منوعات

الثلاثاء - 11 أبريل 2023 - الساعة 09:46 ص بتوقيت اليمن ،،،

أحمد جمال


تستغرق برامج الترفية والتسلية التي تعرضها بعض الفضائيات المصرية في موسم رمضان الجاري في البحث عن فضائح المشاهير والغوص في حياتهم الشخصية والتنقيب في علاقاتهم الاجتماعية وحياتهم اليومية، حتى تحولت في النهاية إلى برامج سطحية لا تخلو من التمثيل مع إقدام مشاهير على الانسحاب من بعض الحلقات، والأسئلة المثيرة ما يجذب الجمهور للتعرف على ما يدور في حياة هؤلاء.

وتقدم الإعلامية بسمة وهبة برنامج “العرافة وشيخ الحارة” والذي أثار جدلا واسعا خلال السنوات الماضية، بعد أن كان منبرا رئيسيا لعرض فضائح المشاهير، ويُعرض هذا العام على فضائيتين “النهار” و”المحور”.

وأحدث لقاء وهبة مع المطرب محمد فؤاد أخيرا ردودا واسعة عندما شدا بأغنية تأثرت بها المذيعة وانهارت الدموع من عينيها في مشهد بدا تمثيليا أكثر من اللازم.

وتستمر الإعلامية أسما إبراهيم في تقديم برنامج “حبر سري” للعام الثاني على فضائية “القاهرة والناس”، وتقدم الإعلامية منى عبدالوهاب برنامج “أنا والقناع” على فضائية الحياة، وهما من البرامج التي تتطرق إلى ما هو غريب في حياة الضيف لجذب الجمهور.

وتعتمد البرامج الثلاثة على استضافة مشاهير أثاروا الجدل حول قضايا بعينها خلال الفترة الماضية وتقديم تفاصيل جديدة لم تخرج إلى الرأي العام، والأبرز في هذا العام يتمثل في تقديم أكثر من حلقة لفنان واحد والضغط على الضيف للبوح بتفاصيل لا تتعلق بقضايا فنية أو ثقافية أو اجتماعية، وتبرز القناعات الشخصية للضيف حول علاقاته في نطاقه العملي والخاص في محاولة لخلق مباراة إعلامية من خلال ردود الفعل غير المتوقعة على ما يقوله الضيف.

يرى خبراء الإعلام أن انتشار هذا النوع من البرامج يرجع إلى عزوف المنتجين عن تقديم برامج الترفيه التي انتشرت على نطاق واسع في الفضائيات المصرية السنوات الماضية، ولم يعد هناك جديد يمكن تقديمه مع إعادة تدوير المشاهير على هذه البرامج وإعادة إنتاج المحتوى المقدم، وهو ما يدفع نحو تقديم نوعية جديدة ترتكن إلى استخدام كافة الأدوات المباحة مهنيا أو غير المباحة للفت انتباه الجمهور.

ورغم أن البرامج دائما ما تكون حاضرة في رمضان، غير أن التوسع في تقديمها إلى جانب خوضها في تفاصيل العلاقات الزوجية ودخولها مناطق قد تُفسد علاقة الضيف بأسرته، جعل هناك دعوات تطالب بإيقافها بعد أن تحولت من محتوى إعلامي ترفيهي إلى وسيلة لإحداث المزيد من الشروخ الاجتماعية.

وما زاد من إقبال الضيوف ومشاركة نجوم كبار أنها تتدفع مقابلا ماليا سخيا يشجع على قبول الدعوة، كما أن المحطات التي تعرضها توفر لها حملات إعلانية جيدة، ونشاطا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأثارت الحلقة التي استضافت فيها الإعلامية بسمة وهبة مؤدي المهرجانات حسن شاكوش وزوجته وتطرقها إلى زواجه عليها من أخرى دون معرفتها، جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما تكرر مع المطرب سعد الصغير الذي وجد نفسه مضطرا إلى الاعتراف بوجود أبناء لديه في سن صغيرة ثم انسحب من الحلقة.

تشكل هذه البرامج أحد مظاهر انفلات الإعلام المصري لأن برنامج “حبر سري” على سبيل المثال تنتجه مقدمة البرنامج عبر بيع ساعات الهواء التي انتشرت بشكل كبير على الفضائيات الباحثة عن مصادر تمويل لها.

ويحاول القائمون على البرنامج تحقيق ربح مادي جراء دفع أموال طائلة إلى المشاهير للموافقة على الظهور، ليعتمد البرنامج على القيمة المالية التي يقدمها “صاحب البرامج” وليس اسم المذيع الذي يكون له دور في تحسين صورة بعض المشاهير.

قال أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة صفوت العالم إن برامج الترفيه المصرية تحولت إلى “برامج فضائحية” تستهدف بشكل مستمر تشويه صورة الفنان المشهور لجذب الإعلانات، وبعض الحلقات تظهر فيها الأبعاد التمثيلية بجلاء لمنافسة تريندات مواقع التواصل الاجتماعي التي تسيطر عليها الأعمال الفنية.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن مثل هذه البرامج ترسخ ثقافة شعبية تنجذب نحو أسرار العلاقات الزوجية والخاصة، ويرتبط الأمر بإحدى الفنانات أو المطربات، وتبعد الجمهور بقصد أو بدون قصد عن القضايا الجادة والأزمات المحيطة به، وهو ما يساهم في خلق العديد من القضايا الوهمية التي ينشغل بها الرأي العام.

وأوضح أن المواثيق الإعلامية والمهنية التي يتحدث عنها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بمصر تغيب في مواجهة مثل هذه المحتويات المتدنية، وأن ما يحدث ربما يقود إلى فوضى أكبر على المستوى الإعلامي، ويشجع على إقحام المزيد ممن ليست لديهم الكفاءة المهنية والثقافية لمخاطبة الجمهور بعد غلبة العوامل التجارية.

وتجد مثل هذه البرامج متابعات كبيرة وسط غياب أدوات التثقيف الحقيقية التي يمكن أن تساهم في كشف زيف ما يتم تقديمه للجمهور المصري، وتلعب على وتر جذب الملايين من المشاهدات على مواقع التواصل والاستفادة من العوائد المالية، ليبقى وجودها على التلفزيون كأداة ظهور تساهم في زيادة انتشارها على المنصات الرقمية.

وتذهب قطاعات واسعة من المراهقين إلى الأنماط الثقافية التي تقدمها هذه البرامج، وهؤلاء يتواجدون بشكل كبير على المنصات الرقمية ويستحوذون على نسب عالية في إحصائيات المشاهدة، كما أن التجريف الثقافي الذي سمح للمواطنين بالانشغال بالحياة الخاصة للمشاهير يدعم التوسع في تقديم مثل هذه البرامج.

وتعتمد بعض الفضائيات المصرية على برامج “النميمة” لتكون بديلا عن برامج “التوك شو” التي توقف أغلبها في رمضان، غير أن ضعف محتواها واستغراقها في التمثيل والإثارة المفرطة يشيران إلى ضعف المهارات المهنية لمذيعي/ مذيعات ومعدي البرامج الحالية، لأن تقديم برنامج حواري يحقق نجاحا جماهيريا عملية ليست صعبة.

ويؤكد خبراء الإعلام أن غياب البرامج الحوارية التي اتسم بها التلفزيون المصري في التسعينات من القرن الماضي وشكلت أحد عناصر جذب الجمهور في رمضان، يفسر جانبا من الصورة القاتمة التي تبدو عليها البرامح الحوارية الآن.

وكان برنامج “حوار صريح جدا” الذي قدمته الإعلامية منى الحسيني تعبيرا عن الاحتراف والاتقان في الأداء المهني، بجانب الخلفية الثقافية للمشاهير أنفسهم الذين حلوا ضيوفا عليه وعرفوا بآرائهم الجادة عند التعبير عن القضايا التي تهم الناس.

وتنجح خطط المشاهير والمذيعين معا للبقاء ضمن خيارات الأكثر مشاهدة، وهو ما تظهره تريندات مواقع التواصل الأيام الماضية التي حضرت فيها بقوة الإعلامية بسمة وهبة عقب استضافتها للمطرب محمد فؤاد، وتكرر الأمر الأيام الماضية، والتي تصدرت فيها الفنانة رانيا يوسف والفنان أحمد بدير والإعلامي تامر أمين والفنان بيومي فؤاد التريندات بعد تصريحات مثيرة انتشرت على نطاق واسع.