عرب وعالم

الجمعة - 08 سبتمبر 2023 - الساعة 06:35 ص بتوقيت اليمن ،،،

العرب


أعلن قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان حل قوات الدعم السريع مباشرة بعد عقوبات أميركية على بعض القياديين في هذه القوات للإيحاء بالانسجام مع واشنطن، أو أنها تدعمه، في وقت زادت فيه عزلة قائد الجيش داخليا بعد خسارة معارك مهمة وانشقاق قادة عسكريين وضباط عن الجيش والتحاق فصائل مسلحة وقبائل بقوات الدعم السريع.

وكشف نائب قائد قوات الدعم السريع عبدالرحيم دقلو الخميس أن العقوبات التي فرضت عليه “غير عادلة.. وقرار مجحف”، وأن “أميركا اتخذت هذا الإجراء دون تحقيق واضح”.

وقالت الولايات المتحدة الأربعاء إن هذه العقوبات جاءت بسبب “أعمال العنف وانتهاكات حقوق إنسان التي ارتكبتها قواته خلال صراعها مع الجيش السوداني”.

وأعلنت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد العقوبات على دقلو، شقيق قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، خلال رحلة إلى حدود تشاد مع السودان لمقابلة اللاجئين الفارين من العنف العرقي والجنسي.

واستغل البرهان الخطوة وسعى جاهدا إلى توظيفها سياسيا بعد ساعات قليلة من الإعلان عنها وأصدر مراسيم دستورية بإلغاء قانون قوات الدعم السريع وحلها بصورة رسمية، متهما إياها بـ”التمرد على الدولة وتورطها في ارتكاب انتهاكات طالت المدنيين”، بالتزامن مع الحرب التي تقودها ضد الجيش.

وقللت قوات الدعم السريع من خطوة البرهان لأنه لا يملك الشرعية الدستورية والقانونية لحلها، فهو من انقلب على السلطة ويمارس صلاحيات ليست من اختصاصاته.

وأراد قائد الجيش التأثير على معنويات جنود قوات الدعم السريع بعد نجاحهم في استقطاب عدد كبير من الضباط والجنود في الجيش السوداني، راجيا أن يغير هذا القرار مواقف بعض القوى الإقليمية والدولية التي تتمسك بالتعامل مع الفريقين على قدم المساواة.

ويواصل قائد الجيش جولاته الخارجية، حيث ذهب الخميس إلى قطر، بعد زيارتين لكل من مصر ودولة جنوب السودان، لإقناع الدول التي يزورها بأنه الحاكم الأول للبلاد.

ويقول مراقبون إن موقف الولايات المتحدة جاء مدفوعا بتقارير أممية حذرت من خطورة انتشار الفوضى في إقليم دارفور، واتهمت عبدالرحيم دقلو وهي تعلم أن الإقليم يعج بانتهاكات من قبل قوات الجيش، كما يعج بالكثير من الجماعات المسلحة التي تمارس أعمال عنف يصعب حصرها.

ويضيف هؤلاء أن العقوبات غير مؤثرة، كما يصعب إثبات التهم الموجهة إلى دقلو، متسائلين إن كانت الإدارة الأميركية ستفرض عقوبات على قيادات في الجيش السوداني بسبب ما يقوم به من جرائم خاصة في دارفور.

ومن الصعب أن يغير فرض عقوبات على دقلو أو قرار حل قوات الدعم السريع موازين الحرب الحالية. وفقد البرهان كل مقوماته السياسية التي أوصلته إلى هذا المنصب منذ انقلابه العسكري على الحكومة المدنية في أكتوبر 2021.

وأكد مستشار قائد قوات الدعم السريع مصطفى محمد إبراهيم في تصريحات إعلامية أن “قرار البرهان لن يؤثر علينا سياسيا أو عسكريا وسنواصل معاركنا ضد الجيش”.

وأشار مدير معهد الدراسات الإستراتيجية والعلاقات الدولية في السودان صلاح الدين الدومة إلى أن قرار البرهان دليل جديد على “التخبط والارتباك اللذين يسيطران على قيادة الجيش، وعدم وجود رؤية واضحة للتعامل مع قوات الدعم”.

وأضاف في تصريح خاص لـ”العرب” أن القرار لم يصدر عن البرهان بشكل مباشر، لكنه يعبّر عن توجهات حزب المؤتمر الوطني المنحل والدولة العميقة التي تدين بالولاء لنظام البشير، وأن صدور القرار بعد خمسة أشهر من بدء الصراع يشير إلى أن الجنرال البرهان بات “مسلوب الإرادة ويعاني من فقدان الوعي السياسي”.

ولفت الدومة إلى أن “مجلس السيادة ليس من سلطاته اتخاذ قرار بحل قوات الدعم السريع، كما أن المجلس لم ينعقد من الأساس لاتخاذ مثل هذا القرار، وحال انعقاده يتوجب عليه أن يرسل مقترحًا إلى السلطة التشريعية (غير موجودة الآن) التي لها الحق في المصادقة على القرار أو تعديله أو رفضه”، مشددا على أن البرهان “يواجه أزمة الاعتراف به كرئيس لمجلس السيادة وحكومته من جانب منبر جدة الذي يعتبره طرفًا في الصراع”.

وأجاز برلمان نظام الرئيس السابق عمر البشير عام 2017 قانون قوات الدعم السريع كقوة مساندة للجيش تأتمر بقانون القوات المسلحة، وتتبع مباشرة رئاسة الجمهورية.

وأجرى البرهان عقب سقوط نظام عمر البشير عام 2019 تعديلات جوهرية على القانون بإلغاء المادة 5 التي تشير إلى أنها قوة محكومة بقانون القوات المسلحة ما جعلها قوة مستقلة عن الجيش.

وأصدر في الرابع عشر من مايو الماضي قرارا بتجميد حسابات قوات الدعم السريع في جميع بنوك البلاد وفروعها بالخارج، وفي التاسع عشر من مايو أعفى قائدها من منصبه كنائب لرئيس مجلس السيادة وعيّن بدلا منه رئيس الحركة الشعبية – شمال، مالك عقار، على الرغم من تجميد الوثيقة الدستورية.