كتابات وآراء


الأحد - 11 سبتمبر 2022 - الساعة 10:04 م

كُتب بواسطة : محمد الثريا - ارشيف الكاتب



كان من الواضح أن سابقة إقحام مفردة ( الكيانات المساندة لمجلس القيادة) في بيان وزراء خارجية دول الخليج في دورته ال153 قبل يومين لم تكن إشارة عفوية، وأن الأمر حمل بالفعل تلميحا سياسيا مقصودا !

من المعلوم أن مجلس القيادة الرئاسي يمثل الكيان السياسي المجسد للشرعية والمستهدف الوحيد لعملية الدعم الكامل والمباشر من قبل التحالف، وبما يعني حينها أن لاسند قانوني يبرر أي عملية دعم أخرى منفصلة، وإن كانت تستهدف أحد مكونات مجلس القيادة وضمن الاطراف الموالية للتحالف ..

فما الذي دفع إذن إلى حضور عبارة "تأكيد البيان على دعمه الكامل لمجلس القيادة والكيانات المساندة له" في ثنايا خطاب رسمي موجه للمجتمع الدولي، وليس في جوف خطاب خاص موجه لأعضاء مجلس التعاون وقوى الداخل اليمني؟

إجابة ذلك السؤال ستظهر مكمن قوة الدلالة السياسية لتلك العبارة، إضافة إلى دلالة قدومها من بوابة مجلس التعاون الخليجي وهي ذات البوابة التي تولت مهمة إخراج مجلس القيادة الرئاسي للعلن ورعت مشاورات الرياض سياسيا، وهو التطور الجديد الذي بات يحكي قصة توجه مختلف نوعا ما لقيادة التحالف باليمن، فمعطى إدخال المظلة الخليجية على خط التحولات السياسية باليمن قطعا له مدلول سياسي خاص ناهيك حين يتصل الأمر بحسابات مستقبلية تتعلق بتغيير مسارات رؤى الحل لدى مشهد الصراع باليمن .

وبالعودة الى موضوعنا فبإعتقادي أن جميع خطوات التحالف وخطاباته القادمة ستتبنى دبلوماسية التمهيد لواقع مابعد الحرب والسير بنفس خطى الأمم المتحدة وهي الإعتراف بواقع الارض أو بالأصح العمل على إرساء واقع جديدا قبيل عملية تأطيره سياسيا، وإلى ذلك فان ماجاء في البيان الخليجي ليس إلا أولى تلك الخطى .

وفي تقديري كذلك سيتضح قريبا أنه كان تحولا سياسيا مدروسا ويمضي بخطاب سياسي متدرج يبرر جميع منعطفاته واقعا.

فمن منظومة رئاسة شرعية واحدة إلى منظومة قيادة رئاسية بشرعية متعددة إلى كيانات سلطوية منفصلة ولكل منها شرعية جيوسياسية خاصة به ( وليست بالضرورة شرعية دستورية طالما نتحدث عن مسارات الحل القادمة على وقائع الصراع ).
وبهكذا متوالية يتأثر بها واقع الارض تتشكل حيئذ مناطق النفوذ الإقليمي تحت غطاء التحولات السياسية الشرعية المقابلة لشرعية الكيان الحوثي الممنوحة تحت غطاء الجهود الأممية لتحقيق السلام، والمؤكد بدوره على منطقة نفوذ إقليمي أخرى تشكلت على إثر واقع سلطته المسيطرة هناك .

وهنا أود لفت الإنتباه الى مسألة مهمة وهي أن ثمة فرق كبير بين مصطلح كيان ومكون وكذا إلى دلالة ومناسبة إستخدام كل منهما، فمكون سياسي تظل - في رأيي - أكثر إنتماء لطبيعة التحول السياسي المتمثل بمجلس القيادة الحالي وأقل وقعا سياسيا لحظة الحديث عن تأثيرها خارج حدود المجلس المنتمية إليها لاسيما وأنه مصطلح يتصل بسلطات النظام السياسي القائم ومؤسسات الدولة التابعة له .

بينما كيان مساند مصطلح أكثر عموما، وبالتالي أكثر إنعزالا عن واقع خطوة التحول وأقل إلتزاما وإرتباطا فيما يتعلق بإستحقاقات حفظ الوحدة الدخلية لمجلس القيادة ومبدأ التوافقي السياسي المشكل لقوامه السلطوي وبالتالي تجسيده للدينمو المحرك لنجاح خطوة التحول السياسي الأخير، حيث يعرف الكيان بأنه الجغرافيا ذات الحكومة المقابلة، أما من منظور توماس هوبز في كتابه لوياثان يفهم الكيان السياسي على أنه المنطقة ذات السيادة .

من هنا تمت المفاضلة بين اللفظين والإقحام المقصود حين جسد بيان الوزراء خلالها رغبة قيادته وتوجهها السياسي القادم عبر مفردة ( الكيانات المساندة ) .

وبالمناسبة، سيبدو وفق ذلك التوجه غير المعلن أنه لم يعد من الضروري أن يحظى أي عمل عسكري أو سياسي بموافقة مجلس القيادة، إذ سيكفي حينها فقط تنسيق قيادة الكيان المعني مع قيادة التحالف مباشرة ويتم تنفيذ العمل، ولعل ما يحدث على الواقع الأن يؤكد لنا صحة ذلك .

محمد الثريا