منوعات

الأربعاء - 24 ديسمبر 2025 - الساعة 05:41 م بتوقيت اليمن ،،،

نصيب الحارثي


قال تعالى : ﴿إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طُوًى﴾، سورة طه الآية (١٢) الوادي المقدس طوى ،ومن ناحية الواقع الجغرافي والطبيعي، لأن وصف "الوادي المقدس" في القرآن لا يتفق بسهولة مع طبيعة صحراء سيناء الحالية.

أولًا: الواقع الجغرافي لسيناء اليوم ،سيناء المصرية اليوم منطقة قاحلة وشبه خالية من الحياة النباتية ،المطر فيها نادر جدًا، شبه معدوم والزراعة محدودة وضئيلة ومستحدثه فيالعصر الحديث في مناطق صغيرة جدًا مثل العريش الغالب عليها الكثبان الرملية والصحراء الجرداء.

لا توجد أودية خضراء فيها حاليًا، الوادي بالمعنى القرآني (مكان خصب فيه حياة ونبات) لا ينطبق على سيناء الحالية

ثانيًا: هل كانت سيناء قديماً خضراء؟حتى بالعودة إلى الدراسات الجيولوجية قبل آلاف السنين لم يكن في سيناء أنهار أو غابات ،المناخ لم يكن مختلفًا كثيرًا عن الآن، وليس هي كما صوروها لدرجة وجود وادٍ “مقدس” مزدهر بالحياة كما أنه لم يُكتشف أي أثر أو نقش أو موقع ديني قديم يثبت قصة موسى هناك، رغم مئات حملات التنقيب منذ القرن التاسع عشر.

إذن من الناحية الأثرية والطبيعية، لا يوجد ما يثبت أن سيناء كانت مكانًا مقدسًا أو مأهولًا حينها.

ثالثًا: من الناحية اللغوية والجغرافية القرآنية كلمة وادي في العربية تُطلق على: مكان منخفض بين جبلين، يجري فيه الماء ويُزرع، وتكثر فيه الأشجار ،فكيف يكون الوادي "مقدسًا" إذا كان في صحراء قاحلة لا حياة فيها؟

المنطق الجغرافي واللغوي معًا يشير إلى أن الوادي المقدس طوى يجب أن يكون مكانًا ذا طبيعة خصبة وماء دائم
بحسب نظرية اغلب المؤرخين، إن وادي طُوى كان في أرض خضراء زراعية بجنوب الجزيرة العربية(اليمن)
واستشهدا بأن كلمة "طوى, وطور,ما تزالان أسماء لمواضع في اليمن حتى اليوم.

وأن البيئة هناك (جبال + أودية + أمطار + خُضرة دائمة) تتفق تمامًا مع الوصف القرآني.

مثلاً: في محافظة إب وريمة وعتمة ويافع توجد أودية خضراء دائمة، مثل وادي بنا ووادي عنّة ووادي رَغوان ووادي الجنات وغيرها، وكلها تصلح أن تكون مكانًا للوحي والمقدس طُوَى الطيّ والانطواء، أي الانحناء أو الالتفاف أو الألتواء بين الجبال و النقوش السبئية، يُستخدم الجذر بنفس الدلالة: "المنخفض الملتف أو المنطوي"

وسوف يأتي التوضيح لاحقاً بمنشور قادم عن مكان الوادي باب منطقة هو.

وقد ذكر النص التوراتي –في سفر الخروج (الإصحاح 3)
خروج 3 : 1–5 (ترجمة عربية شائعة)
((وأما موسى فكان يرعى غنم يثرون حميه كاهن مديان، فساق الغنم إلى وراء البرية، وجاء إلى جبل الله حوريب،وظهر له ملاك الرب بلهيب نار من وسط عليقة، فنظر وإذا العليقة تتوقد بالنار، والعليقة لم تكن تحترق،فقال موسى: أميل الآن لأنظر هذا المنظر العظيم، لماذا لا تحترق العليقة،فلما رأى الرب أنه مال لينظر، ناداه الله من وسط العليقة وقال: موسى، موسى. فقال: هأنذا ،فقال: لا تقترب إلى ههنا. اخلع حذاءك من رجليك، لأن الموضع الذي أنت واقف عليه أرض مقدسة))

العليقة هي الأشجار الكثيفة والمنطقية المنتشرة بالمكان
اي في الجبل المقدس وجبل الطور في سيناء جبل بركاني اسود قاحل غير قابل للنبات وهو كذلك حتى اليوم وكيف بدت الشجرة التي احترقت حين قال ( إني انست نارا)

جبل حوريب هو جبل موجود في اليمن ولازال بنفس الاسم إلى اليوم وهناك اماكن أخرى ذكرة جبل حوريب.

وحريب في مأرب وجبل حريب وحوراب في تعز وجبل حوريب وحراب في شبوة هنا تعدد الأسماء تدل على أنها ارض مسرح الأحداث الحقيقية ومن جانب آخر (جبل الطور المقدس)

جبل الطور ليس مجرد اسم ديني، بل له صفات جغرافية وطبيعية وروحية مميزة جعلته يُوصف في الكتب السماوية بأنه “مقدّس ،سوف نقوم بتوضيح الصورة بدقة من ثلاث زوايا: جغرافية، جمالية، وتأريخية

أولاً: المواصفات الجغرافية والطبيعية ،الجبل الذي يُسمّى "الطور" في النصوص الدينية ومن خصائص البيئة التي تناسبها:
1- غني بالنباتات والماء

ورد في القرآن: “وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت وصبغ للآكلين”، أي أن الجبل يحتوي على غطاء نباتي زيتي مثل الزيتون وشجرة الاثل والتين وغيرها ، أو ما شابه ذلك من حمط واكل يدل على أن المنطقة خصبة نسبيًا أو فيها ينابيع.

3. جيولوجيًا

الصخور من النوع الجرانيتي أو الرسوبية متماسكة بالطين والمغطاة أو المكسية بالتربة الطينة ، القابلة لنمو النباتات عليه ذات ألوان تميل إلى الأسود الفاتح الطيني أو البني الغامق ،فيها تجاويف وكهوف صغيرة مكان مناسب للعبادة والعزلة.

4- منطقة معتدلة المناخ مقارنة بالصحراء المحيطة أي أنه في نطاق جبلي متوسط الارتفاع، تحيط به أودية خصبة.

ثانيًا: المواصفات الجمالية والرمزية

1. جبل مهيب المنظر ،يصفه المفسرون بأنه “جبل له رهبة وبهاء”، بحيث يشعر الناظر بعظمة خلق الله حين تجلى ربه للجبل جعله دكًّا، أي أن الجبل كان صلبًا شامخًا، مما يعكس قوة وشموخ الشكل الطبيعي.
2. محيطه يحتوي على وادٍ مقدّس ،مثل “الوادي المقدس طوى”، أي أن عند سفحه يوجد وادي منخفض خصب غني بالماء محاط بجبلين أو أكثر، فيه نبات وشجر كثيفه وسكون وسهل لين كي يسلك الإنسان فيه دون عقد أو تعرجات حجرية حادة وبركانية مثل جبل طور سيناء حالياً.

3-والدليل الاكثر وضوحاً هو تعدد الطورات لا نجدها الا باليمن فطور قدس في تعز وطور الباحة في لحج وطور صنه في المعافر وطور يافع في يافع وطور مغارب في إب وطور لقمان في بعدان وطور شكيم في حجه والعديد وقد ذكر الله ذلك (وناديناه من جانب الطور الأيمن) اي يدل على إن هناك أكثر من طور .

مؤرخ / نصيب محمد الحارثي