c باعتبارها لسان حال الحكومة البريطانية، ومصدر معلوماتي أصيل لصناع القرار في بريطانيا.
الحقيقة أن الزبيدي لم يقع في فخاخ القناة دون علم منه، ولا كان ذلك فشلا في طواقمه الإعلامية كما يزعم البعض، بل أن المشكلة بتقديري تكمن في عجز الزبيدي وفريقه الخارجي في تقدير موقف بريطانيا من الجنوب كقضية!
ولو أن الزبيدي يفهم أبجديات العمل السياسي والدبلوماسي، ويستطيع أن يقيس المسافة الفاصلة بين الشعارات التي يرفعها والخطب التي يلوكها، وبين الموقف الدولي، وفي المقدمة موقف بريطانيا، لربما جنب نفسه الكثير من الحرج الذي يقع فيه يوم إثر آخر.
يقول الزبيدي ويكرر ويعيد في كل خطاب إن الموقف الاقليمي والدولي نحو القضية الجنوبية ممتاز، ويتحدث بيقين إن المجتمع الدولي مع الجنوب، فضلا عن ما ينشره في صفحته من صور تتحدث عن لقاءات بلا حصر بعدد من السفراء وصناع القرار الغربيين، مع إيحاءات متكررة بإن هذا الأمر ليس أكثر من تقدير غربي لجهود مكافحة الأرهاب في الجنوب، واعتراف ضمني بما حققه المجلس الانتقالي.
في العام ٢٠١٩م زار الزبيدي لندن بدعوة رسمية من البرلمان البريطاني وأجرى لقاءات كثيرة مع عدد من المسؤولين في الخارجية والبرلمان، وقادة الأحزاب في بريطانيا، وفي العام ٢٠٢٣م تحدث الرجل في ندوة حوارية نظمها معهد تشاتام هاوس البريطاني، وقبل أيام التقى بوزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون على هامش المنتدى الاقتصادي، فضلا عن عشرات اللقاءات مع سفراء بريطانيا السابقين والحاليين، لكن للأسف لم يكن من ثمار لكل ذلك سوى صورة وخبر على حائط الزبيدي في صفحته على الفيس بوك!
هذه الحقيقة التي نبهنا لها في أكثر من مرة، وقلنا إن اللقاءات والصور العابرة لا تعبر بالقضية إلى أي تعاطف دولي، ذلك أن الموقف الدولي ما يزال يتجاهل الزبيدي ومجلسه مهما قدم من تنازلات، ومهما عرض من خدمات، وليس أدل على ذلك من موقف سابق للاتحاد الأوروبي الذي اعتبر أن دور المجلس الانتقالي ما يزال سلبيا!
إذن المشكلة يا سادة يا كرام ليس في توجهات قناة b b c ولا في المواقف التي ما تزال تنظر للجنوب كبؤرة للإرهاب، بل أن المشكلة في عجز من يدعي تمثل الشعب، ويعتبر نفسه حاملا سياسيا للقضية الجنوبية، فهو وفي الوقت الذي يدعو الجنوبيين إلى تعظيم ما حققه من إنجازات سياسية على الصعيد الخارجي، نراه يعود في الوقت نفسه لكي يشتكي من موقف خارجية غاية في الخطورة على قضية، وسمعة شعب.
بخصوص التحقيق وما ظهر عليه الزبيدي، فالأمر لا يحتاج لكل هذا العويل، فقط يتخذ الزبيدي خطا قانونيا باعتباره عضو مجلس قيادة رئاسي، ويتخاطب بشكل رسمي مع الحكومة البريطانية، هذا إذا كان فعلا لا يعلم عن ماهية وهدف المقابلة، مع أن هذا الأمر كان يفترض أن يكون بعد لحظات من إجراء المقابلة، لا أن ينتظر حتى يتم البث.
أخيرا، نصيحة لا تدافعوا عن المجلس الانتقالي، فالتوبيخ هو العلاج الأمثل، إن كان يهمكم الأمر.