الصورة تتحدث

الأربعاء - 31 يناير 2024 - الساعة 12:11 ص بتوقيت اليمن ،،،

عدن حرة


تغرق مدينة عدن العاصمة المؤقتة لليمن، والمدينة التي تغيرت أسماء عدد من شوارعها مؤخرا إلى أسماء قادة وشيوخ وأمراء دولة الإمارات والسعودية، في ظلام دامس دون كهرباء منذ أسابيع، جراء نفاد الوقود المشغل لمحطات توليد الطاقة في المدينة.

ومنذ شهر ديسمبر الماضي تعيش عدن نقصا حادا في وقود الديزل والمازوت المشغلين لمحطات توليد الطاقة "الحكومية والمشتراة"، وعلى الرغم من عشرات المناشدات التي أطلقتها مؤسسة الكهرباء في عدن للرئاسة والحكومة، لإنقاذ المنظومة وتفادي توقفها، إلا أن كافة الجهات المسؤولة من حكومة وسلطات رئاسية ومحلية وأمر واقع، تصم آذانها، بل وأن بعضها لجأ لسياسة الهروب إلى الأمام، مع استمرار قيام كل طرف برمي الكرة للآخر وإخلاء مسؤوليته!!

للمرة الأولى تقريبا في تاريخ مآساة الكهرباء في عدن، تشهد المدينة شتاءا قاسيا هذا العام، حيث بلغت عدد ساعات انطفاء التيار الكهربائي عن عدن هذا الشتاء 20 ساعة انطفاء في اليوم الواحد، مقابل 4 ساعات تشغيل فقط، مقسمة على فترتين.

فبالعادة تستغل مؤسسة كهرباء عدن فصل الشتاء من كل عام. لإجراء أعمال صيانة روتينية لمولداتها ومحطاتها التوليدية، استعدادا لفصل الصيف، إلا أن شتاء هذا العام كان مغايرا تماما، وسط تنصل الجميع عن مسؤولياته، بدءا من التحالف العربي الذي ما زال تواجده العسكري "جاثما" على مدن جنوبية محررة، على الرغم من توقف عملياته بشكل كلي في كافة المحافظات منذ عام وأكثر، ومرورا بالرئاسة والحكومة اليمنية التي يتناصفها شماليون وجنوبيون، علاوة على المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يسيطر على عدن ومحافظات مجاورة، فضلا عن السلطات المحلية التي يرأسها محافظ عدن الذي تم ترقيته ليصبح وزيرا في الحكومة التي يتواجد رئيسها ومعظم وزراءها في المنفى.

هذه الأزمات والمشاكل والمعاناة المريرة التي يتجرعها سكان مدينة عدن وباقي المحافظات الجنوبية، وتتراكم يوما بعد آخر، يدفع الكثيرين للتسائل حول "فوائد" تواجد الجنوبيين وأعضاء الانتقالي في الرئاسة والحكومة وباقي السلطات المحلية، إذا لم تكن أولى أهدافهم وأولوياتهم دفع البلاء عن الجنوبيين وتحسين أوضاعهم وتوفير أبسط مقومات الحياة لهم، وهي الأهداف التي ظل هؤلاء يتشدقون بها طيلة سنوات ماضية، ويهتفون لتوفيرها، ويتحدثون باسمها، وصعدوا إلى الكراسي على ظهرها، بينما نجد معظمهم اليوم يدسون رؤوسهم في التراب كالنعام، أو يغردون خارج السرب وبعيدا عن ويلات الناس وأناتهم وأوجاعهم.

"الجنوب يتعرض لمؤامرات خطيرة".. جملة تطلق عادة في كل مرة منذ سنوات من بعض القيادات، ويتداولها ذبابهم الإلكتروني في إطار الحملات الإعلامية الممولة بسخاء لـ"تنويم الناس" وتخذيرهم وإسكاتهم، ومنع أي سخط وغضب شعبي، أو إطلاق جرعة من التغريدات والمنشورات لبيع المزيد من الوهم والتضليل ومنح مواليهم أمل في قرب قدوم الدولة "الموعودة"!!

منذ ما بعد العام 2015، ظلت عدن تعيش عام أسوء بكثير من سابقه، حتى وصلنا اليوم إلى 2024 ونقترب من العقد الأول بالمزيد من الويلات والكثير من المعاناة والأزمات التي تستفحل وتشتد وتيرتها، في ظل تعنت الحكومة اليمنية المتناصفة، وتجاهل السلطات الجنوبية، وصمت التحالف العربي الذي تحول مساره من "إعادة الأمل" إلى مزيد من "البؤس".