عرب وعالم

السبت - 18 مارس 2023 - الساعة 12:26 ص بتوقيت اليمن ،،،

العرب


دخلت الأزمة السورية عامها الثالث عشر، فيما باتت تلوح في الأفق بوادر محتملة على خروجها من عنق الزجاجة، لتشهد في المرحلة القادمة انفراجات وتسوية سياسية للعملية المتوفقة منذ عدة سنوات.

ومنذ اندلاع الاحتجاجات في سوريا في مارس 2011 حتى نهاية العام الماضي، لم يتوصل أطراف النزاع في سوريا إلى تسوية سياسية.

ولذلك، تسعى دول إقليمية وغربية ومنظمات دولية لإيجاد صيغة مناسبة ترضي جميع الأطراف، ولكن تعدد الأطراف الداخلة في النزاع أخّر عملية التسوية السياسية، وأطال أمد الصراع.

وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من 2023، شهدت الأزمة السورية بعض التطورات الحاسمة التي عززت الآمال بشأن انفراج محتمل في العام الثالث عشر من الأزمة، وكان العنوان الرئيسي نجاح المساعي الروسية لكسر الجليد بين سوريا وتركيا، حيث شهدت العلاقات بين البلدين الجارتين توترا كبيرا على مدار الـ12 عاما الماضية.

ومن المقرر أن يجتمع نواب وزراء خارجية سوريا وتركيا وروسيا وإيران قريبا لتمهيد الطريق لاجتماعات وزيري خارجية سوريا وتركيا لأول مرة منذ بداية الأزمة السورية. وفي ديسمبر، التقى وزيرا دفاع البلدين في موسكو.

ويبدو أن التقارب المحتمل بين سوريا وتركيا أمر حاسم لتسوية الأزمة السورية، حيث إن تركيا تتمتع بنفوذ كبير على الفصائل المسلحة في شمال سوريا باعتبارها أحد الداعمين الرئيسيين للمعارضة.

وهناك تطور إيجابي آخر، لم يكن متوقعا، وهو المصالحة التي جرت بين السعودية وإيران بوساطة صينية، فكلا البلدين إيران والسعودية قوتان إقليميتان، ولاعبان رئيسيان في مجريات الحرب السورية.

وعلاوة على ذلك، ساهم الزلزال المدمر، الذي ضرب سوريا يوم السادس من فبراير الماضي، في كسر الجليد في العلاقات بين سوريا والدول العربية، وخلق ما يسمى بـ”دبلوماسية الكوارث”، حيث شهدت سوريا حركة دبلوماسية نشطة.

ولأول مرة، هبطت طائرات سعودية في المطارات السورية لتوصيل مساعدات إغاثية لضحايا الزلزال. كما زار وزير الخارجية المصري سامح شكري سوريا بعد الزلزال لأول مرة منذ 12 عاما، وأعرب عن دعم بلاده لسوريا.

وشهدت البلاد أيضا دبلوماسية مكوكية مع زيارة مسؤولين من إيران وروسيا ولبنان والإمارات، في إطار الجهود المبذولة لتحقيق تقارب سوري – تركي وتطبيع دور سوريا الإقليمي.

كما زار الرئيس السوري في العشرين من فبراير الماضي سلطنة عمان وبحث مع السلطان العماني هيثم بن طارق العلاقات الثنائية بين البلدين ومجالات التعاون المشترك، بحسب وكالة “سانا”.

واستضاف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأربعاء، بالتزامن مع الذكرى السنوية لاندلاع الحرب السورية، الرئيس السوري بشار الأسد لإجراء محادثات تتناول المصالحة السورية – التركية. وعقد الأسد والرئيس الروسي جلسة محادثات رسمية في الكرملين بحضور وفدي البلدين.

وعلى الصعيد الإقليمي، أكد الرئيسان ترحيبهما بإعلان السعودية وإيران استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، كخطوة تنعكس إيجابيا على المنطقة والعالم.

وقال الباحث والكاتب السوري محمد العمري إنه يمكن الشعور بالمؤشرات الإيجابية محليا وإقليميا ودوليا، مؤكدا أن موسكو تبذل جهودا لإيجاد صيغة وساطة بين سوريا وتركيا، وهو ما سينعكس على المسار السياسي في سوريا.

وقال العمري إن الأثر المدمر للزلزال على سوريا أدى إلى إيجاد بوابات وفتحات أمام بعض الدول للتعاون مع سوريا وإيجاد صيغة للتواصل معها.

وأشار إلى أن الأجواء الإيجابية الحالية يمكن أن تدفع المسار السياسي المتعثر إلى الأمام، مشيرا إلى أن الحل السياسي الشامل يتطلب توافقا دوليا وإقليميا أوسع قائما على التعاون والاستقرار.

وعلى الرغم من أن المؤشرات الإيجابية تشير إلى احتمال حدوث انفراج سياسي في سوريا هذا العام، إلا أن الوضع الاقتصادي لن يكون واعدا وسط العقوبات الأميركية المستمرة التي تخنق قدرة البلاد على التعافي اقتصاديا.

وأشار العمري إلى أن الولايات المتحدة لا تستطيع رفع العقوبات دفعة واحدة، وحتى إذا رفعت الولايات المتحدة العقوبات، فإن تأثيرها لن ينتهي بين عشية وضحاها، لأن الإجراءات الأميركية خلقت “بيئة متصدعة” في سوريا.

وقال “إن العقوبات الأميركية والحصار المفروض على سوريا والسلوك الأميركي الخارج عن القانون من خلال سرقة الموارد الوطنية، من بين أمور أخرى، خلقت وأدت إلى بيئة متصدعة وهشة غير قادرة على البناء في المرحلة المقبلة، وسيكون لذلك أثر كبير في المستقبل على التعليم والصحة والأمن الغذائي في البلاد”.

وقال الخبير والمحلل السياسي أسامة دنورة إنه على الرغم من أنه الوقت الذي تبذل فيه جهودا لتطبيع العلاقات السورية – العربية، إلا أن سوريا لن تتمكن إلا من تحقيق أهدافها المقصودة جزئيا هذا العام، مشيرا إلى أن من المؤكد أن تخفف الاتصالات الجارية من حدة التوتر، وتحل الانكماش السياسي، وتخفض التوتر المندلع في المنطقة العربية.