كتابات وآراء


الأربعاء - 07 سبتمبر 2022 - الساعة 01:09 ص

كُتب بواسطة : د. طه حسين الروحاني - ارشيف الكاتب



الساعة الرابعة مساء كنت في طريقي الى فندق حياة عمان لمقابلة رئيس الوزراء عبدالقادر باجمال اثناء تواجده في العاصمة الاردنية عمان وترأسه لوفد كبير رفيع المستوى ضمن اعمال اللجنة اليمنية الاردنية العليا المشتركة،

كان قبلها بيوم قد حدثني احد الزملاء ان الوفد اخذ ثلاثة طوابق في فندق حياة عمان الجديد والاكبر والافخم في عمان وان جناحين كاملين لرئيس الوزراء وثالث لمكتبه وحاولت ان امتص غضبه وابرر له ان الضيافة ربما تكون على حساب الحكومة الاردنية لكن كلامه ايضا اثر فيني قليلا،

المهم وصلت ساحة الفندق وكانت الاجراءات الامنية مشددة جدا وحدثت نفسي باستغراب عن هذا التواجد الامني ثم اعطيت موظف "الباركنج" مفاتيح السيارة لتوقيفها وسألته بصوت منخفض "شو في؟" اجابني مباشرة رئيس الوزراء اليمني نازل هون، تبسمت برضا وكأني انا رئيس الوزراء،

توجهت لبوابة الفندق وقطع طريقي ضابط امني كبير سلم علي باحترام واكملت معه دقائق لاخذ الاسم والاطلاع على الهوية والتأكد من صحة الموعد ثم رحب بي ودخلت مباشرة الى لوبي الفندق وقد زادت ابتسامتي اكثر،

اثناء دخولي لمحت السفير جالسا في احد صالونات اللوبي وبجواره امير العيدروس ومعهما اثنان مدراء من وزارة التخطيط لا اتذكرهما ثم لوح لي السفير بيده وجلست معهم بعد السلام وتحدثنا كثيرا ولم يسألني السفير عن موضوع الزيارة لكنه عندما عرفني على امير العيدروس مدير مكتب رئيس الوزراء وقال له هذا هو الدكتور طه استنتجت انه يعرف،

في الصالون المقابل يوجد عدد من الوزراء يتحدثون ويراجعون اوراق ويدونون عليها وكان من بينهم كما اذكر عدنان الجفري والمرحوم عبدالله الدفعي وراجح شيخ وحولنا صالة استقبال واسعة ممتلئة بالنزلاء والسياح والموظفين والخدمات والحراسات الامنية المدنية ولم يكن اللوبي هادئا كثيرا،

وسط هذا كله فجأة هدأت الاصوات وفي لحظة واحدة وقف الجالسون على الصالونات ووقفنا معهم ونظر كل من في الصالة الى منطقة واحدة وعرفنا ان رئيس الوزراء نزل يتقدمه عدد من موظفي مكتبه وخلفه ايضا عدد آخر بالاضافة الى المرافقين الاردنيين واليمنيين الامنيين،

اقترب بكاريزما الزعماء الى جوارنا وطلب من السفير ان يأتي معه ومن مدير مكتبه ان يعتذر عن مواعيد الليلة ولم اكن قادرا على تذكيره او الحديث معه لكثرة من كان حوله، ونصف الموجودين يسألون من هو هذا الرجل ؟ والنصف الاخر يجيب بصوت رئيس الوزراء اليمني، وكنت اسمع كلمة "اليمني" وارى هذه الهيبة كانها بردا على قلبي،

المهم خرج رئيس الوزراء بعد انتظاري له اكثر من نصف ساعة وعدت بخفي حنين وفي طريق العودة كلما تذكرت كلام صديقي امس راجعتني نفسي بالموقف المهاب والمشرف واحترام وتقدير الاردنيين لليمنيين الذي حدث قبل دقائق في لوبي الفندق،

وصلت البيت وسألتني زوجتي عن اللقاء فأجبتها انه اسرع لقاء في العالم ثم حكيت لها القصة وبعدها بثلاث او اربع ساعات تلقيت اتصال من رقم غريب من خمس خانات تقريبا يقول لي ان دولة رئيس الوزراء كان في ندوة في المنتدى العربي او هكذا اتذكر الاسم مع الرئيس علي ناصر محمد وان شاء الله اللقاء قائم غدا كما هو في نفس الموعد والمكان وحضرت وتم اللقاء،

وفي اللقاء تم التوجيه الى وزير المالية بعمل استمرارية دراسات عليا لعدد من خريجي البكالوريوس ورفض تمديد لعدد آخر من المتعثرين الا بعد عرض من الملحقية الثقافية وموافقة وزير التعليم العالي وهذا ما تم في لقاء آخر معه في صنعاء،

اشتقت لتلك الدولة بهيبتها وخبرتها وتحمل مسؤولياتها وفسادها ان كان ذلك فسادا ولا انسى وهو يوجه السفارة ومكتب اليمنية وفرع المؤتمر برعاية حفل الوحدة في عمان واشراك المبتعثين على حساب الجمعيات الحضرمية في السعودية ويسألني عن انتظام صرف الملحقية لرواتب الطلبة،

نعم اشتقت لتلك الدولة بحجم قادتها الكبار ولك يا صنعاء ويا عدن كما كنتما، ولتلك الايام وذلك الزمن الجميل، واشتقت اليك يا عَمّان يا درة المدائن والجمال، ورحم الله دولة الرئيس عبدالقادر باجمال في ذكرى وفاته الثانية،

د. طه حسين الروحاني