قالت مصادر لبنانية إن مشاركة المرشح الرئاسي اللبناني ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية السبت في احتفالات إحياء الذكرى الـ33 لاتفاق الطائف بدعوة من السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، تمهد لدعم سعودي محتمل قد يدفع به إلى قصر بعبدا.
ورغم أن الانتخابات الرئاسية في لبنان استحقاق داخلي إلا أن الدول الوازنة والمؤثرة في الساحة اللبنانية لها تأثيرات هامة على انتخابات الرئيس اللبناني القادم.
ولم تتضح إلى حد الآن التوجهات السعودية أو الأميركية والفرنسية في دعم أي من المرشحين، إلا أن استدعاء السفارة السعودية لفرنجية ومشاركته في احتفالات الطائف مؤشر يعزز ما ذهبت إليه أوساط بأن الرياض قد تدفع به إلى رئاسة لبنان.
وفي أكتوبر 1989 وقع مسؤولون لبنانيون اتفاق الطائف في السعودية، الذي أنهى 15 عاما من الحرب الأهلية، ونُقلت بموجبه بعض صلاحيات رئاسة الجمهورية إلى مجلس الوزراء، وأضحت مراكز السلطة توزع مناصفة بين المسيحيين والمسلمين، ووفق توزيع طائفي.
ويحمل حضور فرنجية المؤتمر أبعادا سياسية وانتخابية صرفة، رغم نفي رئيس تيار المردة أن يكون حضوره في علاقة بانتخابات الرئاسة في لبنان.
وأكد فرنجية في تصريحات إعلامية أنه جزء من اتفاق الطائف ويدعمه، في وقت تطالب أوساط لبنانية داخلية بضرورة تغيير النظام السياسي في البلاد لأن ما نتج عن اتفاق الطائف انتهت أسبابه وبالتالي لم يعد يتماشى مع الواقع اللبناني الجديد.
ويعكس تمسك فرنجية باتفاق الطائف رسالة مباشرة للرياض بأن ما تمخض عن الاتفاق لن يتم المساس به أو الانسياق وراء دعوات التغيير التي تقف وراءها بعض الأطراف السياسية.
وتلبي هذه الإشارة جزءا هاما من مطالب السعودية، إلا أن ذلك قد لا يكون كافيا لاستمالة الرياض التي تطالب بشدة بكبح جماح حزب الله وتقييد سيطرته على القرار اللبناني السيادي.
وداخليا يشكل طرح فرنجية كرئيس للجمهورية طمأنة لأفرقاء عدّة مثل الحزب التقدّمي الاشتراكي وتيار المستقبل الذي تجمعه برئيسه علاقة ممتازة وحركة أمل وللمستقلين المسيحيين، لما يحتفظ به فرنجية من علاقات جيّدة مع الدول العربية والغربية لاسيما روسيا وفرنسا وهذا ما تجلى في ترشيحه من قبلهم جميعا عام 2016، ما سيسهل تمرير اسمه كمرشح جدي للرئاسة.
ويُمكن لأيّ اسم آخر يُطرح أن يُشكّل حالة تصادميّة، لكن بوجود إجماع محلي وعربي ودولي فإنّه من السهولة لسليمان فرنجية أن يَصل بأكثريّة نيابيّة مَقبولة إلى رئاسة لبنان.
وشدد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي السبت خلال مشاركته في إحياء ذكرى اتفاق الطائف على أن السعودية لم تترك لبنان وهي إلى جانبه، مؤكدا أن “اتفاق الطائف له أهمية قصوى” باعتباره “ركيزة أساسية لإنهاء الحرب الأهلية في لبنان قبل نحو 30 عاما”.
وأضاف ميقاتي “لهذا اليوم رمزية مهمة جداً (…) والحضور الكبير هنا يشير إلى تثبيت مضامين اتفاق الطائف الذي لا يزال الأصلح للبنان”.
ومن جهته لفت البخاري إلى أن “مؤتمر اتفاق الطائف يعكس اهتمام السعودية وقيادتها بالحفاظ على أمن لبنان ووحدته واستقراره”.
وقال في كلمة له خلال المؤتمر “نحن في أمسّّ الحاجة إلى تجسيد صيغة العيش المشترك والحفاظ على هوية لبنان وعروبته”.
وأضاف البخاري “فرنسا أكدت لنا أنه لن تكون هناك أي نية أو طرح لتغيير اتفاق الطائف”.
ومؤخرا، اتهم مسؤولون لبنانيون الرئيس السابق ميشال عون حليف جماعة حزب الله بأنه حاول “الانقلاب” على اتفاق الطائف من خلال توقيع مرسوم قُبيل انتهاء ولايته يقضي باستقالة حكومة تصريف الأعمال برئاسة ميقاتي.
وفي المقابل، يؤكد محللون مقرّبون من الرئيس اللبناني المنتهية ولايته أنه “مارس صلاحياته الدستورية، وأن المشكلة تكمن في أن اتفاق الطائف لم يطبّق بشكل كامل”.
ووفق خبراء فإن أبرز البنود التي لم تطبق هي “إلغاء الطائفية السياسية”، و”إنشاء مجلس شيوخ” و”اعتماد اللامركزية الإدارية”.
ويخيّم على الأوساط القانونية والسياسية في لبنان خلاف بشأن تولّي حكومة ميقاتي لصلاحيات الرئيس، لأنها بحكم المستقيلة بموجب الدستور منذ إجراء الانتخابات التشريعية في مايو الماضي، لتتولى منذ ذلك الوقت مهامّ تصريف الأعمال إلى حين تشكيل حكومة جديدة.