عرب وعالم

السبت - 25 مارس 2023 - الساعة 07:38 ص بتوقيت اليمن ،،،

العرب


يثير البطء في تشكيل حكومة جديدة في الكويت نقاط استفهام كبرى، في ظل الأزمة التشريعية التي تشهدها البلاد على خلفية قرار المحكمة الدستورية بإبطال مجلس الأمة 2022 والعودة إلى المجلس السابق.

وتقول أوساط سياسية كويتية إنه لا يمكن البحث عن مخارج حقيقية لإنهاء الأزمة في ظل حكومة تصريف الأعمال الحالية، معربة عن استغرابها من صمت القيادة حيال الأزمة المستجدة.

وتواترت ردود الفعل النيابية منذ صدور حكم المحكمة الدستورية الأحد الماضي. ووجه النواب بمختلف توجهاتهم ومشاربهم الفكرية والسياسية جملة من الرسائل، تنتظر ردا حكوميا من أجل وضع إطار لحل الأزمة وإنهاء حالة الضبابية التي تلف المشهد الحالي.

وكان ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، الذي يتولى جزءا مهما من صلاحيات أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، قد كلف في الخامس من مارس الجاري الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر بتشكيل حكومة جديدة.

وكان من المنتظر أن يتم الإعلان عن هذه الحكومة خلال الأيام الماضية لكن قرار المحكمة أعاد خلط الأوراق مجددا، وتم تأجيل الإعلان إلى أجل غير واضح في ظل الضغوط النيابية المتصاعدة التي تطالب بالإفراج عنها.

ويوجد إجماع بين النواب العائدين بشأن ضرورة العودة إلى الشعب وإجراء انتخابات جديدة، لكن هناك خلافات بينهم حيال التفاصيل، حيث يتبنى فريق مؤلف من سبعة وعشرين نائبا إقرار حزمة من التشريعات الجديدة قبل المضي في الاستحقاق، ومن بينها تشكيل هيئة عليا للانتخابات، في المقابل يصر فريق آخر على رفض عودة مجلس 2020 وممارسة صلاحياته.

وتقول الأوساط إن أي خطوة لحل الأزمة الراهنة تقتضي بالضرورة تشكيل حكومة، حيث أن أي إجراء يتخذ من قبل حكومة مستقيلة يحمل في طياته مخاطر إبطال جديد لأي مجلس تشريعي قد يشكل.

وطالب النائب أسامة الشاهين رئيس الوزراء بالظهور وإعلان موقفه وردة فعله تجاه حكم المحكمة الدستورية بإبطال مراسيم الحكومة بشأن حل مجلس الأمة، وأيضا المزاعم بوجود تزوير في الانتخابات الماضية.

وقال الشاهين في تصريح بالمركز الإعلامي لمجلس الأمة “إني أتابع بقلق بالغ واستياء عارم صمت الحكومة رغم مرور أيام على حكم للمحكمة الدستورية أبطل مراسيم هذه الحكومة وألغى انتخاباتها وأعدم إرادة وتعبير المواطنين عن اختياراتهم الديمقراطية، وأحدث ضجة وهزة وصدمة لها آثار سياسية واقتصادية واجتماعية وقانونية، ورغم ذلك هناك صمت حكومي مطبق فلا فعلَ ولا قول”.

وتساءل الشاهين “ألا يستحق المواطن الذي تشكل الحكومات وتنتخب البرلمانات من أجل خدمته وحماية حقوقه توضيحا من هذه الحكومة؟ ألا تستحق الأمة مصدر السلطات جميعا بيانا وموقفا من هذه الحكومة؟”.

وأضاف أن صمت الحكومة امتد إلى اتهامات بوجود تزوير واسع وعارم لإرادة الأمة، مبينا أن هذه الادعاءات والمزاعم لم تكن موجودة في الأشهر الخمسة الماضية، ولكنها تظهر الآن بشكل مريب بعد حكم المحكمة الدستورية.

واعتبر أن هذه الادعاءات تصل إلى وجود تزوير بآلاف الأصوات في انتخابات أشرف عليها القضاء وأدارتها الحكومة بالآلية ذاتها التي تمت فيها الانتخابات طوال عقود ماضية.

ورأى الشاهين أن هذه الاتهامات خطيرة وتمثل، إذا صحت، جرائم جنائية وجرائم أمن دولة مغلظة، مستغربا وجود صمت حكومي وعدم إبداء أي ردة فعل تجاه هذه الادعاءات ما زاد المواطن استياء وحيرة وإحباطا.

وجاء قرار المحكمة الدستورية بعد الاطلاع على عشرات الطعون المقدمة من نواب سابقين وسياسيين، أشاروا في طعونهم إلى “مخالفات دستورية” شابت عملية الإعلان عن حل البرلمان قبل شهرين من انتخابات سبتمبر الماضي، وأخطاء أخرى خلال العملية الانتخابية.

وتتعلق الطعون بعدم صحة العملية الانتخابية ومراسيم الدعوة للانتخابات ومرسوم حل مجلس الأمة الذي أصدره ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد نيابة عن أمير البلاد.

وهذا البطلان هو الثالث في تاريخ الحياة البرلمانية في البلاد بعد بطلان مجلسي فبراير وديسمبر 2012.

وشدد الشاهين على ضرورة أن تبادر الحكومة وتبين موقفها تجاه ما حدث من إلغاء لبرلمان وإرادة شعبية وتجاه اتهامات طالت الديمقراطية (التي هي نظام الحكم في الكويت).

ويزيد صمت الحكومة الحالية، التي تحولت منذ يناير الماضي إلى حكومة تصريف أعمال، وعدم الإعلان عن حكومة جديدة من إرباك المشهد في الكويت، ويرى متابعون أن ردود فعل النواب على هذا الصمت ذات وجاهة.

ويشير المراقبون إلى أن هناك حاجة ملحة اليوم لتشكيل حكومة جديدة، من أجل حسم أحد المسارين لحل الأزمة، فإما تولي المجلس العائد إقرار قوانين جديدة تسد الثغرات التي أدت إلى إبطال مجلس 2022 ومن ثمة الدعوة إلى انتخابات، أو الذهاب مباشرة إلى انتخابات، وهذا ينطوي على مخاطر كبيرة.

ولا يتضمن الدستور الكويتي مهلة محددة لتشكيل حكومة، ويرى متابعون أن صمت القيادة والتروي في إعلان الحكومة الجديدة قد يندرجان في سياق البحث عن تصورات للخروج من الأزمة الراهنة.

ويحذر البعض من أن إطالة عملية التشكيل من شأنها أن تكون لها تأثيراتها السياسية وحتى الاقتصادية والاجتماعية، حيث أن حكومة تصريف الأعمال الحالية لا تملك ترف اتخاذ القرارات الكبرى.

وسمحت إدارة الفتوى والتشريع الكويتية لوزارة الخارجية باتخاذ قرار التنقلات للدبلوماسيين والإداريين قبل نهاية مارس الجاري، وعزت ذلك إلى توافر صفة الضرورة والاستعجال.

وقالت الإدارة في كتاب للوزارة إن نقل أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي إلى الديوان العام يقع ضمن القرارات التي يسوغ دستورياً لوزير الخارجية إصدارها أثناء فترة مباشرة حكومة تصريف الأعمال العاجلة مهامها.

ونقلت صحيفة “النهار” المحلية عن الإدارة أن الأمر يصبح أوجب “في حال استكمال مدة عملهم بالخارج 8 سنوات تطبيقاً لنص المادة (26)”.

وأشارت إلى أن ذلك يقتضي حتما تعيين من يحل محلهم في البعثات الدبلوماسية والقنصلية، وهو الأمر الذي يكسب صدور قرار التنقلات قبل نهاية مارس سمة الضرورة والاستعجال.

وفي يناير الماضي قدمت الحكومة الكويتية استقالتها بعد ثلاثة أشهر فقط على تشكيلها. وكان يرأسها الشيخ أحمد النواف، ابن أمير البلاد.

وهذه ثالث حكومة يشكلها ابن أمير الكويت منذ تعيينه رئيسا للوزراء في أغسطس الماضي. كما أنها سادس حكومة تشكل في الكويت في غضون ثلاث سنوات، إذ استقالت الحكومات السابقة إثر مناكفات سياسية. وكانت الحكومة السابقة قدمت استقالتها في أكتوبر إثر يوم واحد من تشكيلها بعد أن رفض النواب التركيبة الوزارية.