أخبار وتقارير

السبت - 02 ديسمبر 2023 - الساعة 02:11 م بتوقيت اليمن ،،،

كتبه أ. د. عبدالله بن عبدالله عمر


من أروع ما قيل في لحج

لحج يا نغمة أصيلة
عانقـت لحنـي الأصيل:

كلمات الشاعر محمد حسين الدرزي - رحمه الله وأسكنه فسيح جناته- الرجل الوقور ذو السمت الهاديء
وجمال القصيدة وسموها يحكي جمال شاعرنا أناقته، وحسن أخلاقه.

والذي أظهر عشقه للحج وحبّه لها في ترانيم قصيدته هذه الهادئ مثل هدوئه تعرّفت عليه وأُعجبتُ بهيئته ونمط حياته، كانت الابتسامة تملئ وجه، تری في وجه ملامح شخصية فذة محترمة تجبرك علی احترامها وتوقيرها.

والله إنّ محياه الطيب لا يفارق خيالي وأنا أقرأ أبيات؟قصيدته.

و حين علمنا أنّ له هذه القصيدة الجيلة الرائعة التي يتغنی فيها بالأم الحنون لحج أحببنا أن ننشرها ونذيلها بتعليق يسير علی عجالة.

يقول شاعرن محمد حسين - رحمه الله:

لحج يا نغمة أصيلة
عانقـت لحنـي الأصيل

لحج يا كلمة جميلة
تحضن المعنى الجميل
أنت مهد المعرفة
والظلال الوارفة
والهوى الشافي العليل
إنْ غبتَ بالجسم عنش
ما اعتقد روحي تغيب
أنتِ إلهامـــي ومنش بستمــد فنـي العجيـب

لحج يــا مرتع صباي
بــاش تنسيني ضنـاي
لا متى دمعـي يسيـل

لحج يا نغمة أصيلة
عانقـت لحنـي الأصيل

يبدأ الشاعر قصيدته بنداء لحج من غير أداء نداء، وهنا تظهر بلاغة حذف حرف النداء ، إذ أعطت المطلع نغمة سلسة خفيفة علی السمع.

لحج نغمة أصيلة، أثبت الشاعر لمحبوبته لحج الأصالة. عانق لحنه الأصيل لحج الأصيلة في ناسها في هوائها وفي أرضها ذات النسيم العليل.

ففي الأصيلة استعارة مكنية شبّه لحج بإنسان يعانق ثم حذف المشبه به الإنسان ورمز له بالمعانقة، وتتجلی بلاغة الاستعارة في لفظ المعانقة التي تلتزم القرب والود، المعانقة التي تكون بعد اشتياق ولوعة، فما يُعانق إلا محب مغرم متيم، ضامئ من الفراق فلحج أصيلة واللحن أصيل فصحّ العناق،عناق الأصالة.

وقوله: لحج يا كلمة جميلة

تحتضن اللحن الجميل
فلحج كلمة وليست أي كلمة بل جميلة، وهي وعاء للمعنی الجميل، و في تحتضن استعارة مكنية شبّه الشاعر لحج بحضن، و لا تحتضن إلا المعنی السامي الجميل.

وقوله:
أنتِ مهد المعرفة
والظلال الوارفة
والهوی الشافي العليل

فجمع للحج لها صفات الحسن كله، فهي نغمة أصيلة، ولا تعانق إلا ما هو أصيل، وهي منشأ المعرفة الأول للناس، ثم عاد الشاعر ليكمل وصف لحج فقد جعلها جنة فيها الظلال الوارفة وفيها الهوی الذي يُعلل يتكرر التمتع به.

وفعلًا كانت لحج في ظل السلطنة العبدلية ظلال لكثرة الأشجار فيها والهوی، وهي كما وصفها القمندان:

نسيم البرود نسنس علی الروضة وقع يومًا مشهود
وصف لطيب العيش أيام السلطنة.

ولم يقتصر الشاعر علی وصف لحج بما تحلّت به من محاسن بل تطرق إلی ما يعانيه من البعد بالجسم عنها، فإنّ روحه لا تغيب. إن غاب جسمه.

ولحج هي مصدر إلهام الشاعر ومنها يستمد إبداعه وفنه الجميل.

وفي المقطع الأخير يرجع الشاعر بعضًا من ذكرياته وأيام طفولته وصباه وشبابه التي عاشها في لحج.

فيقول:
لحج يا مرتع صباي
يناديها بأنها الأرض التي لعب ونشأ بها وترعرع، فهي تسليه وتنسيه الضنا فإلی متی سيظل دمعه يسيل؟
وفي تكرار لحج دلالة علی امتلاك لحج كل نفس من أنفاسه، بل هجمت علی فؤاده حتی كرّر ذكرها في أكثر من بيت.