كتابات وآراء


الأحد - 19 نوفمبر 2023 - الساعة 11:50 م

كُتب بواسطة : ياسين سعيد نعمان - ارشيف الكاتب



اليمن حارسة أهم ممر بحري منذ القدم ، وحامية أهم الطرق البحرية ، تمتد شواطئها البحرية على طول ٢٢٠٠ كيلو متر ، عدا جزرها العديدة ومياهها الاقليمية والاقتصادية الخالصة ، بلد يشكل البحر أحد أهم أعمدته الاقتصادية ، يجرها الحوثي الى القرصنة ضمن سلسلة عمليات التدمير الممنهج التي يقوم بها لهذا البلد .

لماذا كل ذلك يا ترى ؟

إبحث عن الجواب في الدور الموكل لأذرع المشروع السياسي الايراني في المنطقة والذي ستكشف الأيام أن ما يقومون به لا يخدم سوى توسيع النفوذ الاسرائيلي في المنطقة .

--------------

يسجل التاريخ البشري أن "أريحا" في فلسطين هي أقدم المدن المأهولة ، وسيسجل "غزة"(في فلسطين أيضاً) كأهم المدن التي اختبرت فيها مصداقية العالم في تمسكه بالقيم الانسانية في هذا العصر الذي تتحول فيه المستشفيات إلى مقابر جماعية .

العالم أمام محنة لا تقل تعقيداً عما شهدته عصور قديمة ، وكانت سبباً في انهيار حضاراتها حينما أخذت تفقد عوامل وأسباب نشوئها واستمرارها. المضمون الذي توافق عليه المؤرخون هو أن حضارة هذا العصر إنما تستمد قوتها وزخمها من إعادة الاعتبار للانسانية وقيام الدولة الوطنية الديمقراطية ، وحقوق الانسان ، والحريات ، والعدل ، والمساواة، والاخاء ، وتجريم التمييز العنصري ..،

وأن كل ما شهدته من اختراعات وتقدم معرفي وعلمي وتكنولوجي إنما يصب في خدمة الانسان ، ولا ندري ما إذا كانوا قد أغفلوا حقيقة أن هذا التقدم قد بني على معايير تناقضت موضوعياً مع تلك القيم ، وهي معايير القوة والتنافس غير المتكافئ ، وحق القوي في الاستئثار بحاجته من ثروات العالم ، وحقه في انتاج أسلحة الدمار الشامل ، وحقه في إعلان الحروب حينما تواجه مصالحه أي عارض ، وحقه في صياغة النظام العالمي الذي يؤمن عمل آليات هذا النظام لصالح الأقوياء وحدهم .

في قلب هذه المعايير تكمن عوامل وأسباب الانهيارات التي أخذت توسع المساحة بين قيم حضارة هذا العصر والسلوك المراوغ والمفضي في نهاية المطاف إلى العمل من خارجها وعلى نحو يناقض جوهرها .

شكل الموقف مما يحدث في "غزة" ، أحد الكسور التي أصابت منظومة هذه القيم ، ولن يتم ترميمها إلا بحل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً ، وسيكون هذا الحل بمثابة المجس الذي ستقاس به قدرة العالم على استعادة انسانية العصر رغماً عما أحدثته القوة من كسور في قيمه .