أخبار وتقارير

الجمعة - 29 سبتمبر 2023 - الساعة 12:23 ص بتوقيت اليمن ،،،

خالد سلمان


يمضي عبدالملك الحوثي في سياسته التي يقدمها للناس على جرعات ، في عملية تغيير شكل الحكم والنظام السياسي في مناطق سيطرته، تحت مسمى مضلل يحمل عنوان التغييرات الجذرية في ما مضمون هذه التغييرات إضفاء الطابع المذهبي لما تبقى من هياكل لم يبسط عليها كلياً بعد، وهي بالمناسبة آخذة بالتضاؤل.

الكفاءة بمفهوم قائد المليشيات الحوثية لا تعني التخصص ولا الخبرة المتراكمة ،بل التوافق بين المعين والمسيرة الإيمانية كما وصفها في خطابه بمناسبة الميلاد النبوي، وهو وصف يخفي وراءه رفع وتيرة أدلجة الحكومة ومذهبتها ، وإعادة رسم هياكل حكم تُدار من فرد واحد يسكن مغارة متنقلة في مران.

هناك عملية مماثلة غبية على النحو الذي يحكم نظام إيران، وبالتالي لا لا أحد يستبعد طبيعة الخطوات التالية للحوثي ،على صعيد خلق هيئات تشبه تلك الموجودة في طهران كهيئة تشخيص وحماية النظام ،ومرشد للثورة وحرس ثوري يحمل مسمى يختلف قليلاً، ولكنه يتفق معه في المضمون كقوات حماية الثورة.

عبدالملك الحوثي كجزء أصيل في مكونه العقيدي ،لا يقول صراحة إلى أين يريد أن يأخذ اليمن ،معتمداً على التقية السياسية ، ولكن مجمل النقلات التي يبشر بها تقود اليمن إلى نظام مذهبي ،يكرس مفهوم السيد القائد المنزه والشعب الأبله القطيع.

تبحث المملكة العربية السعودية عن نظام مستقر ، فهل يمنح شرعنة الحوثي المملكة هذا النظام المستقر القابل للحياة ، بما يمكنها من تأمين حدودها والتفرغ لملفاتها الداخلية؟

تسمية الحوثي حاكماً شرعياً لايوفر الضمانات لأمن جيرانه، حيث السلاح منفلت والقرار متعدد المصادر، والعقلية الصبيانية هي من تصيغ القرارات.

في اليمن لدينا القضية الجنوبية
ولدينا القضية الشمالية بتفرعاتها ومسمياتها المختلفة.

صحيح أن الجنوب يدعو لإستعادة دولته ، والشمال يطالب بتحريره من هيمنة المركز ، إلا أن الإثنين في ظل حكم عنصري لايؤمن بدولة القانون ،يمذهب القضاء وينمط الحياة العامة والخاصة ويجعل من المذهب الأثنى عشري دستوراً للبلاد ، يضرب التنوع وينسف اللُحمة الإجتماعية ، كل هذه السمات بدلاتها الصراعية ، لاتحقق للسعودية فرصة طي ملف الحرب وإنجاز الأمن المنشود ،بل تجعل اليمن في حالة إقتتال ،وبالتالي الداخل السعودي في وضع إضطراب دائم قلق ومستمر .

رهان المملكة على الحوثي بمقاربة سابق علاقة النظام الإمامي مع ملوك الرياض ، غير قابل في هذا الظرف لإعادة الإنتاج ، لقد تغيرت المعطيات والخارطة السياسية والتحالفات ،وبالتالي لايمكن أن تزرع حنظلاً وتنتظر ان يطرح رماناً، أي لايمكن أن تشرعن الحوثي وتأتي بإيران بطموحاتها الإقليمية ،إلى باب دار شبه الجزيرة العربية ، وتنتظر منهما سلاماً.

الحل أن يراهن أولاً الداخل الوطني على قواه ، وأن تأخذ المشاريع المتصادمة فترة إستراحة ،وأن تٰكثف الجهود وتُرص الصفوف لإجتثاث أو حتى إضعاف الحوثي ،ليكون فيها طرفاً مساو لبقية الأطراف ، بما لا يمكنه من التغول وإمتلاك الثلث المعطل أو القوة الوازنة.

ليس من مصلحة الإقليم وتحديداً الرياض ،أن تبني تسوية تختزل جميع الفاعلين في شخص الحوثي ،تنسف الحل المتوازن ، تسقط حق الجنوب والشمال -كلاً من زاوية مشروعه-في التحرر من ثقافة الإستعلاء والحكم بقوة المذهب والغلبة.

دلالة قصف الحوثي للحد الجنوبي قبل أن تجف حبر تفاهمات الرياض ،مؤشر بأن الحوثي لن يكون لورثة عبد العزيز آل سعود الإمام يحي المسيطر عليه ، بل خامئني مران، المضطرب ذهنياً والمهووس سياسياً ،المدجج بقوة عسكرية منفلتة العقال.

من الإقليم الى الجنوب والشمال ،يبقى الحوثي الخطر المشترك.

خطاب عبدالملك الحوثي بالمناسبة النبوية ،في نصفه الثاني هو ذاته خطاب عبدالمجيد الزنداني :

لا للدستور

لا حاكمية إلا لله ، أي لا إنتخابات ولا برلمانات، ولا الشعب هو صاحب الكلمة العليا ،هو سيد مصيره وهو من يقرر ويسن التشريعات.

وإسلامية إسلامية لا شرقية ولا غربية.

والنصف الأول من ذات خطاب سيد الحوثيين ، نسخة من عبدالله العديني:

الحفاظ على الدين من الصهيونية والماسونية ،أي تحت هذا العنوان نشر الرعب وقمع المخالف ،إدعاء الفضيلة وتشكيل فرق التلصص والتعقب الدينية .

مجابهة تدمير الأخلاق الإسلامية عبر المناهج والتعليم المختلط ونشر المثلية، التبرج ، التغريب والفجور.

محاربة الفنون والعمل المدني والأحزاب، وبث الخوف بفزاعة الحفاظ على الجبهة الداخلية، وملاحقة الطابور الخامس.

الطرفان جماعة عبدالملك وخطاب جماعة الزنداني العديني ، يتماهيان ويقودان اليمن نحو دولة دينية لا مدنية، وإن إختلفت مذاهبهما، يمكنهما الإنضواء تحت عباءة واحدة:

تكفير ماعداهما .

الإنشداد للماضي والإنتصار لثقافة التخلف.

تديين السياسة.

إحتكار الحقيقة بإعتبارهما لسان حال المقدس.

مصادرة الحريات ،وإخراج من يعارضهم عن الملة ووصف المجتمع بالجاهلية.

في نقطة ما هما سيتفقان ، فقط الصف المقابل لهما هو من يجيد تعميق في وسطه التآكل الذاتي الداخلي ،بتصعيد الخلاف الثانوي القابل للترحيل إلى الرئيسي، وتسييد خطاب الإفتراق.

كل منهم يحمل جزءاً من كارثة، ومجموع هذه الأجزاء تكِّون بنية كارثية ، داهمت الجميع في غفلة من التاريخ ، إسمها الحوثي.

محمد البخيتي المتدين بما تيسر من الكذب أو كثيره ، وهو يرى نفسه داخل جماعته أنظف الوسخين، في تغريدته يشجب على خلفية ملاحقتهن بالقمع في الميادين ،كل إساءة للنساء ، محملاً من أخطأ خطأه ، داعياً إلى “عدم إقحام النساء في اي معارك سياسية مستغلين أخلاق أنصار الله”!! على حدزعمه. ”!! :

من يطارد النساء بلا أخلاق.

من يسجن إنتصار الحمادي وآلاف النسوة بلا أخلاق.

من يحاول أن يجندهن بالإكراه ضد الخصوم السياسيين ، ويستخدم الفراش والدعارة بفتوى ، وسيلة لإستخلاص المعلومات ، بلا أخلاق.

من يحدد للنساء كيف تأكل وكيف تلبس وماذا تقول، بلا أخلاق.

من يشكك بالنساء بفصلهن في الجامعات وسجنهن بقاعات درس خاصة، كجسم مجذوم وحامل للرذيلة، بلا أخلاق.

كل من يطارد فتاة تحمل علماً، بلا أخلاق.

من يصادر الحريات والخبز، يحطب السلام الإجتماعي ، يعتاش على الجبايات والمحارق، بلا أخلاق.

من يسرق من الأطفال براءتهم، يعيد تأسيسهم في معسكراته الصيفية ،بثقافة الكراهية والقتل بلا أخلاق .

من حزّم اليمن بكل هذه المقابر والجثامين ودور العزاء ،من أجل ثلة موبوءة تحكم ،بلا أخلاق.

أخلاق أنصار الله كما زعمت يامحمد البخيتي، إنهم بلا أخلاق.

ذات صحوة سيضع كل الناس نقطة سطركم الأخير، يقلبون الصفحة ويعيدون لسويتهم المثخنة بالنزف الإعتبار .

لايمكن لنشاز الحقيقة وشواذها ، أن تغدو على حامل القمع حقيقة.

عندما نصل إلى قناعة انه خطر مزدوج على الشمال والجنوب ، حينها نستطيع أن نهزم الحوثي.