كتابات وآراء


السبت - 20 أغسطس 2022 - الساعة 02:57 ص

كُتب بواسطة : محمد الثريا - ارشيف الكاتب



قبل حرب أوكرانيا وبروز أزمة إنهيار أسواق الطاقة بسبب إستمرار تلك الحرب كانت الأنظار في ملف اليمن تتجه غالبا إلى الأهمية العسكرية لورقة مأرب، أما الأن وبعد أن ألقت الحرب الأوكرانية بضلالها على ملف الصراع باليمن فقد برزت الأهمية الإقتصادية لمناطق النفط والغاز باليمن، وجعلت منها ضرورة تحضى بإهتمام الكبار وتفكيرهم على حساب جدوى الأهمية العسكرية لمأرب وليس بطبيعة الحال الأهمية الاقتصادية للمدينة .

هذا الإهتمام المستجد ربما سيفسر لك معطى التحول المفاجئ والذي كان برأيي سببا مهما وراء تحول الوضع في شبوة مؤخرا وتطورات أخرى متوقعة على مستوى مناطق الشرق النفطية باليمن .

كما سيتبين لك أيضا في هذا السياق الدور الذي لعبته الهدن في تسهيل حدوث ذلك التحول، وإرسائه واقعا ملبيا لحاجة الخارج الطارئة في المقام الأول .

التصور أدناه طرحته في فبراير 2022 بشأن مسار السلام باليمن، وكان حينها الأقرب لولا تحولات الظرف الدولي آنفة الذكر، ومع ذلك أرى أن قرار التجميد التوافقي لن يفقد ورقة مأرب أهميتها المحورية، إذ قد يلجأ إلى تفعيلها كخيار إستراتيجي في أي وقت، إنما بالتاكيد ليس في الوقت الراهن .

التصور :
"من الواضح أن طريق المفاوضات القادمة يمر عبر مأرب !!

كان التوقيع على إتفاق استوكهولم بين الحكومة الشرعية والمتمردين الحوثيين بوساطة الأمم المتحدة في ديسمبر 2018 ممكنا فقط لأن الحوثيين في ذلك الوقت كانوا في موقع دفاعي في ساحة المعركة، وكانوا يعتقدون أنهم يمكن أن يستفيدوا من المفاوضات، وهو ما تحقق بالفعل حين تمكن الحوثيون لاحقا من ضمان السيطرة على الحديدة والإحتفاظ بالأهمية الجيوستراتيجية للمدينة الساحلية تلك .

ولذلك فإن الشرط الأساسي لإستئناف محادثات السلام اليوم هو حدوث تحول واضح في الميزان العسكري لصالح القوات الحكومية .

ونظرا لأن الجهة التي تسيطر على مأرب ستكون في وضعية مريحة ولها اليد العليا في المفاوضات فقد إشتد الصراع على المدينة .

لايكترث الحوثيون لطبيعة التمثيل السياسي للأخرين أثناء الدخول في المفاوضات بقدر إكتراثهم وتركيزهم على دخولها وهم يمتلكون ميزة التفوق العسكري، ولعل ذلك يفسر كثيرا السبب وراء رفضهم دعوات السلام قبيل حسم أمر مأرب الإستراتيجية لصالحهم أولا" ..

كان ذلك التصور مطروحا بقوة حتى وقت قريب، لكن ماهو تصور اليوم، وما الذي استجد؟

يعيد الكبار رسم خارطة مصالحهم باليمن إستجابة لمتغيرات الظرف الدولي الطارئ، ويحدث أن يتم اللجؤ الى إستراتيجية إعادة إنتشار عسكري بصبغة مختلفة وفق معطى خارطة المصالح المعدلة، وهو أمر طبيعي في قاموس حفظ المصلحة وضمان حيويتها .

واقعا، سنجد أن ما جرى ويجري مؤخرا بالمناطق المحررة لايتعدى كونه إستبدال منظومة حماية محلية بأخرى أكثر قبولا ومواتاة حين تتماهى كثيرا مع وقائع الصراع، ولن يكون الأمر هذا مستغربا ولا مستنكرا طالما سيأتي تحت مظلة انفاذ الشق العسكري من اتفاق الرياض، وإتساقا مع بند إعادة هيكلة القوات المسلحة المتوافق عليه بمشارات الرياض الاخيرة .