كتابات وآراء


السبت - 29 أكتوبر 2022 - الساعة 03:10 ص

كُتب بواسطة : محمد الثريا - ارشيف الكاتب



لماذا لم تدن موسكو بصفة خاصة ورسمية العملية الإرهابية التي إستهدفت ميناء الضبة أسوة بنظرائها الدوليين؟

أستطيع القول وبالنظر إلى طبيعة الموقف الروسي في ملف اليمن عامة، وإلى منحى التحركات الأخيرة التي تقوم بها موسكو خاصة، أن تحاشي الروس موقف الإدانة لعملية إستهداف الضبة قد كان موقفا متوقعا إلى حد كبير؛ ولكن لماذا؟

أتذكر انه سبق وأشرنا أثناء التعليق يومها على تلك العملية بأن الملف اليمني وعلى غير العادة قد تحول إلى منصة مواتية لحرب رسائل سياسية تمارس على المستوى الدولي وليس المحلي والاقليمي وحسب كما السابق، ولذلك قلنا حينها أن الطرف المقصود ( غير المباشر ) من تلك العملية لن يصمت طويلا أو يذعن سريعا لمبتغى رسالة الاستهداف تلك، وأن المشهد قد يتأزم كثيرا جراء ذلك التوجه الدولي المستجد .

كانت البداية من تصريحات المبعوث الأميركي قبل أكثر من شهر بشأن خطط واشنطن الجديدة الخاصة بإدارة وحل الصراع باليمن بصورة مختلفة، لتثار حفيظة الروس على إثر التصريحات الأميركية فيعلنون بوضوح عن رغبة المشاركة في حل النزاع ولكن بطريقتهم الخاصة ايضا، ويتم بعدها بالفعل تأكيد تفعيل الدور الدبلوماسي لموسكو بوتيرة أعلى وأوسع تشمل تكثيف اللقاءات والجلوس مباشرة مع مختلف الأطراف المحلية .

خلال تلك الفترة أيضا أعلن ناطق الحوثيين أثناء زيارته لموسكو عن دور روسي مرتقب، كما أشار مغازلا التحالف إلى إمكانية الإتفاق حول حفظ المصالح المشتركة لكل منهما، قاصدا جماعته وقطبي التحالف .

وفي الحقيقة أن هناك الكثير من التصريحات والمؤشرات التي أطلقت إستباقا خلال الفترة القليلة الماضية في مهمة التمهيد لحدوث تحول نوعي في إدارة ملف اليمن، حيث ظل تفسيرها آنذاك غامضا ومرتبط بما يليها من تطورات ينتظرها مشهد الداخل .

وهنا سيبدو في تقديري أن ما بتنا نشهده مؤخرا من تحولات ووقائع داخلية متلاحقة ليست بالأساس سوى ترجمة حية لحالة إحتدام حقيقي يعيشها حاليا صراع المصالح الدولية الممتد، كما لايمكن أيضا تفسير ذلك التطور وفي أضعف إحتمالاته بأقل من مقدمة إنفجار موقف دولي في ملف اليمن عائد بالأصل لواقع تباين الرؤى الدولية بصفتها الواقع المحرك لخلافات الأطراف الإقليمية بل ولأدوارها بالداخل اليمني عموما .

ختاما، أود التنويه إلى أنه بدلا من إعلانها بيان إدانة حول العملية الإرهابية التي نفذها الحوثيون، فضلت روسيا عقب ذلك مباشرة إعلان دعمها إنضمام السعودية لمجموعة بريكس، ولعل مسببات ذلك الإعلان كثيرة وترتبط مباشرة بتطورات الظرف الدولي الحالي .

غير أنه لايمكن بصورة مطلقة نفي وجود علاقة محتملة للأمر بمحاولة إستثمار سياسي مفترض لواقعة معينة في اليمن مثلا، وإستكمالا لرسالة سياسية سابقة بثت من هناك، لاسيما وأن عملية الإنضمام تلك تتطلب إجتماع وموافقة كامل أعضاء المجموعة المناوئة لهيمنة أميركا على القرار الدولي، وليس الإعلان الروسي وحده كافيا لاتمامها، كما أن قرار الرياض غير المعلن حتى الأن هو من يحسم الأمر بشأن تلك الدعوة .

محمد الثريا