كتابات وآراء


الخميس - 25 أغسطس 2022 - الساعة 02:25 ص

كُتب بواسطة : محمد الثريا - ارشيف الكاتب



منذ أكثر من أربعة أعوام والمناطق المحررة تشهد مواجهات عسكرية بين القوى الموالية للتحالف وعلى مدى تلك الفترة لم يتمكن أيا منها من إزاحة الأخر، أو بالأحرى كانت خلالها لقيادة التحالف الكلمة العليا في الحيلولة دون تمكن أحدهما من الأخر، وأن تراوح دفة تلك المواجهات مكانها طوال ذلك الوقت دونما السماح بحسم الأمر لصالح طرف بعينه .

دفعت متغيرات الظرف الدولي الاخيرة الى بروز الحاجة نحو إعادة ترسيم مصالح الكبار في اليمن، لتلتقي في ذات الوقت مع حاجة قيادة التحالف الى إيجاد مخرج مقبول لها من دوامة الصراع اليمني وبما يحفظ معه مصالحها هي الاخرى هناك، وهو التحول الذي سوف ينعكس لاحقا في صورة تحركات عسكرية تنتمي كثيرا لواقع الصراع، وتركز اكثر على مناطق الطاقة وخطوط تأمينها .

وبالفعل حينما أدت خطوة تشكيل مجلس القيادة مهمة توفير الغطاء السياسي للتحركات العسكرية تلك، بدا لاحقا أن جميع خطوات إعادة السيطرة قد أتت مدروسة ومدعومة من قيادة التحالف وحلفائها الدوليين، ولعل معطى الزيارات واللقاءات التي عقدها السفير الاميركي خصوصا تلك التي على مستوى الداخل بعيد الاعلان مباشرة عن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي باليمن قد مهد كثيرا الطريق امام خارطة المصالح المعدلة هناك، وطبيعة أدوار اللاعبين المحليين خلالها، قبل أن يشي ذات المعطى تاليا أنه بمثابة طواف الوداع لمرحلة تقرر طي صفحتها وشارة البدء لمرحلة تحولات داخلية برعاية خارجية وملح سياسي مختلف .

عدا انه وفي خضم تلك التحولات الطارئة لازال يغيب كما يبدو عن قيادة الانتقالي بصفته المكون السياسي الابرز في الجنوب ووسيلة التحركات العسكرية الحالية الى جانب قوات العمالقة مبدأ أهمية الحرص على ممارسة دبلوماسية الاحتواء اثناء التعامل مع المكونات والشخصيات الجنوبية المناهضة لتوجهات الانتقالي، بل وسيبدو من غير الفطنة ايضا لدى تلك القيادة إغلاق الباب امام ريع جهود إحتواء بقية التشكيلات العسكرية التي أتت عليها ريح التغيير .

وسنجد ان اهمية تقديم تلك الدبلوماسية ربما تستوجب فعلا على قيادة الانتقالي جعلها اليوم خيارا إستراتيجيا وليس تكيكيا لاسيما حين تتيقن تلك القيادة ان التحولات التي اتت في صالحها اليوم إنما هي نتاج متغيرات طارئة، وأن مسألة حدوث متغيرات أخرى معاكسة تظل أمرا واردا ولو بعد حين، وهو ما ينبغي أن يدفع سبيلا الى ضرورة تصرف الانتقالي في الوقت الحالي بنوع من المرونة والكياسة بهدف جلب الاخر المناهض طواعية الى جلبابه بدلا من مخاطبته بلغة المنتصر برياح الغير وبالتالي توسيع دائرة خصومه وتعزيز مواضع ضعفه، والنتجة خسارة نقاط كانت في متناول اليد .

وبإعتقادي ان استمرار غياب الحكمة عن قيادات إنتقالية رفيعة اثناء محاولة تشخيصها واقع المتغيرات الاخيرة، وكذا اثناء طريقة مخاطبتها لخصومها انطلاقا من قراءات قاصرة لتحولات المشهد قطعا سيضعها لاحقا في وضعية غير مطمئنة، كما انه يخلق لها حاليا تصدعات داخلية لاحاجة اليها البتة وخصوصا في مسعى تطبيع اوضاع مناطق سيطرتها وفقا للمتغيرات الجديدة، ومع ذلك نرى ان الكرة لازالت في ملعب الانتقالي لتصويب خطابه وتقييم اداء منتسبه في مهمة استدراك الاخطاء ومراجعة المواقف المزهوة بحثا عن المصلحة العامة وأملا بتبديد اجواء التوتر والخلاف مع الاخر .

محمد الثريا